آرشیو
آمار بازدید
بازدیدکنندگان تا کنون : ۲٫۰۵۵٫۴۲۶ نفر
بازدیدکنندگان امروز : ۱۴۸ نفر
تعداد یادداشت ها : ۲٫۱۱۵
بازدید از این یادداشت : ۳۱۷

پر بازدیدترین یادداشت ها :
أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن سعيد بن يحيى بن الحسين بن سنان الخفاجيّ الحلبيّ (برای نام و نسب، نک: مجمع الآداب، 6/ 577 ) (متولد 422 ق؛ اين اطلاع در: كتاب البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان ص 281 ؛ درگذشته سال 466 ق)، از ادبا و شعراء و علما و فقها و متکلمان برجسته اماميه است که متأسفانه نامش و آثارش به کلی در ميان شيعه امامی مورد غفلت قرار گرفته. او در ادب شاگرد ابو العلای معری بود (نک: الوافي بالوفيات، 17/ 271 تا 272؛ مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، 19/ 282 به بعد). شرح حال نگاران سنی مذهب که احوال او را به تفصيل نقل کرده اند بر التزام او به مذهب امامی تأکيد کرده اند. اشعار او هم گواهی روشنی بر اعتقاد واضحش به مذهب اعتقادی و کلامی اماميه است و رنگ کامل شيعی و ولایتی و برائتی دارد. از او آثار متعددی بر شمرده اند؛ از جمله: كتاب الحكم بَين النّظم والنثر، كتاب فِي رُؤْيَة الْهلَال (شايد متنی فقهی بوده)، كتاب حكم منثورة و كتاب العرُوض. همچنين گفته شده که كتابی داشته در علم کلام با عنوان: عبارَة الْمُتَكَلِّمين فِي أصُول الدّين. علاوه بر اين کتاب او اثری هم با عنوان الصرفة داشته در دفاع از نظريه صرفه در خصوص اعجاز قرآن. در اين زمينه او متأثر از شريف مرتضی بوده. از او تا آنجا که می دانم ديوان شعری باقی مانده که به چاپ رسيده (اشعار او را منابع مختلف نقل کرده اند و از جمله کتاب هایی که شرح حال او را نوشته اند). مشهورترين کتابش که به چاپ هم رسيده سرّ الفصاحة است که از مهمترين کتاب ها در علم بلاغت است. ابن سنان الخفاجي در فقه و کلام شاگرد فقيه و اديب برجسته امامی مذهب حلب در زمانش، أبو علي الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم الحلبي (زنده در 453 ق) بود. اين ابن المعلم شاگرد ابو الصلاح حلبي بود و بنابراين، ابن سنان به دو واسطه شاگرد شريف مرتضی بود. ابن المعلم آثاری در کلام و فقه داشت: التاجي و همچنين معالم الدين و نيز: "كتاب في الأصول" که در آن الملخص مرتضی را شرح کرده بود (نک: بغية الطلب: 5/ 276 و 277 ) .

از ميان تراجم نگاران شيعی ابن شهرآشوب از ابن سنان الخفاجي ياد کرده و علاوه بر سرّ الفصاحه او، از کتابی به نام العادل في الإمامة از وی ياد می کند (ص 77).

در معجم الأدباء ( 1/ 325 ) ياقوت حموي از کتاب الصرفة او نقلی می کند که عقيده اش درباره صرفه از آن پيداست: "قرأت بخط عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الشاعر في كتاب له ألفه في الصّرفة زعم فيه أن القرآن لم يخرق العادة بالفصاحة حتى صار معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن كلّ فصيح بليغ قادر على الاتيان بمثله، إلا أنهم صرفوا عن ذلك، لا أن يكون القرآن في نفسه معجز الفصاحة، وهو مذهب الجماعة من المتكلمين والرافضة، منهم بشر المريسيّ والمرتضى أبو القاسم، قال في تضاعيفه: وقد حمل جماعة من الأدباء قول أصحابنا أنه لا يمكن أحد من المعارضة بعد زمان التحدّي على أن نظموا على أسلوب القرآن، وأظهر ذلك قوم وأخفاه آخرون، ومما ظهر منه قول أبي العلاء في بعض كلامه: أقسم بخالق الخيل، والريح الهابّة بليل، بين الشّرط ومطلع سهيل، إنّ الكافر لطويل الويل، وإنّ العمر لمكفوف الذيل، اتّق مدارج السيل، وطالع التوبة من قبيل، تنج وما إخالك بناج. وقوله: أذلت العائذة أباها، وأضاءت الوهدة رباها، والله بكرمه اجتباها، أولاها الشرف بما حباها، أرسل الشمال وصباها، ولا يخاف عقباها."
ابن العديم نيز همين نقل را از همين کتاب آورده ( بغية الطلب، 2/ 880 ): "وقرأت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي في كتاب له تتبع الكلام فيه على الصرفة ونصر فيه مذهب المعتزلة في أن القرآن ليس بمعجز في نفسه، لكن العرب صرفوا عن معارضته، فقال فيه: وقد حمل جماعة من الأدباء قول أرباب الفصاحة أنه لا يتمكن أحد من المعارضة بعد زمان التحدي على أن نظموا على اسلوب القرآن وأظهر ذلك قوم وأخفاه آخرون ومما ظهر منه قول أبي العلاء في بعض كلامه: أقسم بخالق الخيل والريح الهابة بليل بين الشرط ومطالع سهيل إن الكافر لطويل الويل، وإن العمر المكفوف الذيل، اتق مدارج السّيل، وطالع التوبة من قبيل تنج وما أخالك بناج."

در کتاب سرّ الفصاحة، ابن سنان با وجود اينکه کتاب در موضوع بلاغت است در آغاز بحث کلامی مفصلی دارد در ارتباط با مفاهیم کلامی صوت و کلام که بی نهايت ارزشمند است و قدرت کلامی او را نشان می دهد. از اين قسمت معلوم می شود او کاملا با کلام معتزلی و شيعی آشنایی داشته و به آرای بزرگان معتزله و شيعه اهتمام و شناخت داشته است. از جمله در اين قسمت او از شريف مرتضی آرایی را نقل می کند (در ديوانش، وی جایی از شريف مرتضی مدحی کرده؛ ديوان، ص 474). او در مذهب کلامی پيروی شريف مرتضی بوده.
در اينجا قسمت هایی که در اين کتاب ابن سنان مباحثی کلامی را ارائه داده به نقل از سرّ الفصاحة او می آوريم. نويسنده اميد می برد بتواند با دسترسی به نسخه های خطی اين اثر از نو اين بخش ها را تصحيح و آماده سازی کند:

1-
والصوت معقول لأنه يدرك ولا خلاف بين العقلاء في وجود ما يدرك. وهو عرض ليس بجسم ولا صفة لجسم. والدليل على أنه ليس بجسم أنه مدرك بحاسة السمع والأجسام متماثلة والإدراك إنما يتعلق بأخص صفات الذوات. فلو كان جسما لكانت الأجسام جميعها مدركة بحاسة السمع وفي علمنا ببطلان ذلك دليل على أن الصوت ليس بجسم. وهذه الجملة تحتاج إلى أن نبين أن الأجسام متماثلة وأن الإدراك إنما يتعلق بأخص صفات الذوات لأن كون الصوت مدركا بالسمع والأجسام غير مدركة بالسمع مما لا يمكن دخول شبهة فيه ولا منازعة.
والذي يدل على تماثل الأجسام: أنا ندرك الجسمين المتفقى اللون فيلتبس أحدهما علينا بالآخر لأن من أدركهما ثم أعرض عنهما وأدركهما من بعد يجوز أن يكون كل واحد منهما هو الآخر بأن نقل إلى موضعه ولم يلتبسا على الإدراك إلا لآشتراكهما في صفة تناولها الأدراك وقد بينا أن الإدراك إنما يتناول أخص صفات الذات وهو ما يرجع إليها وسندل على ذلك. وإذا كان الجسمان مشتركين فيما يرجع إلى ذاتيهما فهما متماثلان لأن هذا هو المستفاد بالتماثل. فإن قيل: دلوا على أنهما لم يلتبسا إلا للاشتراك في صفة ثم بينوا أن تلك الصفة مما يتناوله الآدراك. قلنا: الوجوه التي يقع فيها الالتباس معقولة وهي المجاورة أو الحلول. كالتباس خضاب اللحية بالشعر من حيث المجاورة. وكما التبس على من ظن أن السواد الحال في الجسم صفة له من حيث الحلول. وكذلك من اعتقد أن صفة المحل للحال. حتى ذهب إلى أن للسواد حيزاً وكلا الأمرين منتف في التباس الجسمين لأنه لا حلول بينهما ولا مجاورة بل يقع الالتباس مع العلم بتغايرهما. فدل ذلك على ما ذكرناه.فأما الدليل على أن الصفة التي اقتضت الالتباس مما يتناوله الإدراك فهو أن الأمر لو كان بخلاف ذلك لما التبسا على الإدراك وفي التباسهما عليه دلالة على تعلق الإدراك بما التبسا لأجله ولأن المشاركة فيما لا يتعلق الإدراك به لا يقتضى الاشتباه على المدرك. ألا ترى أن السواد لا يشبه البياض ويلتبس به عند المدرك وأن اشتركا في الوجود من حيث كان الإدراك لا يتعلق بالوجود.
وليس لأحد أن يقول: إذا أستدللتم على أن الأجسام متماثلة بالتباسها على الإدراك فقولوا: إن الأجسام التي لا تلتبس كالأبيض والأسود غير متماثلة لفقد الالتباس. وذلك أن هذا مطالبة بالعكس في الأدلة وليس ذلك بمعتبر. وإثبات المدلول مع ارتفاع الدليل جائز غير ممتنع لأن الدليل غير موجب للمدلول وإنما هو كاشف عنه لكن المنكر ثبوت الدليل وارتفاع المدلول. على أن الالتباس في الجسمين المذكورين حاصل أيضاً لأن المدرك لهما ربما يجوز أن يكون أحدهما الآخر وإنما تغير لونه.أما الدليل على أن الإدراك يتعلق بأخص صفات الذوات وأن كلامنا كله متعلق به فهو أنه لا يخلو من أن يكون يتعلق بالصفة الراجعة إلى الفاعل أو الراجعة إلى العلة أو الراجعة إلى الذات. والذي يرجع إلى الفاعل من الصفات هو الوجود. ولو تناوله الإدراك لم يخل من أن يتعداه إلى ما يرجع إلى الذات أو لا يتعداه فإن لم يتعد وجب ألا يحصل الفصل بين المختلفين بالإدراك لاشتراكهما في الوجود الذي لم يتناول الإدراك غيره. وإن تعداه إلى الصفة العائدة إلى الذات فيجب أن يفصل بين المختلفين بالإدراك من حيث افترقا في الصفة التي يتعلق بها وأن يلتبس أحدهما بالآخر من حيث اشتركا في الوجود الذي تعلق الإدراك به أيضاً وذلك محال فأما ما يرجع إلى العلل من صفات الجسم والذي يمكن أن يدخل شبهة في تناول الإدراك له كونه كائنا في جهة. والذي يوضح أن الإدراك لا يتناول ذلك أنه لو تناوله لفصل بالإدراك بين كل صفتين ضدين منه وذلك غير مستمر. وأحدنا لو أدرك جوهراً في بعض الجهات ثم أعرض عنه جوز أن يكون انتقل إلى أقرب الأماكن إليه والتبس عليه الأمر فيه. ولا يلتبس أمره لو اسود بعد بياض، فبان أن الإدراك لا يتناول إلا أخص صفات الذوات، دون صفات العلل وما بالفاعل.ويمكن الدلالة على أن الصوت ليس بجسم إذا ثبت أن الأجسام متماثلة من وجه آخر وذلك أنا ندرك الأصوات مختلفة. فالراء مخالفة للزاي. وكذلك سائر الحروف المختلفة فإذا كانت الأجسام متماثلة والأصوات تدرك مختلفة فليست بأجسام. وإذا كنا دللنا على أن الصوت ليس بجسم فالذي يدل على أنه ليس بصفة لجسم بل هو ذات مخالفة له أن الصوت لو كان صفة لم يخل من أن يكون صفة ذاتية أو غير ذاتية. ولا يجوز أن يكون صفة ذاتية لتجدده وأن دوامه غير واجب. ولا يجوز أن يكون صفة غير ذاتية لما بيناه من أن الأدراك لا يتناول إلا الصفات الذاتية والصوت مدرك بلا خلاف. ومع الدلالة على أن الأصوات أعراض ففيها المتماثل والمختلف وقد ذهب أبو هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي إلى أن المختلف منها متضاد. وتوقف علم الهدى المرتضی نضر الله وجهه عن القطع على ذلك.
فأما أبو هاشم فإنه اعتمد في تضادها على طريقين: أحدهما أن حمل الصوت على اللون من حيث كان إدراك كل واحد منهما مقصوراً على حاسة واحدة فلما قطع على تضاد المختلف من الألوان قال بمثل ذلك في الأصوات. والطريق الثاني: أن الصوت مدرك فهو هيئة للمحل إذا أوجب مختلفة هيئتين استحال اجتماعهما للمحل في حالة واحدة كما يستحيل ذلك في الألوان. وليس بعد امتناع اجتماعهما في المحل الواحد في الوقت الواحد إلا التضاد.
ولقائل أن يقول على ما ذكره أولا: ما أنكرت من أن تكون الأصوات والألوان وإن اتفقت في إدراك كل واحد منهما بحاسة واحدة تختلف فيكون المختلف من الألوان متضاداً دون الأصوات ولا يوجب الاتفاق في قصر الإدراك على حاسة واحدة التساوي في جميع الأحكام. كما أنها وإن اتفقت عندك في ذلك فلم تتفق في أن الأصوات تبقى كما أن الألوان تبقى ولا في أن الأصوات يضادها ما يحدث بعدها كما كان ذلك في الألوان. وإذا جاز مع التساوي فيما ذكرته من قصر الإدراك على حاسة واحدة. الاختلاف في أحكام كثيرة فأحر أن يكون المختلف من الأصوات غير متضاد وإن كان المختلف من الألوان متضاداً. ويقال له فيما ذكره ثانياً: إن الصوتين المختلفين ليس محلهما واحداً فيقطع على تضادهما لامتناع اجتماعهما فيه في ذلك الوقت الواحد. بل محال الحروف المتغايرة متغايرة وإذا كان المحلان مختلفين فلا سبيل إلى القطع على التضاد بإستحالة اجتماعهما في المحل. لأن كل واحد من الصوتين المختلفين لا يصح أن يحل محل الآخر.
وقد أشار القاضي أبو الحسن عبدالجبار بن أحمد الهمذاني رحمه الله إلى أن الأصوات غير متضادة لأنها غير باقية والمنافاة إنما تصح في المتضاد الباقي. كأنه أراد أن عدم أحد الضدين إذا كان واجبا لأنه مما لا يبقى فليس لوجود ضده حكم يخالف عدمه.فأما الكلام في تماثلها واختلافها فالدلالة على ذلك ما قدمناه من الإدراك لها. وبيانه في الحروف فأن الراء تدرك ملتبسة بالراء ومخالفة للزاي وقد بينا أن الإدراك يتناول أخص صفات الذات ولا يجوز وجود الصوت إلا في محل أما من أثبت حاجة جميع الأعراض إلى المحال من حيث كان عرضا وأما من أجاز وجود بعض الأعراض في غير محل بدلالة أنه يتولد عن اعتماد الجسم ومصاكته لغيره ولأنه يختلف باختلاف حال محله فيتولد من الصوت في الطست خلاف ما يتولد في الحجر فيقول قد ثبت وجود بعض الأصوات في غير محل فإذا ثبت ذلك في بعضه ثبت في جميعه لأن الأصوات متفقة في أنها لا توجب حالا لمحل ولا جملة.
وقد ذهب أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي إلی أن جنس الصوت يحتاج مع المحل إلى هيئة وحركة . وقال أبو هاشم أخيراً : أنه لا يحتاج إلا إلى المحل، وعلى هذا القول أكثر أصحابه. وله نصر الشريف المرتضى رضي الله عنه. واستدلوا على نفي حاجته إلى غير المحل بأنه مما لا يوجب حالاً لغيره فجرى مجرى اللون في أنه لا يحتاج إلى سوى محله.
وقالوا: أن الصوت من فعلنا إنما احتاج إلى الحركة لأنها كالسبب فيه من حيث كنا لا نفعله إلا متولداً عن الاعتماد على وجه المصاكة والاعتماد يولد الحركة فلهذا جرى مجرى السبب. فليس يمتنع أن يفعل الله تعالى الصوت مبتدأ من غير حركة كما يفعله غير متولد عن الاعتماد وكما يفعل ما وقع منا بآلة من غير آلة. وجعلوا هذا هو العلة في انقطاع طنين الطست بتسكينه. وأجازوا وجود القليل من الصوت مع السكون عند تناهيه وانقطاعه ومنعوا من وجوده من فعلنا مع السكون من فعلنا حالا بعد حال لما ذكرناه. والأصوات تدرك بحاسة السمع في محالها ولا تحتاج إلى انتقال محالها وانتقالها وكونها أعراضا منع من انتقالها. وقد استدل على ذلك بأنها لو انتقلت لجاز أن تنتقل إلى بعض الحاضرين دون بعض حتى يكون مع التساوي في القرب والسلامة يسمع الصوت بعضهم دون بعض وأن يجوز إختلاف انتقال الحروف حتى يدرك الكلام مختلفا.
واستدل على ذلك أيضاً بأنه: لو احتيج في إدراك الأصوات إلى انتقال المحال لما وقع الفرق مع السلامة بين جهة الصوت والكلام مكانهما كما أنه لا يعرف في أي جهة انتقل إلى محل ما يلاقيها من الأجسام التي يدرك منها الحرارة والبرودة. وقد سئل على هذا المذهب عن العلة في مشاهدة القصار من بعد يضرب الثوب على الحجر ثم يسمع الصوت بعد مهلة فيسبق النظر السمع. وأجيب عن ذلك: بأن الصوت يتولد في الهواء والبعد المخصوص مانع من إدراكه فإذا تولد فيما يقرب أدرك في محله وإن ما يتصل بحاسة السمع والذي يدرك بعد مهلة هو غير الصوت الذي تولد عن الصكة الأولى لأن ذلك إنما لا يدرك لبعده.
قيل: فكذلك يدرك الصوت في جهة الريح أقوى لأنه يتولد فيها حالا بعد حال فيكون إلى إدراكه أقرب. وإذا كانت الريح في خلاف جهة الصوت ضعف إدراكه وربما لم يدرك لأنه يتولد فيما يبعد عنه البعد المانع من إدراكه. ولا يجوز البقاء على الأصوات أما من أثبت البقاء معنى كالبغداذيين من المعتزلة فإنه يمنع من بقاء جميع الأعراض لأن البقاء الذي هو عرض عنده لا يصح أن يحل العرض. وأما من لم يثبت البقاء معنى - وهو الصحيح - ويجوز على بعض الأعراض البقاء ويقطع على بعض فإنه يعتل في المنع من بقاء الأصوات بأنها لو بقيت لاستمر إدراكنا لها مع السلامة وارتفاع الموانع ومعلوم خلاف ذلك. ولو كان الصوت مدركا على الاستمرار لم يقع عنده فهم الخطاب لأن الكلمة كانت حروفها تدرك مجتمعة فلا يكون زيد أولى من يزد أو غير ذلك مما ينتظم من حروف زيد. ولو كان الكلام أيضاً باقيا لكان لا ينتفي إلا بفساد محله لأنه لا ضد له من غير نوعه. ولا تقع الأصوات من فعل العباد إلا متولدة. ويدلك على ذلك أيضا تعذر إيجادها عليهم إلا بتوسط الاعتماد والمصاكة ولأنها تقع بحسب ذلك فيجب أن تكون مما لا يقع إلا متولداً كالآلام.والصوت يخرج مستطيلا ساذجا حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده فيسمى المقطع أينما عرض له حرفا. وسنبين ذلك.




2-
والكلام عندنا على ما انتظم من هذه الحروف التي ذكرناها أو غيرها على ما بيناه من أننا لا نذكر إلا حروف اللغة العربية دون غيرها من اللغات. وحده ما انتظم من حرفين فصاعداً من الحروف المعقولة إذا وقع ممن تصح منه أو من قبيله الإفادة. وإنما شرطنا الانتظام لأنه لواتي بحرف ومضى زمان وأتى بحرف آخر لم يصح وصف فعله بأنه كلام. وذكرنا الحروف المعقولة لأن أصوات بعض الجمادات ربما تقطعت على وجه يلتبس بالحروف. ولكنها لا تتميز وتتفصل كتفصيل الحروف التي ذكرناها.واشترطنا وقوع ذلك ممن يصح منه أو من قبيله الإفادة لئلا يلزم عليه أن يكون ما يستمع من بعض الطيور كالببغاء وغيرها كلاما وقلنا القبيل دون الشخص لأن ما يسمع من المجنون يوصف بأنه كلام وأن لم تصح منه الفائدة وهو بحاله لكنها تصح من قبيله وليس كذلك الطائر.
فأما الدليل على صحة هذا الحد فهو: أن الشروط التي ذكرناها فيه متى تكاملت صح الوصف بأنه كلام ومتى إختل بعضها لم يوصف بذلك. وفيما ذكرناه تسمح وهو قولنا لو أتى بحرف ومضى زمان وأتى بحرف آخر لم يصح وصف فعله بأنه كلام. وكذلك النطق بحرف واحد متعذر غير ممكن إذ لابد من الإبتداء بمتحرك والوقوف على ساكن وما يمكن ذلك في أقل من حرفين الأول منهما متحرك والثاني ساكن وهو الذي يسميه العروضيون سبباً خفيفاً.
وبهذا أجاب أصحابنا من ألزمهم على هذا الحد الذي ذكرناه أن يكون ق وع في الأمر ليس بكلام لأنه حرف واحد. وقالوا: إن المنطوق به في هذا القول حرفان والغنة التي وقف عليها عند السكت هي حرف وإن لم يثبت في الخط. وبينوا أن النطق بحرف واحد غير ممكن للعلة التي ذكرناها.
وبهذا الجواب غنوا عما قاله أبو هاشم: من أن الأصل في هاتين اللفظتين عند الأمر أوق وأوع وإنما حذف ذلك لضرب من التصريف والمحذوف مقدر في الكلام مراد فعاد الأمر إلى أن الحرف الواحد لا يفيد. وإذا كنا قد بينا التسمح فيما ذكرناه فوجه العذر فيه أنه لو أمكن فرضا وتقديراً أن ينطق بحرف واحد لم يكن كلاما وإن كان الصحيح أن ذاك غير ممكن لما بيناه.وقد ألزمنا على هذا الحد الذي ذكرناه أن يكون الأخرس متكلما لأنه قد يقع منه حرفان. والتزم أصحابنا ذلك وقالوا: إن الأخرس يمكن أن يقع منه أقل قليل للكلام. وفيهم من احترز من ذلك وقال في أصل الحد ما إنتظم من حرفين مختلفين. وادعى أن الأخرس لا يقع منه ذلك.
وطعن على هذا القول بأنه: غير ممتنع أن يقع من الأخرس حرفان مختلفان. والمعتمد التزام ذلك والقول بجوازه.وليس يجوز أن يشترط في حد الكلام كونه مفيداً على ما يذهب إليه أهل النحو ومضى في بعض كلام أبي هاشم وذلك أنا وجدنا أهل اللغة قد قسموا الكلام إلى مهمل ومستعمل.والمهمل ما لم يوضع في اللغة التي أضيف أنه مهمل إليها لشيء من المعاني والفوائد والمستعمل هو الموضوع لمعنى أو فائدة. فلو كان الكلام هو المفيد عندهم وما لم يفد ليس بكلام لم يكونوا قسموه إلى قسمين بل كان يجب أن يسلبوا ما لم يفد اسم الكلام رأسا لا أن يجعلوه أحد قسميه. على أن الكلام إنما يفيد بالمواضعة. وليس لها تأثير في كونه كلاما كما لا تأثير لها في كونه صوتاً وأي دليل على أن اسم الكلام عندهم غير مقصور على المفيد أو كد من تسميتهم للهذيان الواقع من المجنون وغيره كلاما. وليس يمكن دفع ذلك عنهم ولا إنكاره.




3-

وقد حد الكلام بحدود غير صحيحة كحد بعض النحويين له بأنه فعل المتكلم وذلك ينتقض بجميع أفعاله الحادثة منه في حال كلامه كالضرب وما أشبهه على أن من عقل كونه متكلما عقل الكلام ولم يحتج إلى حده. وكذلك حد بعض المتكلمين له بأنه: ما أوجب كون المتكلم متكلما. وقول غيره: ما يقوم بذات المتكلم لأن هذا كله فرع على عقل المتكلم وتحققه وذلك لا يتم إلا بعد المعرفة بالكلام وما يقوم بذات المتكلم ينتقض بكل ما يقوم به من العلم والقدرة والحياة. ثم السؤال فيه باق لأنه إذا قيل فهذا الذي أوجب كون المتكلم متكلماً أو قام بذاته ما هو فلابد من الرجوع إلى ما قدمنا من حده. وإذا كان كلامنا مبنياً على أن الكلام هو الصوت الواقع على بعض الوجوه وكان أبو علي الجنائي يذهب إلى أن جنس الكلام يخالف جنس الصوت فلا بد من بيان ما ذهبنا إليه وفساد ما عداه. والذي يدل على أن الكلام هو الصوت الواقع على بعض الوجوه أنه لو كان غيره لجاز أن يوجد أحدهما مع عدم الآخر على بعض الوجوه لأن هذه القضية واجبة في كل غيرين لا تعلق بينهما ولما استحال أن توجد الأصوات المقطعة على وجه مخصوص ولا تكون كلاماً أو الكلام من غير صوت مقطع دل على أنه الصوت بعينه. فأما من ذهب إلى أن الكلام معنى في النفس من المجبرة فإن الذي حملهم على هذا المذهب الواضح الفساد ظهور أدلة نظار المسلمین على حدوث هذا الكلام المعقول وتقديم بعض حروفه على بعض فلم يتمكنوا من الاعتراف بأنه من جنس الأصوات المقطعة مع القول بأن كلام الله عز اسمه قديم فادعوا لذلك أن الكلام غير هذا الصوت المسموع وأنه معنى قائم في النفس ليسوغ لهم قدمه على بعض الوجوه فلجأوا من الاعتراف بالحق والانقياد بزمامه إلى محض الجهل وصرف الضلال. ولو تجنب خطابهم على هذا القول وعول في إفساده على حكاية مذهبهم لأغني ذلك عند كافة المحصلين ولم يفتقر إلى استئناف دليل عليهم غي التأمل لما يدعونه والعجب مما يلتزمونه ويصرحون به وحمد الله تعالى على ما أنعم به من الإرشاد ومنحه من الهداية. لكن قد جرت عادة أهل العلم معهم بإيضاح الحق وإن كان غير خاف والتنبيه على الصواب وأن كان ليس بمشكل في جميع المذاهب التي تفردوا بها وإن جرت في البعد مجرى هذا المذهب فنحن نستدرك عليهم في هذه المسألة على طريقة أصحابنا ونذكر ما قالوه وإن كنا غير محتاجين إلى ذلك. والذي يدل على أن الكلام ليس بمعنى في النفس أنه لو كان معنى زائداً على المعاني المعقولة الموجودة في القلب كالعلم وغيره لوجب أن يكون إلى معرفته طريق من ضرورة أو دليل. ولو كان ضرورة لوجب اشتراك العقلاء في المعرفة ولم يحسن الخلاف بينهم فيه والمعلوم غير ذلك ولو كان عليه دليل لكان من ناحية حكم يظهر له ويتوصل به إلى إثباته كما يتوصل بأحكام الذوات إلى إثباتها ومعلوم أنه لا حكم يمكن أن يشار إليه في هذا الباب.
فإن قيل: الصوت المسموع طريق إلى إثبات الكلام القائم في النفس قلنا: ليس يخلو من أن يكون طريقاً إليه بأن يعلم عنده أو يستدل به عليه فإن كان الأول وجب أن يعلم كل من سمع الكلام الذي هو الصوت الواقع على بعض الوجوه شيئاً آخر عنده ومعلوم خلاف ذلك وأن كان يستدل به عليه فالكلام المسموع إنما يدل على ما لولاه لما حدث وهو القدرة أو ما لولاه لم يقع على بعض الوجوه وهو العلم والإرادة. فأما ما سوى ذلك فلا دلالة عليه لنفي التعلق.
فإن قيل: كل عاقل يجد في نفسه عند الكلام أمراً يطابقه ويدبر في نفسه ما يريد أن يتكلم به حتى يخطب الخطبة وينشد القصيدة من غير أن يحرك لشيء من ذلك جارحة بحال من الأحوال وذلك يبين أن الكلام معنى قائم في النفس: قلنا: كل أمر يجده الإنسان من نفسه عند الكلام معقول وهو العلم بكيفية ما يوقعه منه أو الظن له أو إرادة ذلك والداعي إلى فعل الكلام أو الفكر والروية في إيقاعه وكيفية فعله. فإن أشير إلى بعض ما ذكرناه بالكلام صح المعنى وعاد الخلاف إلى عبارة. وإن أريد غيره فليس بمعقول.
وههنا جواب آخر: وذلك أن الإنسان يفعل كلاماً خفياً في داخل صدره ويقطعه بالنفس فيكون كلاماً بالحقيقة وأن كان غير مسموع له. ثم إن أحدنا قد يحدث نفسه بنسج ثوب أو بناء دار فيظن لها أن ذلك مصور في نفسه قبل الفعل وليس يجب لذلك أن يكون البناء أو النساجة معنى في النفس بل ذلك علم بكيفية أيقاع كل واحد منهما حسب ما بيناه في الكلام. فأما تعلقهم بجنس قول القائل في نفسي كلام ففاسد لأنه توصل إلى إثبات المعاني بالعبارات ولا يعول على ذلك محصل، على أن من يطلق هذا القول لا يخلو من أن يكون أطلقه عن علم أو عن غير علم فإن كان أطلقه عن غير علم فلا حجة في إطلاقه وإن كان عن علم لم يخل أن يكون ضرورياً أو مكتسباً. فإن كان ضرورياً وجب اشتراك العقلاء فيه ولم يحسن الخلاف بينهم وليس الأمر كذلك وإن كان مستدلاً عليه فالواجب إيراد الدليل الذي اقتضى إطلاق هذا العبارة ليقع النظر فيه.وبعد فإن الإنسان قد يطلق أيضاً فيقول في نفسي بناء دار ونسج ثوب. كما يقول في نفسي كلام فهل يدل ذلك على أن البناء والنساجة معنيان في النفس كما دل عندهم على أن الكلام معنى فيها. ثم أن لقول القائل في نفسي كلام وجهاً صحيحاً وذلك أن المعنى إني عازم عليه ومريد له ولهذا لو أبدلوا هذا اللفظ مما ذكر لقام مقامه في الفائدة. وأما تعلقهم بأن الساكت يقال فيه أنه متكلم فليس بصحيح لأن المراد بذلك إمكان الكلام منه أو إضافته إليه على طريق الصناعة كما يقال للصائغ - في حال هو لا يصوغ فيها - إنه صائغ. وكذلك سائر الصناع ثم هو مع ذلك استدلال بالمعاني على العبارات وقد بينا فساد ذلك فيما تقدم. والكلام مما لا يوجب حالاً للمتكلم إذ لا طريق إلى إثبات ذلك من ضرورة أو استدلال. ولا فرق بين من ادعى في الكلام أنه يوجب حالاً وبين من ادعى ذلك في جميع الأفعال كالضرب وغيره. وأيضاً فإن الكلام يوجد في الصدا ونكون نحن المتكلمين به. ومن شأن ما ينفصل عن الحي أن لا يوجب لح حالاً لأن كل ما أوجب للحي حالاً لا يصح وجوده في محل لا حياة فيه كالعلم والقدرة.والكلام يتعلق بالمعاني والفوائد بالمواضعة لا لشيء من أحواله وهو قبل المواضعة إذ لا اختصاص له ولهذا جاز في الاسم الواحد أن تختلف مسمياته لاختلاف اللغات.وهو بعد وقوع التواضع يحتاج إلى قصد المتكلم به واستعماله فيما قررته المواضعة ولا يلزم على هذا أن تكون المواضعة لا تأثير لها لأن فائدة المواضعة تمييز الصيغة التي متى أردنا مثلاً أن نأمر قصدناها. وفائدة القصد أن تتعلق تلك العبارة بالمأمور وتؤثر في كونه أمراً له. فالمواضعة تجري مجرى شحذ السكين وتقويم الآلات والقصد يجري مجرى استعمال الآلات بحسب ذلك الإعداد.




4-


وإذ كنا قد بينا حد الكلام وحقيقته فينبغي أن نذكر حقيقة المتكلم فنقول: إن المتكلم من وقع الكلام الذي بينا حقيقته بحسب أحواله من قصده وإرادته واعتقاده وغير ذلك من الأمور الراجعة إليه حقيقة أو تقديراً والذي يدل على ذلك أن أهل اللغة متى علموا أو اعتقدوا وقوع الكلام بحسب أحوال أحدنا وصفوه بأنه متكلم ومتى لم يعلموا ذلك أو يعتقدوه لم يصفوه فجرى هذا الوصف في معناه مجرى وصفهم لأحدنا بأنه ضارب ومحرك ومسكن وما أشبه ذلك من الأفعال. ومن دفع ما ذكرناه في الكلام وإضافته إلى المتكلم تعذر عليه أن يضيف شيئاً على سبيل الفعلية لأن الطريقة واحدة. ولا يلزم على ما ذكرناه إضافة كلام النائم والساهي إليهما وإن لم يقع بحسب المقصود وذلك أننا لم نقتصر على ذكر المقصود والدواعي دون جملة الأحوال. والكلام يقع من النائم والساهي بحسب قدرتهما ولغتهما. واللثغة العارضة في لسانهما وغير ذلك من أحوالهما. على أنا قد احترزنا بذكر التقدير في كلامنا لأن من المعلوم أن كلام النائم لو كان قاصداً لوقع بحسب قصده وأنه مخالف لكلام غيره. ويدل على ما ذكرناه أيضاً أنهم يضيفون الكلام المسموع من المصروع إلى الجني لما اعتقدوا تعلقه بقصده وإرادته. وهذا وأن كان خطأ منهم وجهلا فلا يغير دلالتنا منه لانا إنما استدللنا باستعمالهم على وجه لا فرق فيه بين الفاسد والصحيح لأن عبارتهم تابعة لاعتقاداتهم ولا فرق بين أن تكون تلك الاعتقادات علماً أو جهلاً.كما يستدل على أن لفظة إله في لغتهم موضوعة لمن يحق له العبادة بوصفهم للأصنام بأنها آلهة لما اعتقدوا أن هذه العبادة تحب لها وأن كان هذا الاعتقاد منهم في الأصنام فاسدا.
فإن قالوا: إنهم إنما أضافوا الكلام المسموع من المصروع إلى الجني لما اعتقدوا أن الجني قد سلكه وخالطه وأن الكلام حال في الجني دونه فيعود الأمر إلى أن المتكلم بالكلام من حله. قلنا له ليس يعتقدون أن آلة المصروع ولسانه قد صار للجني دونه لأنهم لا يضيفون إلى الجني كل كلام يسمع من المصروع كالتسبيح والقراءة وما يجري مجراهما مما يعتقدون أن الجني لا يقصده. وإنما يضيفون إليه ما يعتقدون أنه لا يكون من مقصود غير الجني. فدل هذا على أنهم لا يضيفون الكلام إلا إلى من وقع بحسب أحواله وقصوده على ما قدمناه. ويدل أيضاً على ما ذهبنا إليه أن الكلام يوجد في الصدأ ويستحيل أن يكون كلاماً له أو للقديم تعالى لأنه ربما كان كذبا أو عبثاً وهو عز اسمه ينزه عن ذلك. أو كلاماً لا لمتكلم به فيجب أن يكون كلاماً لمن فعل أسبابه ووجد بحسب دواعيه وقصوده. وليس لهم أن يمتنعوا من وجود الكلام في الصدا لأنه عندهم معنى في النفس لانا قد بينا أن الكلام هو هذه الأصوات المخصوصة فيما تقدم ولا شبهة في وجودها في الصدا.
فأما حدهم للمتكلم بأنه من له كلام فإحالة على مبهم والسؤال باق لأنه يقال: فكيف صار الكلام له ابأن حله أو بأن فعله. فلا بد من التفسير. وهذه اللفظة أعني قولهم: أن له كذا تحتمل أموراً مختلفة المعاني: منها إضافة البعض إلى الكل كقولهم: له يد ورجل. ومعنى الملك كقولهم: له دار وغلام. ومعنى الفعلية كقولهم: له إحسان ونعمة. ومعنى الحلول كما يقال: له طعم ولون. وما يحتمل أموراً مختلفة لا يجوز أن يحد به في الموضع الذي يقصد فيه التمييز وكشف الغرض.ولما كنا قد ذكرنا طرفاً من القول في حقيقة الكلام والمتكلم فيحتاج إلى نبذ من الكلام في الحكاية والمحكي ليكون هذا الفصل مقنعا فيما وضع له.
والذي كان يذهب إليه أبو الهذيل محمد بن الهذيل وأبو علي محمد بن عبدالوهاب أن الحكاية هي المحكي وأن التالي للقرآن يسمع منه كلام الله على الحقيقة وأن البقاء يجوز على الكلام ويوجد في الحال الواحدة في الأماكن الكثيرة فيوجد مع الصوت مسموعاً ومع الكتابة مكتوباً ومع الحفظ محفوظاً. ويجري في وجوده في الأماكن الكثيرة مجرى الأجسام ويزيد على الأجسام بأنه يوجد في الأماكن الكثيرة في الوقت الواحد والأجسام إنما توجد في الأماكن على البدل. ثم قال أبو علي بعد ذلك: إن التالي للقرآن يوجد مع تلاوته كلامان أحدهما من فعله والآخر هو كلام الله تعالى. والذي كان يقوله أبو هاشم وقد ذهب إليه قبله جعفر بن حرب وجعفر بن مبشر أن الكلام هو الصوت الواقع على بعض الوجوه ولا يجوز عليه البقاء ولا يوجد إلا في المحل الواحد والحكاية غير المحكي وإن كانت مثله. والقارئ لا يسمع منه إلا ما فعله والقراءة غير المقروء والكتابة غير الكلام وإنما هي إمارات للحروف والحفظ هو العلم بكيفية الكلام ونظمه. وعلى هذا القول أكثر الشيوخ وهو الصحيح الذي لا شبهة فيه والذي يدل عليه أننا قد بينا فيما تقدم أن الكلام هو الصوت الواقع على بعض الوجوه بما لا فائدة في إعادته. والصوت فلا شبهة في أنه غير باق لما بيناه أيضاً. وإذا كان الكلام هو الصوت والصوت لا يجوز عليه البقاء فكيف يقال أنه يوجد في قراءة كل قارئ ومع الكتابة وغيرها. ويدل أيضاً على أن الكتابة لا يوجد معها كلام وإنما هي أمارات الحروف بالمواضعة أن الاستفادة بالكتابة كالاستفادة بعقد الأصابع والإشارة وغيرهما من الأفعال التي تقع المواضعة عليها فلو كان لابد من كلام يوجد مع الكتابة لأجل الفائدة الحاصلة بها لوجب ذلك في جميع ما ذكرناه وذلك محال لا يحسن الخلاف فيه.
ومما يدل على أن التلاوة للقرآن لا يوجد معها شيء آخر: أن القائل بسم الله الرحمن الرحيم متعوذاً بها غير قاصد إلى تلاوة القرآن يوجد الكلام من فعله فلو كان إذا قصد حاكياً لكلام الله تعالى وجد كلام آخر لكان إذا قصد حكاية كلام كل من تلا القرآن يوجد كلامهم أجمع عند قصده فيقوى إدراكنا للكلام من حيث نسمع كلاماً كثيرا في هذه الحال وفي غيرها شيئا واحدا وهذا واضح الفساد.
وقد تعلق أبو علي وأبو الهذيل فيما ذهبا إليه بأنه لو كان القارئ لا يسمع منه إلا ما فعله دون كلام الله تعالى لبطل التحدي وخرج من كونه معجزاً لأنه لو كانت الحكاية غير المحكي وهي مثله لكان كل من فعل القرآن قد أتى بمثله على الحقيقة والتحدي يضمن أنهم لا يأتون بمثله على الحقيقة. والجواب عن هذا: أن التحدي إنما وقع بفعل مثل القرآن على الابتداء دون الاحتذاء والتالي للقرآن قد أتى بمثله محتذياً فلا يكون بذلك معارضاً. وعلى هذا أيضاً كان يقع التحدي من العرب بعضها بعضا بالأشعار على سبيل الابتداء والأمر في هذا واضح .
وتعلق أبو علي فيما ذهب إليه ثانياً: بأن القرآن ليس بقبيح على وجه من الوجوه وقد ثبت أن قراءته تقبح من الجنب والحائض ودل ذلك على أن القراءة شيء والقرآن شيء. والجواب عن هذا أن معنى قولنا إن القرآن ليس بقبيح بوجه من الوجوه هو أن ما فعله تعالى وأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه صفته ولا يمنع أن تكون التلاوة التي هي فعل التالي والحكاية التي هي فعل الحاكي. ويسمى بالتعارف قرآناً في بعض الأحوال ويرجع القبح إلى أفعال العباد دون القرآن على الحقيقة.
وقد أعتمد أبو الهذيل وأبو علي أيضا على قوله تبارك وتعالى ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ))، ولا خلاف بين الأمة أن المسموع في المحاريب كلام الله تعالى على الحقيقة. والجواب عن هذا: أن إضافة الكلام إلى المتكلم أن كان الأصل فيها أن يكون من فعله فقد صار بالتعارف يضاف إليه إذا وردت مثل صورة كلامه. ولهذا يقولون فيما نسمعه الآن هذه قصيدة امرئ القيس وإن كان الفاعل لذلك غيره. وقد صار هذا بالتعارف حقيقة حتى لا يقدم أحد على أن يقول ما سمعت شعر امرئ القيس على الحقيقة. وقد تخطى ذلك إلى أن صاروا يشيرون إلى ما في الدفتر ويقولون: هذا علم فلان وهذا كلام فلان لما كان مثل هذه الصورة.

يكشنبه ۲۹ تير ۱۳۹۹ ساعت ۱۲:۴۸
نظرات



نمایش ایمیل به مخاطبین





نمایش نظر در سایت

حبیب راثی
۲۹ تير ۱۳۹۹ ساعت ۱۳:۰۵
بسیار عالی جناب آقای دکتر ممنون از اینکه یاد این بزدگمرد شیعی را زنده کردید انشالله کار تحقیق خوبی روی او و آثارش صورت بگیرد در دیوانش نشانه های صریحی بر امامی بودن وی وجود دارد.
وفقکم الله