آرشیو
آمار بازدید
بازدیدکنندگان تا کنون : ۲٫۰۴۳٫۵۰۰ نفر
بازدیدکنندگان امروز : ۷۰ نفر
تعداد یادداشت ها : ۲٫۰۸۵
بازدید از این یادداشت : ۱٫۸۸۱

پر بازدیدترین یادداشت ها :
<p />
مسئلة الوجود وعلاقته بالماهية في الله و في سائر الموجودات هي مسئلة ذات أهمية بالغة عند فلاسفة المسلمين وهذا بسبب أهمية هذه المسئلة في المنظومة الفلسفية الاسلامية، ولذلک يتکلمون عنها في کتبهم الفلسفية. لکن المسئلة تختلف عند المتکلمين لأن مسئلة الوجود لا تشکل عندهم المدخل الأساسي في أبحاثهم حول الحدوث والقدم وحول الجواهر والأعراض؛ ومن جهة أخری فإن الماهية وأحکامها أيضاً لا تشکل المنطلق الأساسي في أبحاثهم حول کيفية تعلق الأعراض بالجواهر. فإن المتکلمين منذ العصر الأول لعلم الکلام إلی عصر الفخر الرازي (المتوفی 606ق)، کانوا لا ينطلقون في أبحاثهم من منطلق الفلاسفة ولذلک من الصعب أحياناً فهم جزييات آرائهم حول الوجود والماهية ونستطيع فقط في غياب کثير من کتب أوائل المتکلمين، الانطلاق من بعض الإلزامات الکلامية لآرائهم المعروفة لدينا حتی نحاول أن نعرف بعض مباديهم الأساسية في هذا الموضوع في منظومتهم الکلامية. فلذا الحصول علی أي اطلاع أو أي مصدر من مصادرهم حول هذا الموضوع سيکون مفيد ومهم للغاية لباحثي علم الکلام عند المسلمين.

وسنتعرف هنا علی رسالة موسومة بالبراهين الظاهرة الجلية علی أن الوجود زائد علی الماهية وهي رسالة لأحد المتکلمين الزيدية في اليمن في القرن السادس القمری في موضوع زيادة الوجود علی الماهية وهي رسالة في غاية الأهمية بسبب موضوعه وبسبب ربط هذا البحث عند المتکلمين بکثير من المسائل ذات الأهمية في الموضوعات الکلامية المتعلقة بوجود الله وکيفية الحدوث ومسئلة الأجسام والأعراض وغير ذلک من المسائل الکلامية الأساسية. هذه الرسالة وإن هي ناقصة من الآخر وذلک بسبب نقص النسخة الوحيدة المعروفة والمتاحة لدينا والتي وجدتها لأول مرة ضمن مجموعة في اليمن، ولکن هي ذات أهمية من جهة أخری أيضاً وهي أنها رسالة في الرد علی المتکلم المعتزلي محمود الملاحمي (المتوفی536ق) الذي نعرف أنه کان من أتباع مدرسة أبي الحسين البصري ( المتوفی سنة 436ق) الکلامية والتي تأثر منها علم الکلام الاسلامي المتأخر في شقّيه الشيعي والسني. وبما أن هذه الرسالة کتبت من قبل واحد من المتکلمين المعتزلة الزيديين في اليمن فإنها تساعدنا في معرفة تطورات نشر ونفوذ المدرسة الکلامية لأبي الحسين البصري عند المعتزلة في اليمن. أما مؤلف الرسالة، فهو الحسن بن محمد الرصّاص وهو من أشهر المتکلمين الزيدية الذين أخذوا ونشروا تعاليم وآراء المعتزلة البهشميين في اليمن؛ وکما نعرف أن الکلام البصري البهشمي أخذ في النشر والتوسع في اليمن خاصة بسبب جهود القاضي جعفر بن أحمد بن عبدالسلام (المتوفی573ق)[1] الذي سافر الی ايران وأخذ العلوم من مشاهير الزيدية في الری وتعلم عندهم الکلام المعتزلي وخاصة الکلام البصري ونقل معه أمهات الکتب الکلامية المعتزلية الی اليمن وأخذ ينشر ويعلّم الکلام؛ و مؤلفنا الرصاص کان أبرز تلاميذه في علم الکلام وکان کأستاذه من التابعين لمدرسة الاعتزال البهشمي وخاصة تعاليم القاضي عبدالجبار وتلامذته بالري. ومن جهة أخری نحن لانعرف بالضبط متی وبأي شکل وطريقة دخل تعاليم وآراء أبي الحسين البصري الکلامية إلی اليمن ولکن من المعلوم أن القاضي جعفر ابن عبدالسلام کان من أتباع البهشميين وتأثرکثيرا بالمتکلم والعالم المعتزلي الزيدي الحاکم الجِشُمي (المتوفی 494ق) الذي کان من المنقدين لأبي الحسين البصري بسبب مخالفاته لمدرسة البهشمية وأخذه لبعض آراء الفلاسفة[2] ولهذا السبب کان الزيدية اليمنيون المتأثرون بالحاکم الجشمي في القرن السادس لا يلتفتون إلی آراء أبي الحسين البصري الکلامية في حين أنهم استفادوا من آراء أبي الحسين في علم أصول الفقه وخاصة من کتابه المعتمد في أصول الفقه. أما في القرن السابع القمري فإن کتب الملاحمي ومنها کتاب المعتمد کانت مدار التدريس والتدرس في اليمن والزيدية هناک أخذوا بالتعرف علی آرائه وقبولها أحيانا عند بعضهم[3].

المؤلف: هو حسام الدين أبو محمد / أبو علي الحسن بن محمد بن أبي طاهر الحسن بن أبي بکر الرَّصّاص (546 – توفي في 28 شوال 584 ق/ 1133‏ - ‏‏‏‏1171م)؛ وکما قلنا، تتلمذ هو على القاضي جعفر بن أحمد بن عبدالسلام وفي سن مبکّر من عمره وأخذ منه علم الکلام وعلم الحديث وأصول الفقه وإليه إنتهت رئاسة أصحاب القاضي جعفر،کما قيل في المصادر الزيدية. وکان من أساتذة الإمام الزيدي المنصور بالله عبدالله بن حمزة (المتوفی سنة 614ق)، وله کثير من الکتب وإن مات في عمر أقل من 40 سنة؛ وکان اهتمامه الخاص تأليف کتب ورسائل کلامية محضة وخاصة فيما يصطلح ب"دقيق الکلام" أي في الکلام الفلسفي وفي موضوعات مثل الجواهر والأعراض والأجسام وکتب في موضوعات ذات الأهمية مثل موضوع أنواع المؤثرات والفرق بين الفاعل والعلة والسبب وأيضاً کيفية الأعراض والصفات. ومع الأسف لم يطبع أي کتاب أو رسالة له في علم الکلام أو في غيره کعلم أصول الفقه والذي نعرف أنّه کتب فيه کتابا مشهورا بعنوان الفائق في أصول الفقه. فقسم من کتبه الکلامية الموجودة مخطوطاته کالتالي: 1-کتاب المؤثرات ومفتاح المشکلات، تکلم فيها عن المؤثرات و قسّمها إلی ثلاثة أقسام: الفاعل والعلة والسبب؛ وتکلم فيها أيضاً عن ما يجري مجری المؤثرات. 2- کتاب کيفية کشف الأحکام والصفات عن خصائص المؤثرات والمقتضيات؛ 3- الکاشف لذوي البصائر في اثبات الأعراض والجواهر؛ وغيرها من الکتب. وقيل أنه کتب کتابا حافلا في مناقضات أهل المنطق، وبطبيعة الحال ردّ فيه علی الفلاسفة[4] . وهنا من المفيد أن نتعرف بابنه أحمد (المتوفی سنة 621 ق) الذي له عدة کتب کلامية مشهورة عند الزيدية في اليمن، مثل مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم ( أو الثلاثون المسألة) الذي صار مجالا للتدريس والشرح من قبل الزيدية ومن کتبه أيضاً الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في قواعد التابعة وطبع الکتابان[5].

موضوع الرسالة: هذه الرسالة يتکلم عن مسئلة زيادة الوجود علی الماهية وقول الفلاسفة والمتکلمين فيها؛ وکما نعرف کان هناک خلاف في أنّ الوجود هل هو نفس الماهية، أو زائد عليها؟ فيما يخصّ کتب فخر الدين الرازي والخواجة نصير الدين الطوسی (المتوفی 672ق) والعلامة الحلي (المتوفی 726ق) هناک مجال للبحث حول هذه المسئلة يتکلمون فيها عن اختلاف أقوال المتکلمين والفلاسفة في هذه المسئلة؛ ولکن المسئلة تختلف بين وجود الله ووجود سائر الموجودات. فهناک قول تُنسب إلی أبي الحسن الأشعري (المتوفی 324ق) وأبي الحسين البصري من المتکلمين الذين کانوا لا يتمايزون بين الله وبين سائر الموجودات وکانوا يعتقدون أن وجود کل ماهية نفس تلک الماهية. في حين أن الفلاسفة، کانوا يعتقدون أن وجودات الممكنات، فإنّها زائدة على ذواتها، أما فيما يخص واجب الوجود فإنهم کانوا يعتقدون أن وجوده نفس حقيقته وماهيته[6].

بالنسبة إلی أبي الحسين البصري فنحن لا نمتلک الا قليلا من کتبه[7] فلذلک لابد لنا أن نراجع کتب محمود الملاحمي الذي ينقل آراء أبي الحسين البصري. في کتابه في الرد علی الفلاسفة الموسوم بتحفة المتکلمين، تکلم الملاحمي عن هذه المسئلة ويتکلم فيها عن اختلاف الفلاسفة والمتکلمين في هذه المسئلة ويرد علی قول الفلاسفة. والملاحمي الذي کان يعتقد أن الوجود هو حقيقة کل شي ولذلک لا يعتقد بزيادة الوجود علی الماهية لا في وجود الباري ولا في سائر الموجودات، ويختلف بطبيعة الحال مع الفلاسفة في قولهم بزيادة الوجود علی الماهية في الموجودات؛ ينقل عن البهشمية القول بأنّ وجود الشيء هو أمر زائد علی ذات الشيء وحقيقته ويقول أن أصحاب أبي هاشم الجبايي (المتوفی 321ق) يجعلون الوجود حالة لذات الموجود في الله وفي سائر الموجودات. والملاحمي وإن لم يذکر أبا الحسين البصري في بحثه هذا ولکن يمکن أن نفهم من فحوی کلامه أنه يقصد به أيضاً حين يتکلم عن رأيه في المسئلة مخالفاً رأي أصحاب أبي هاشم الجبايي. أما العلامة الحلي فإنّه يذکر استدلالاً لأبي الحسين البصري لعدم زيادة الوجود علی الماهية وأنه عينها، منقول منه[8]. وهذه المسئلة عند أبي الحسين والملاحمي مرتبطة بطبيعة الحال بانکارهما نظريتا شيئية المعدوم والأحوال و بتعريفهم لمفهوم الوجود.

وبما أن الرصّاص کان ملتزما بآراء مدرسة أبي هاشم الجبايي فإنّه يردّ في هذه الرسالة علی کلام الملاحمي في رده علی الفلاسفة، وإن لم يذکر فيها مصدر کلام الملاحمي؛ ولکن مع المقارنة بين کلامه المنقول عن الملاحمي وبين ما يذکره الملاحمي في تحفة المتکلمين، نعرف أنه يقصد کتابه هذا. والرصاص ما أراد بهذه الرسالة الدفاع عن الفلاسفة ونظريتهم حول زيادة الوجود علی الماهية في الممکنات، بل کان يريد أن يدافع عن آراء البهشمية في أنّ الوجود زائد علی ذوات الأشياء کلها وليست هناک فرق بين الله والممکنات.

في مصادرنا لحياة الرصاص لا يوجد أي ذکر لهذه الرسالة في قائمة کتب الرصاص ولکن النسخة الوحيدة المعروفة منها حتی الآن وهي نسخة قديمة تحمل إسم المؤلف بصورة واضحة وليس هناک سبباً لإنکار نسبة هذه الرسالة إلی الرصاص. وعلی کل حال هذه الرسالة دليل بارز علی تعرف المتکلمين الزيدية في اليمن في النصف الثاني من القرن السادس القمري علی تراث محمود الملاحمي الکلامية وخاصة کتابه تحفة المتکلمين.


توجه: لازم به ذکر است که رساله رصّاص وسيله نويسنده اين مقاله پيش از اين در ضمن مجموعه ای از مطالعات درباره معتزله در استانبول منتشر شده است.

--------------------------------------------------------------------------------

[1] راجع عنه: علي محمد زيد، تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري، صنعاء، 1997، ص 130-143

[2] انظر: مقدمة زابينه اشميتکه لکتاب المنهاج في أصول الدين، بيروت، 2007

[3] See Sabine Schmidtke: “The Karaites’ Encounter with the Thought of Abu l-Íusayn al-BaÒrÐ (d. 436/1044). A Survey of the Relevant Materials in the Firkovitch-Collection, St. Petersburg.“ Arabica 53 i (2006), pp. 108-142.
وأيضاً انظر: مقدمة الاستاذ مادلونگ علی طبعه لکتاب المعتمد للملاحمي.

[4] أنظر: فهرس المكتبة الغربية 566، 667، 718، لوامع الأنوار 2/42، تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي 3/90، اسماعيل بن علي الأکوع، هِجَر العلم ومعاقله في اليمن، بيروت/دمشق، 1416ق/1995م، 2/959-960 ؛ الحبشي، مصادر الفکر العربي الاسلامي في اليمن، صنعاء، مرکز الدراسات اليمنية،98،155،317 - 99، 370؛ رجال الأزهار (11)؛ الأعلام (2/214)، الروض الأغن (1/153)، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (331) ص (342).

[5] انظر: تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي ج3/303، مصادر العمري163 ـ 165، سيرة الإمام عبد الله بن حمزة (156، 157، 167)، مصادر الفكر العربي والإسلامي في اليمن للحبشي 104-105، مصادر التراث في المتحف البريطاني (163، 165)، أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم ترجمة رقم (62).

[6] انظر: الفخر الرازي، محصل أفکار المتقدمين والمتأخرين، تحقيق طه عبدالرؤوف سعد، بيروت، 1404ق/1984م، 96؛ نصير الدين الطوسی، تلخيص المحصل، تحقيق عبدالله نوراني، تهران، 1359ش، ص 97-98 ؛ العلامة الحلي، کشف المراد، تحقيق حسن حسن زاده آملي، قم، 1417ق، ص 34-39 ؛ نفس المؤلف، نهاية المرام، تحقيق ، 1/37-45

[7] See Abu l-Íusayn al-BaÒrÐ: TaÒaffuÎ al-adilla. The extant parts introduced and edited by Wilferd Madelung and Sabine Schmidtke. Wiesbaden 2006.

[8] العلامة الحلي، نهاية المرام، 1/42-43
يكشنبه ۱ آذر ۱۳۸۸ ساعت ۱۷:۵۰
نظرات



نمایش ایمیل به مخاطبین





نمایش نظر در سایت