آرشیو
آمار بازدید
بازدیدکنندگان تا کنون : ۱٫۹۶۵٫۳۴۵ نفر
بازدیدکنندگان امروز : ۷۲ نفر
تعداد یادداشت ها : ۲٫۰۸۴
بازدید از این یادداشت : ۲۵۹

پر بازدیدترین یادداشت ها :
کتاب غرر الأدلة تأليف متکلم نامدار معتزلی، ابو الحسين بصري (د. ۴۳۶ ق) تا قرن ها در اختيار متکلمان معتزلی و امامی و زيدی و اشعری بوده و از آن نقل های بسياری در کتاب ها باقی مانده گرچه امروزه ظاهرا از وجود نسخه ای از اين کتاب خبری نيست. از مشهورترين کسانی که از اين کتاب نقل کرده اند بايد ابن الملاحمي، فخر رازي، سديد الدين حمصي و ابن ابی الحديد (به ويژه در تعليقه اش بر المحصل فخر رازي و همچنين در شرح نهج البلاغة) ياد کرد. سال ها پيش مجموعه ای از اين نقل ها را به منظور بازسازی اين کتاب گردآوردم که اينک بخش اول آن تقديم می شود.
از مهمترين منابع نقل از کتاب غرر ابو الحسين، کتاب الاحتراس عن نار النبراس الطاعن في قواعد الأساس تأليف عالم زيدی يمن، إسحاق بن محمد بن قاسم العبدي (د. ۱۱۱۵ ق) است که مدت ها در هند زندگی می کرد. او در اين کتاب تصريح می کند که نسخه ای از غرر را در مکه ديده بوده و از آن نقل های متعددی در اين اثر آورده که در ذيل می بينيد. پس اين کتاب دست کم تا آخر سده يازدهم و اوائل سده دوازده موجود بوده. اين اميد وجود دارد که نسخه آن جایی در يمن و يا در کتابخانه های عربستان سعودی يافت شود. همچنين دو نقل از غرر را در پايان بر اساس کتاب شفاء الأوام تأليف الأمير حسين بن بدر الدين، عالم زيدی سده هفتم قمری يمن آورده ايم.


نقل ها
از کتاب الاحتراس عن نار النبراس:

وكذا أبو الحسين البصري قد ذكر ذلك في غرر الأدلة وأزاح كل علة، ولقد رأيت هذا الكتاب بمكة المشرفة في أيدي جماعة يدعون المعرفة، فما رأيتهم تنبهوه لشيء من دلائله، ولا تفطنوا لنكت مسائله، بل قصارى أمرهم النظر في أوائله مع عدم الشعور بحاصله، وفي المعتمد له -أي أبي الحسين- ما يغني اللبيب في هذا الأصل، فلا أدري أين يذهبون عن ذلك، وكيف يغفلون أو يتغافلون عن تلك المسالك، وقد نقل الرازي أكثر كلام أبي الحسين من جميع مؤلفاته الأصولية والكلامية بل ربما مال في الكلام إلى مذهبه كما لا يخفى على من نظر كلاميهما في الإلهيات وغيرها، وكذا الشيخ محمود الخوارزمي المعروف بابن الملاحمي تلميذ أبي الحسين مصرح بهذا، وقد نقل الرازي أيضاً كثيراً من أقواله في كتبه الكلامية

... ثم نورد نكتة تلحق بالمضحكات وهي مما أورده أبو الحسين البصري في كتابه غرر الأدلة وقد ذكرها الرازي في المحصل عن الصاحب إسماعيل بن عباد رحمه الله تعالى ونقل ذلك سعد الدين في شرح المقاصد عن الصاحب أيضاً ونقله اللقاني أيضاً في العمدة شرح الجوهرة عنه أيضاً وهي أنه قال ما حاصله: يا عجباه من قوم سمعوا قوله تعالى: ثم قالوا: هو تعالى الذي أوجد الإعراض فيهم وأراده منهم، وسمعوا قوله تعالى: ثم قالوا: هو تعالى الذي أوجد منهم الاستهزاء وأراده تعالى، وسمعوا قوله عز وجل: ، و و، و، و، ، ثم قالوا: هو تعالى الذي صرفهم عن الإيمان وخلق فيهم الإفك والكفر ولبس الحق بالباطل وصدهم عن السبيل وحال بيهم وبين الإيمان إلى آخر ما قاله، فمن شاء فليراجع.

قد سبق لنا ما ينهدم به هذا البنيان ولكنا نزيده هنا إيضاحاً يغني معه عن اخبر العيان فنقول: أولاً قد كرر المعترض الاحتجاج على خصومه بما جاء عن أهل نحلته وذلك لكمال غباوته وجفاء طبعه وغفلته، فإن خصمه يقول ما رواه البيهقي في المدخول مدخول بما رواه أبو الحسين البصري رضي الله عنه في المدخل أيضاً وهو كتابه الذي سماه غرر الأدلة وتارة بالمدخل عن الحسن بن أبي الحسن البصري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لعنت القدرية على لسان سبعين نبياً، قيل: وما القدرية يا رسول الله؟ قال: قوم يزعمون أن الله تعالى قدر عليهم المعاصي وعذبهم عليها)). انتهى. فإن قال المعترض: إن أبا الحسين البصري رضي الله عنه وكذلك الحسن بن أبي الحسن رضي الله عنهما كلاهما من أهل هذه البدعة فلا يقبلان فيما يقويها. قيل له: كذلك البيهقي ورزين كلاهما من أهل بدعتكم فلا يقبلان فيما فيما يقويها بل هما أشد ابتداعاً ودعاءً إلى بدعتهما لأن البيهقي صنف كتاباً في القدر وجل أحاديثه من هذا الباب ومثله رزين كان داعية وحينئذ لا يحمد المعترض جواباً فيقال: .



... عدم الفرق بين الممتنع لذاته والممتنع لغيره فلم يفرقوا بين امتناع الظلم مثلاً للحكمة وبين امتناعه في نفسه واستحالته لذاته ولا شبهة أنه ممكن في نفسه وإن كان ممتنعاً من الحكيم تعالى، ومثل هذا قد جرى للمعترض وغيره ممن قبله من الأشاعرة المتشبثين بشبهة العلم في الجبر حيث لم يفرقوا بين امتناع الفعل لسبق العلم بعدم وقوعه بين امتناعه واستحالته في نفسه. الثاني: أنهم أعني النظام والأسواري ومن تبعهما ظنوا أن القادرية على الشيء تستلزم صحة وقوعه على كل وجه ومحل تقدير فجعلوا كل مقدور واقعاً أو صحيح الوقوع بمحل اعتبار وهذا الغلط مما قد وقع فيه المعترض أيضاً كما سيأتي عند الكلام على قول المؤلف رحمه الله تعالى: فإن الله على كل شيء قدير...إلخ، بل قول المعترض هنا فإن إلها لا يقدر على كل شيء...إلخ إشارة منه إلى هذا المعنى أي لو كان قادراً على كل شيء لكان هو المؤثر في أفعال العباد فمن نفى تأثيره تعالى فيها فقد نفى قادريته تعالى على كل شيء بزعم المعترض فجعل القادرية على الشيء مستلزمة لوقوعه على أنه قد ناقض هذا أيضاً فيما سيأتي إن شاء الله تعالى على قول المؤلف رحمه الله، فإن كان الأول حيث قال المعترض: لا خفاء أن كون الشيء مقدوراً إنما يستلزم إمكانه والإمكان لا يستلزم الوقوع بشهادة العقل والنقل هذا لفظه، فاعتبروا يا أولي الألباب، والنظام والأسواري ومن تبعهما إنما وقعوا في ذلك من حيث إفراطهم في التنزيه، ولكلامهم عند اللبيب نوع توجيه وقد رد عليهم أصحابهم المعتزلة بما لا نطول بإيراده وأحسن من أجاد في رد مذهبهم بأبلغ عبارة الشيخ أبو الحسين البصري رحمه الله تعالى في غرر الأدلة، وأما الشيخ أبو القاسم الكعبي فقال: إن النظام تاب عن هذه المقالة وهو أحس بحال النظام، فقوله قول حذام.



وأما أبو الحسين البصري فأورد في كتابه غرر الأدلة برهاناً آخر فقال ما نصه: دليل آخر وهو لو كان في الوجود قديمان مثلان قادران لأنفسهما لم يتميزا من الواحد لأنه ليس يستبد أحدهما نصفه ومقدور ليس للآخر ويستحيل عليهما المكان فيقال: إن مكان أحدهما غير مكان الآخر، وإذا لم يتميز عن الواحد لم يكن فرق بين وجود الثاني وبين عدمه وصار الإخبار عن وجوده عبارة لا معنى تحتها، فصح أن القديم واحد. انتهى.



... ما أورده الشيخ أبو الحسين البصري رحمه الله في كتابه غرر الأدلة، عن الحسن البصري عليه رضوان الله، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن سيد الأولين والآخرين محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام أنه قال: ((لعنت القدرية على لسان سبعين نبياً قيل: وما القدرية يا رسول الله؟ قال: قوم يزعمون أن الله قدر عليهم المعاصي وعذبهم عليها)). انتهى.



الشبهة الثانیة: ما زعمه بعضهم من أن قوله تعالى: [البقرة:۳۱]، تكليف للملائكة لما لا طاقة لهم به، وكذا قوله تعالى: [البقرة:۲۳]، وسقوط ذلك ظاهر باعتراف سعد الدين في (شرح المقاصد).
وقال أبوالحسين البصري في كتابه (غرر الأدلة) بعد إيراد مثل هذا عنهم ما نصه: والجواب أن ذلك ليس بتكليف، وإنما هو تقرير عليهم عجزهم وقصور علمهم بالأشياء وأنه هو العالم بكل شيء دونهم، ولهذا قال: [البقرة:۲۳]، ولهذا لم تكن الملائكة عاصية لما لم تخبر بالأسماء. انتهى.


............ قدس الله روحه في الجنة قد رد على الجويني والرازي هذا الكلام أي قولهما: إن العباد يعلمون بالضرورة عند ظهور المعجزة أن الله تعالى قصد بها تصديق المدعي رداً مؤسساً على القاعدة المسلمة عند جميع العقلاء وهي أنه لا يتصور أن الفرع يعلم بالضرورة ولا يعلم الأصل إلا بالاستدلال فلا يجوز أن يعلم بالضرورة أن الله تعالى قصد باظهار المعجزة تصديق مدعي النبوة وهو تعالى لا يعلم إلا للاستدلال اتفاقاً، وإلا جاز أن نعلم بالضرورة أن زيداً بنفسه بنا مسجداً ونحن لا نعلم زيداً نفسه إلا بالاستدلال وهو محال عند جميع العقلاء............ أنه يستلزم أن يكون الشيء معلوماً حال كونه مجهولاً وهو جمع بين النقيضين وسيأتي قريباً مزيد تحقيقه إن شاء الله ............ على من أنكر كوننا المؤثرين في أفعالنا بالضرورة، وقال رحمه الله: إن استدعى العقلاء للفعل من العبد وتطلبهم له منه بالحيلة والتلطف الحامل له على أن يفعله، ثم محدهم له على فعله وذمهم على تركه إن لم يفعله أو فعل ضده دون ذمهم له على سواده وقصره إلى غير ذلك، أدل دليل على أنهم يعلمون باضطرارهم أنه هو المؤثر فيه لاغيره من المؤثرين لأنهم قد علموا باضطرار جنس مدحهم وذمهم له عليه وكذلك استدعائهم وطلبهم له منه بالحيطة اللطيفة التي تحمله على المساعدة على أن يفعله وذلك كله فرع علمه الضروري بأنه هو المؤثر فيه والموجد له إذ لا يتصور علمهم الفرعي باضطرار وعدم علمهم الأصل باضطرار أي لا يجوز أنهم يعلمون بالضرورة حسن هذا المدح وما بعده من الأمور المذكورة ونحوها مما هو فرع لتأثير العبد في فعله وهم لا يعلمون بالضرورة هذا الأصل الذي كونه هو المؤثر فيه والموجد له من العدم، هذا حاصل ما اراده أبو الحسين بل بعضه لفظ كتابه (غرر الأدلة) وهو كلام كما تراه يتجه غاية الإتجاه على هذه القاعدة المسلمة وإنما ذكرناه هنا استطراد الأمر ما فافهم المقصود والذي يقتصي منه العجب في ما نحن فيه هو تغافل إمام الحرمين والإمام الرازي عن هذه القاعدة كما أشار إليه الإمام صاحب الغايات قدس الله روحه مع أنهما قد تنبه لأكثر الحقائق ونبه على كثير من الدقائق، وقد قال الرازي في المحصل ما نصه: تنبيه اتفقوا على أنه لا يجوز العلم بالأصل كسباً وبالفرع ضرورياً وإلا فعند وقوع الشك في الأصل يحصل الشك في الفرع فيصير الضروري غير ضروري هذا خلاف. انتهى، فها هو ذا قد صرح بأنهما قد خالفا هذا الذي قال: إنهم -أي الجميع من العقلاء- اتفقوا عليه ولو كان لهما خلاف فيه لذكره كما يذكر الخلاف في كثير من المواضع التي لا يترتب عليها غرض مهم.


وهم قالوا: إن السواء كل السواء لم يحصل إلا في خلقه، وكم فيه من سيئات مكروهة له تعالى، ولعباده الصالحين إلى غير ذلك مما يحير العقول السليمة، وإذا انتهى التحاكم إلى السنة، وجدناها أحاديث عند العدلية تدل على أن المجبرة هم القدرية كما أورده أبو الحسين البصري في غرر الأدلة مروياً عن الثقات عندهم، وأورد شيئاً من ذلك صاحب الغايات وغيره، وأحاديث أخرى عند المجبرة ليس فيها صرحة الأحاديث التي أوردها العدلية من المعتزلة وغيرهم، وإنما غاية ما في بعضها أن القدرية هم المكذبون بالقدر، وهي في غاية القلة، وليس لها قوة غيرها من الأحاديث، وقد اجتهد المعترض في إيراد ما يقوي شبهتهم فلا يقدر على غير ما مر بما فيه من الكلام، لكن الانصاف اطراح الجميع من هؤلاء وهؤلاء، والرجوع إلى ما وقع الاتفاق عليه، وقد وقع الاتفاق على أن القدرية مشابهون للمجوس

وقال السمرقندي في الصحائف ما لفظه: والبرهان على هذا المطلوب عسير وليس في كتب القوم ما يعتد به وقد سنح لنا برهان حسن، ثم أورد هذا البرهان في الكتاب المذكور وهو قريب مما ذكره أبو الحسين رحمه الله أعني المنقول آنفاً عن غرر الأدلة وقد أورده تلميذه الشيخ محمود بن الملاحمي وذكر نحوه سعد الدين في شرح المقاصد وجعله من جملة وجوه عشرة عاشرها السمع، ومنها أن الواحد كاف ولا دليل على الثاني فيجب نفيه وإلا لزم جهالات لا تحصى مثل كون كل موجود نبصره اليوم غير الذي كان بالأمس ونحو ذلك، ثم أورد سؤالا وجواباً فمن شاء راجع ما ذكره في الكتاب المذكور



وقد أعرب عن مقصودهم أبو الحسين البصري في كتابه غرر الأدلة حيث قال فيه ما نصه: واحتج النظام فقال: لو قدر الله على الظلم لصح منه إيجاده، ولو صح منه إيجاده لصح أن يدلنا ذلك على الجهلة والحاجة؛ إذ الظلم دليل على جهل فاعله أو حاجته، ولو صح أن يدلنا على ذلك لصح كونه محتاجاً أو غير عالم؛ لأن الدليل لا يدل على ثبوت الشيء إلا والشيء ثابت على حد ما دل الدليل عليه، فصحة الدليل إذا لا بد معه من حصوله. انتهى، وهو كما تراه من الابتناء على الحسن والقبح عقلاً والهدم لمذهب الجبر فرعاً وأصلاً.



وإن كان بناء منك على أنهما أي ضراراً وحفصاً منفردان أيضاً عن الأشاعرة بمذهب آخر وأنهما يثبتان فرقاً بين ما كان من الأفعال في محل القدرة وبين ما كان خارجاً عنه بحيث أن الأول يكون أثراً للفاعل من العباد دون الثاني فغلط محض وخطأ فاحش يكذبه الواقع بل يكذبه جميع الأولين والآخرين من العلماء العارفين بمذهب ضرار وحفص ورسوخ قدميهما في الجبر وتعطيل العباد عن التأثير في شيء مطلقاً بل نقول: إنك أنت لو تعقلته لاعترفت بأنه غلط وخطأ فاحش وسيأتي لنا قريباً إن شاء الله تحقيق هذا البحث على وجهه. ثم نقول: من أين علمت أن أبا الحسين البصري يقول بأن أفعال العباد واقعة على سبيل الوجوب وامتناع التخلف وهو من كبار المعتزلة القائلين بأن العبد مختار في أفعاله اختياراً تاماً بل هو من أشد المعتزلة في هذا المعنى حتى أنه ادعى الضرورة بذلك وكان من أجلدهم على تأييد معنى الاختيار من العبد في أفعاله الاختيارية وأشدهم في تضليل الجبرية والقائلين بالإيجاب من الفلاسفة يعلم ذلك كل من عرف كتبه، فلو قال بالوجوب المذكور لم يكن معتزلياً على الإطلاق. فإن قلت: أليس الإمام الرازي قد نسب في نهايته هذا المذهب إلى أبي الحسين. قلت: الهوى يعمي ويصم، فإن الرازي لما عرض له الهوى أعماه عن نصوص أبي الحسين وأصمه عن الالتفات إلى أقواله التي رفع بها عقيرته لكل ذي أذنين فغلط عليه هذه الغلطة المشهورة وهي في كتب المعتزلة المتأخرين مسطورة عن الرازي مأثورة، وإنما وهم من عبارة لأبي الحسين فيها مجال لصاحب الملاوذة فحفظها عليه بطريق المؤاخذة ثم بنى عليها الجبال الرواسي وفرع عنها ما هو أشد من جز المواسي حتى قال في نهايته: وأنا شديد العجب من أبي الحسين وغلوه في الاعتزال مع غلوه في الجبر، فإنه ذهب إلى أن العباد محدثون لأفعالهم ضرورة مع قوله بأن الداعي موجب للفعل فلا يفعل الفعل إلا لداع والداعي ضروري من جهة الله تعالى، وإذا كان كذلك فالفعل من جهة الله لا من جهة العبد فإنه تعالى فعل ما يوجبه فيلزم أبا الحسين أن يكون مجبراً ويكون كلامه متناقضاً، قال: ومثل هذا لا يخفى على أبي الحسين، ثم قال: وعندي أنه يذهب إلى الجبر لكنه يتستر من أصحابه. هذا كلامه، ثم إنه ذهب إلى هذا المذهب الذي توهمه من أبي الحسين وتكلف في إرجاعه إلى الجبر غاية التكلف وقال بتأثير العبد في أفعاله على سبيل الوجوب وامتناع التخلف بل جعل ذلك شبهة في تجويز القبيح على الله ونفي الحكمة بناء على أنه عز وجل إذا كان هو الموجد للداعي الموجب للفعل القبيح فليس تعالى بحكيم بالمعنى الذي زعمت المعتزلة، هذا مراده الذي أشار إليه في المحصل في مسألة كونه تعالى واجداً وجعل هذه الشبهة في معرض الجواب عن السؤال المشهور وهو ما يقال أنه يجوز أن يكون الإلهان حكيمين فلا يحصل التمانع والاختلاف وكان مؤدى جوابه بهذه الشبهة أنا لا نسلم جواز الحكمة من الإله لأنه هو الذي يخلق الداعي في العبد فلا يجوز أن يكون حكيماً تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً، فانظر إلى أين بلغت به نظره الباطل ومكابرة الحق إنا لله وإنا إليه راجعون. وعلى هذا فقد لاحت منه لائحة الهوى والغرض وفاحت عنه فائحة الغوى والمرض......... جعل هذا الرمي والنبز لأبي الحسين بالغلو في الجبر مع الغلو في الاعتزال تستراً عن أصحابه المجبرة وصيانة لنفسه عن أن يرموه بالضلال في متابعته لأبي الحسين فيما قال من تأثير العباد في الأفعال وإلا فما أظنه يخفاه أن هذا الذي رمى به أبا الحسين ليس مصيباً بحال من الأحوال. أما أولاً فهو يعلم أن الوجوب الذي يستلزم الجبر هو وجوب التوليد ووجوب المعلول عن علته التامة ولا يقول أبو الحسين ولا أحد من المعتزلة أن فعلاً من أفعال الله تعالى يولد فعلاً من أفعال العبيد أو أن فعلاً من أفعاله تعالى علة تامة لفعل بعض العبيد ومن زعم أن أحداً منهم يقول بهذا المستلزم للجبر الشديد فهو إما جبار عنيد أو جبري عتيد فالوجوب الذي رآه الرازي في كلام أبي الحسين هو وجوب الاستمرار العادي وهو لا ينافي كون العبد مؤثراً في فعله على سبيل الصحة والاختيار الحقيقي ولهذا قال أي أبو الحسين في كتابه غرر الأدلة ما نصه: ولك أن تقول إن الفاعل هو الذي يحدث الفعل على سبيل الصحة إلى آخر كلامه وفي هذا الكتاب كثير مما يكذب رمي الرازي له بالجبر أعظم إكذاب بل لو لم يكن فيه إلا هذه العبارة لكفت عند ذوي الألباب فكم بين قوله فيها إن العبد هو الذي يحدث الفعل على سبيل الصحة وبين ما نسب إليه الرازي ومن قلده من الخصوم حيث زعموا أنه يقول بأن ذلك على سبيل الوجوب وامتناع التخلف كما صرح به المعترض.وأما ثانياً فلأن أبا الحسين قد يطلق الداعي على ما هو أعم من الإرادة وليست من جهة الله تعالى عند المعتزلة وحينئذ فلا يلزمه الجبر أصلاً بل لا يلزم الوجوب الذي زعمه خصومه أيضاً إذ لا معنى للقول بأن الإرادة توجب المراد بطريق التوليد ولا يقول به أحد.
وأما ثالثاً فإذا كان الداعي عنده أعني أبا الحسين عبارة عن علم الفاعل بأن في الفعل مصلحة كما هو الظاهر للا يلزمه الجبر ولا الوجوب المذكور أما عدم لزوم الجبر فلأن العلم قد يكون متولداً عن النظر كما عرفت وكلما كان كذلك كان من فعل العبد الناظر لأنه متولد عن فعله لا عن فعل الله تعالى وعلى هذا فليس الداعي من جهة الله على الإطلاق فلا يلزم الجبر وهو ظاهر. وأما عدم لزوم الوجوب فلأن مجرد العلم باشتمال الفعل على المصلحة لا يوجب وقوع الفعل ولا يؤثر فيه وإنما يؤثر في ترجيحه والحكم بأولوية وقوعه وليس كلما وقع ترجيح الفعل وتحصل الحكم بأولوية وقوعه وجب وقوع الفعل ضرورة أنه قد يقع ترجيح الفعل ومحصل الحكم بأولوية وقوعه عند من لا يوقعه كمن يتراخى عن الأفعال الراجحة المحكوم بأولوية وقوعها في نظره وعلمه ولا مانع له عن إيقاعها سوى مجرد التراخي والإهمال والتفريط وهو ظاهر أيضاً، و...... يظهر عدم لزوم الجبر على تقدير أن الداعي من فعل الله أيضاً فليفهم، فقد تبين أن أبا الحسين رحمه الله تعالى بنجوة عن لزوم الجبر ولزوم الوجوب الذي ذكره المعترض وأنه لا يزيد كلامه على كلام سائر المعتزلة من البهشمية وغيرهم. ومن العجائب قول الرازي إن أبا الحسين كان يتستر من أصحابه المعتزلة مع علمه أي الرازي أن المعتزلة في عصر أبي الحسين كانوا أقل من القليل وأنهم لم يكن لهم دولة ولا جيل وأن أبا الحسين كان في البصرة تارة وفي بغداد تارة وكلاهما قد بسطت عليه يد الجبرية وصار المعتزلي فيهما ذليلاً وأي ذليل فحاجة أبي الحسين إلى التستر من المجبرة أشد من حاجته إلى التستر من المعتزلة بل لا حاجة له إلى التستر منهم أي المعتزلة فهم عنده من جملة غيرهم. ومن العجائب أيضاً أن المعترض قال في هذا الكلام الذي نسبه إلى أبي الحسين بزعمه وتقليده بقدرة يخلقها الله للعبد إذا قارنت حصول الشرائط وارتفاع الموانع، وفي هذا الكلام الباطل كما عرفت غلطتان أيضاً: الأولى أنه مبني على أن أبا الحسين يقول بأن قدرة العبد زائدة على الصحة وسلامة الآلات والأسباب وهذا باطل وغلط محض على أبي الحسين فإنه مصرح في كتبه بأن القدرة ليست معنى زائداً على الصحة وسلامة الأسباب وقد ورد في كتابه تصفح الأدلة على أصحابه البهشمية وغيرهم وصرح بها أيضاً في كتابه غرر الأدلة وهو مذهب مشهور عنه لا يختلف في ذلك اثنان من أهل العرفان. الثانية أنه مبني أيضاً على أن خلق الله تعالى لهذه القدرة التي هي وراء الصحة مقارن لحصول الشرائط وارتفاع الموانع وهذا غلط محض على أبي الحسين بل هو غلط باطل على مذاهب جميع المعتزلة إذ لا يقول أحد منهم بأن الله تعالى إنما يخلق القدرة عند مقارنة الشرائط وارتفاع الموانع كيف وهي عندهم جمهورهم معنى من المعاني الباقية........ أبي القاسم الكعبي ومن تبعه من البغدادية فقد عرفته فلا حاجة إلى إعادة بيانه وبيان كونه لا يلزمه أن الله لا يخلق للعبد قدرة إلا إذا قارنت حصول الشرائط وارتفاع الموانع فراجع ما تقدم. وشيء آخر وهو أن هذا الكلام الذي جاء به المعترض ربما أوهم أن القدرة عند أبي الحسين مقارنة للمقدور نفسه لا لمجرد حصول شرائطه وارتفاع موانعه فإذا كان المعترض قد بناه على ذلك فهي غلطة ثالثة وفضيحة كارثة ولقد كان المعترض غنياً عن هذه المباحثة. وأعجب من ذلك أنه قد زعم أن المؤلف رحمه الله وقع في التخبيط والتخليط حيث أطلق الكلام وهو مختص بالمتولدات وليس عاماً لمطلق الأفعال فها هو ذا قد أورد فيه مذهب الشيخ أبي الحسين في مطلق الأفعال أعم من المتولدات وغيرها وعلى هذا فهو الذي وقع في التخبيط والتخليط لا المؤلف إذ لم يخرج كلامه رحمه الله عن المتولدات إلا أن المعترض لما كان بمعزل عن تحقيق مذهب المعتزلة في المتولدات وغيرها ظن أن كلام المؤلف خارج عن الخوض في خصوص المتولدات وأنه خوض فيما هو عام لمطلق الأفعال وليس كما ظنه المعترض إنما الذي هو خوض فيما يعم سائر الأفعال هو كلام المعترض كما عرفت كيف وقد صدره بمذهب شيخه الأشعري وهو في التحقيق ليس من المتولدات لأن المتولدات خارجة عن محل القدرة وأنت قد علمت أن كل ما خرج عن محل القدرة فليس مكسوباً عنده كما مر تحقيقه فافهم ليظهر عندك من هو المخبط المخلط.



إن البعلوية والبهشمية وغيرهم من المعتزلة دون أبي الحسين ومن قال بمذهبه قد قالوا: إن الفاعل هو من أوجد ما كان قادراً عليه، واعترض عليهم أبو الحسين في غرر الأدلة وقدح في هذا التعريف فقال: إنه يقتضي أن تكون الدلالة على أن زيداً فاعل لتصرفه هي دلالة على أنه وجد ما كان قادراً عليه، قال: ليس هذا من قولهم لأن عندهم أنهم يعلمون أولاً أنه فاعل ثم يستدلون على أنه قادر ثم على أنه كان من قبل قادراً وأيضاً فإنهم إذا سئلوا ما القادر قالوا هو الذي يصح أن يفعل فيذكرون القادر في حد الفاعل ويذكرون الفاعل في حد القادر، قال: فالصحيح في حد الفاعل المختار للشيء أن يقال هو الذي حدث به الشيء على سبيل الدواعي، قال: وقد دخل في ذلك الفعل المتولد لأنه لما كان سببه بحسب الدواعي كان هو أيضاً بحسب الدواعي لكونه بواسطة السبب، ألا ترى أن من دعاه الداعي إلى الرمي في سمت مخصوص فولدت الرمية الصابه في ذلك السمت فإن إصابته في ذلك السمت بحسب دواعيه، قال: وكثير من المتولدات تتعلق بها الدواعي كالكتابة وغيرها والساهي والنائم يفعلان بحسب الدواعي لكن لا يذكرانها، قال: ولك أن تقول: إن الفاعل هو الذي يحدث الفعل على سبيل الصحة ويدخل في ذلك فعل الساهي والنائم على قول من قال أنهما يفعلان من غير داع، ثم قال رحمه الله: وإنما قلنا أن هذا معنى الفاعل على المختار لأن المعقول من الفاعل المختار هو المؤثر على سبيل الدواعي والمعقول من كونه مؤثراً في الشيء هو أن يكون الشيء حادثاً به ولأجله والشيء إنما يحد بما يعقل من معناه. انتهى بلفظه وسيأتي إن شاء الله إشارة إلى نكتة ذكره للدواعي بصيغة الجمع مع أن الحد للماهية وبالماهية لا للأفراد وبالأفراد.


وأما قوله: فكلا لا طائل تحته، فلا طائل تحته كيف وقد قال فيما أسلفه من الكلام على قول بعض محققيهم أنه قيل لإبليس: لم أبيت عن السجود ما نصه: فإن كل عاقل يجد من نفسه عند التردد في فعل شيء أنه متمكن من فعله وتركه ...إلخ وهو اعتراف منه بأنه لا يصدر هذا الكلام الذي أورده هنا من عاقل يجد من نفسه هذا الذي يجده كل عاقل، بل قال أبو الحسين في كتابه المسمى غرر الأدلة ما نصه: ولظهور العلم بذلك يحصل لمن لم يبلغ الحلم من الصبيان فإن الصبي والبالغ يتألمان بالآجرة يرميهما بها الإنسان فيؤلمهما فلا يذمان الآجرة بل يذمان من ذمها وإنما يلومان الرامي فلو جوز أن لا يكون للرامي تأثير في ذلك وإنما حله الرمي من فعل غيره لجرى مجرى الآجرة. انتهى.



فالعجب من اشتغال المعترض بمناقضة هذا المذهب بزعمه مع اشتغاله بتأييد مذهب الفلاسفة بوهمه فقد مر له ما عرفت من الكلام الذي مؤداه التنويه بشأن أولئك الأقوام وتهويل أمرهم وبعدهم عما نسبه إليهم علماء الكلام، فالمؤلف أولى من الفلاسفة وكذا أبو الحسين ............... نحو ما أورده المعترض وغيره من أن العلم بمعزل عن التخصيص لأنه تابع وقد عرفت سابقاً أنه لا يتجه أصلاً وكيف يجهل مثل ما ذكروه وهو ...... من أبلغ من تكلم في رد شبهة المجبرة في العلم وبين في كتابه غرر الأدلة أن العلم تابع فلا يكون مؤثراً في متبوعه وإلا جاء الدور المحال، وأوضح ذلک رحمه الله بمثال قد مرّ ذکره فلا وجه للاعتراض عليه بما هو عارف له ولا معنی لتنبیهه بما هو الذي نبّه عليه، وکلامه وکلام المؤلف رفع الله ذکره من وادٍ واحدٍ.



ولمثل هذا قال أبو الحسين البصري رحمه الله في غرر الأدلة ما نصه:
فإن قيل: أتقولون إن القدرة قبل الفعل وأنها غير موجبة وأنها تصلح للضدين؟ قيل: أما القدرة التي تذهب إليها المجبرة وهي التي لا يفعل بها شيء كما معللها ولا تحفل بتقدمها ومقارنتها ولا يصح القول فيها أنها صالحة للضدين فضلاً عن كلا الضدين. انتهى. ولعل ما وجهنا به كلام المؤلف كان في اندفاعه ............... إن المؤلف أراد خلاف مثل ابن الراوندي وأبي عيسى الوراق القائلين بأن القدرة مقارنة للمقدور حال كونها صالحة للضدين كما حكيناه عنهما، فجعلهما المؤلف بعضاً من المجبرة لما يستلزمه هذا الذي ذهبا إليه ...



دو نقل در کتاب شفاء الأوام

(خبر) وروينا عن الشيخ العالم أبي الحسين البصري أنه روي بإسناده أن رجلاً قال:يا رسول الله قد جُعل لي رزق في الغنا فعسى أن تأذن لي فيه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تفعل فإن عدت إليه لأنهبن مالك أو لآمرن بنهب مالك)) ذكره في كتاب الغرر فيما حكاه لي من أثق به، دلت هذه الأخبار وما أشبهها مما لم نذكره عملاً على الاختصار على أن جميع الملاهي لا تجوز، وعند أئمتنا عليهم السلام أن من فعل شيئاً من ذلك ردت شهادته إلا ما ذكرناه في الحمام فإنه مخصوص في اللعب بها كما تقدم تحقيقه فأما من لم يفعل ذلك فإنه يجوز له تملكها، لدلالة (خبر) وهو ما روى عبادة بن الصامت أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوحشة فقال: ((اتخذ زوجاً من الحمام)) فدل ذلك على جواز اقتنائها والتسمع لأصواتها، فأما الأكل منها ومن فراخها وبيضها فلا خلاف في جوازه، فإن قيل: إن في الأخبار ما يدل على جواز الغناء نحو (خبر) وهو ما روي أن عمر كان إذا خلا في داره ترنم بالبيت والبيتين، واستؤذن عليه لعبدالرحمن بن عوف وهو يترنم فقال: أسمعتني يا عبدالرحمن؟ قال: نعم، قال: إنا إذا خلونا في منازلنا نقول كما يقول الناس.


(خبر) ويزيده بياناً ما أخبرنا به الفقيه العالم حسام الدين عبدالله بن زيد بإسناده إلى الشيخ أبي الحسين البصري أنه روي بإسناده أن رجلاً قال: يا رسول الله قد جعل لي رزقاً في الغناء فعسى أن تأذن لي فيه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تفعل فإن عدت لأنهبن مالك)) أو قال ((لآمرن بنهب مالك)) قال: ذكره أبو الحسين في كتاب (الغرر) يزيده بياناً (خبر) وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لقد هممت أن آمر رجالاً من قريش فيحملون حزماً من حطب فأوقد على قوم لا يحضرون الصلاة بيوتهم)).

شنبه ۶ اسفند ۱۴۰۱ ساعت ۱۰:۳۷
نظرات



نمایش ایمیل به مخاطبین





نمایش نظر در سایت

عبدالرسول حسيني
۶ اسفند ۱۴۰۱ ساعت ۲۰:۰۲
صمن تشكر از به نماش گذاشتن تحقيقات شما در سايت . اگر چكيده اي از مطالب را در كانال تلگرامي بگذاريد ممنون ميشوم. ارادتمند عبدالرسول حسيني