وصلتني نسخة من هذا الکتاب اليوم وبدأت بقرائته والغريب أن المؤلف الدکتور رضوان السيد ينقل من کتب زيدية في الفقه والتاريخ والسيرة التي نشرت خلال السنوات الماضية وهو ينقل من مخطوطاتها. والحاکم "أبوسعيد" في ص ۱۶۱ و ص ۱۶۲ و ص ۱۶۳ هو الحاکم أبوسعد الحاکم الجشمي؛ والجرجاني الحسن بن إسماعيل في نفس الصفحة وصفحات أخری لازم أن يصحح بالجرجاني الحسين بن إسماعيل وهو المؤفق بالله الجرجاني. وأحیاناً ذکر الدکتور رضوان السيد اللمع في الفقه للأمير جمال الدين علي بن الحسین بن یحیی وینقل فی نفس المواضیع من کتاب التقریر لفوائد التحریر للأمير الحسين بن بدر الدين وينسب الکتاب للأمير الأول صاحب اللمع. والأمير جمال الدين عنده کتاب في شرح التحرير ولکن هو غير کتاب التقرير للأمير حسين بن بدر الدين. وعلی کلّ حال البحث عن نسبة کتاب السير إلی النفس الزکية محمد بن عبدالله يحتاج إلی تحقيق أکثر وأدق؛ وکل ما نعلمه أن الکتاب کان منسوباً إليه في منتصف القرن الثالث القمري؛ لا أکثر.

والدکتور رضوان السيد نشر في الکتاب الرسائل المشهورة المتبادلة بين النفس الزکية وأبي جعفر المنصور ويعتقد أنها موثقة ويقول: "ولا أری داعياً إلی الشک في الرسائل حتی تلک التي لا ترد إلا في المصادر الزيدية"؛ ولکنني أعتقد أن الرسائل منحولة في صيغته الحالية. وسأنشر مقالة حول هذا الموضوع. ولا يوجد عندي أي شک حول عدم أصالة هذه الرسائل المزعومة المتبادلة بين النفس الزکية وأبي جعفر المنصور.

جمع رضوان السيد شذرات من محمد بن عبد الله النفس الزکية في السير وهو يقول أن أصول کل ما نقل يرجع إلی کتاب واحد وإن أشار إلی طبيعة التمايز في النقول عن الکتاب عند الزيدية في شمال ايران وعند الزيدية في العراق (الکوفة). وهذا ليس بصحيح. فأبو طالب الهاروني في تحريره وشرح تحريره (الذي وجد اليوم في تعليق وشرح لفقيه زيدي من کلار ايران إسمه زيد بن محمد الکلاري؛ والکتاب کبير في ۸ مجلدات) نقل من کتاب السير للنفس الزکية وإن لا نعرف اليوم بدقة مدی صحة هذا الإنتساب إلی النفس الزکية. ومن جهة أخری نعرف اليوم أن أباعبدالله الکوفي، المحدث الزيدي الکوفي في العراق في النصف الأول من القرن الخامس الهجري نقل نصوصا في مادة السير في کتابه الجامع الکافي بواسطة روايات محمد بن منصور المرادي وهذه النقول یختلف طبيعتها وسياقها عن مادة النقول عند أبي طالب. والتقليد الزيدي الإيراني کان يختلف عن التقليد الزيدي الفقهي بالکوفة و علی هذا الأساس لا يمکن أن نؤکد أن النقول يرجع إلی أصل وکتاب واحد.

ورضوان السيد يذکر أسباباً سياسية لماذا کثرت النقول من السير للنفس الزکية عند الزيدية باليمن من طريق کتاب التحرير وبصورة أقل من کتاب الجامع الکافي. ما قاله الدکتور رضوان السيد ليس في محله. لأن الزيدية في اليمن تعرفوا علی کتاب الجامع الکافي في القرون المتأخرة ولکن معرفتهم بکتاب التحرير وشرحه کانت قديمة. فکثرة النقل من کتاب التحرير يکون طبيعياً؛ فاذاً ليست هناک اسباباً سياسية. والزيدية في اليمن کانوا هادوية وأبو طالب کان هادوياً أيضا بخلاف أبي عبد الله الکوفي العلوي.

وفي عمل الدکتور رضوان السيد في الکتاب نری نقولا کثيرة من کتاب السير/ أو النفس الزکية عند فقهاء الزيدية في اليمن ليست منقولة في کتاب التحرير/ شرح التحرير و لا في الجامع الکافي؛ ورضوان السيد نقل هذه النصوص من کتب فقهية أخری؛ ولکن المشکلة هي أن مخطوطات کتاب/ کتب السير للنفس الزکية ما کانت موجودة في اليمن والنقول لابد أن جاءت إما من طريق التقليد الکوفي، أعني کتاب الجامع الکافي و إما من طريق التقليد الزيدي الإيراني (أعني کتب الهارونيين وشروحها وتعاليقها مثل الکلاري وغيره). فعلی الدکتور رضوان السيد وإن کان في قصده جمع کلّ الشذرات أن ينقلهم في تقليدين مستقلين: إما من کتاب الجامع الکافي وإما من طريق کتب فقهاء الزيدية في إيران. وإن وجدنا اليوم نقولا موجودة في کتب فقهاء الزيدية في اليمن عن النفس الزکية أو کتاب السير المنسوب له فمن طبيعة الحال أنه يمکننا أن نجدهم إما في کتاب الجامع الکافي (ما يتعلق بالتقليد الکوفي) وإما في کتب فقهاء إيران. ولهذا السبب کان ينبغي في هذا العمل الرجوع إلی کل ما لدينا من کتب الفقهاء القاسمية الهادوية والناصرية والمؤيدية من علماء طبرستان وديلمان وجيلان وليس فقط التحرير وشرح الکلاري. فعلی سبيل المثال إذا نقل المهدي أحمد بن يحيی ابن المرتضی نصاً من النفس الزکية فمن المحتمل جداً أن نجده في کتاب متقدم موجود من تراث الزيدية الفقهية من إيران؛ مثل کتب الهوسميين (أبوجعفر وأبوالقاسم) وعلي بن پيرمرد الديلمي ومحمد بن أبي الفوارس وعلي بن بلال الآملي وأبي مضر والشيخ علي خليل ومؤلفي کتب زيادات الإبانة وغيرهم. وعلی کل حال ليس من المفيد جمع شذرات من کتب لا نعلم ما هي مصادرها في النقل عن النفس الزکية.


دوشنبه ۱۸ بهمن ۱۴۰۰ ساعت ۱۱:۱۴