قال الأديب واللغوي المعتزلي أبوهلال العسکري في کتابه الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه (ص ۸۰ إلی ۸۲):

وَقَالَ بَعْضُهُمْ لأَبِي هَاشِمٍ: مَا أَحْسَنَ جَمْعَكَ لِمَعَانِي كُتُبِ أبي عَليّ وَاخْتِصَارَكَ لِكَلامِهِ. فَقَالَ: قَدْ دُسْتُ كُتُبَهُ دَوْسًا، وَأَكَلْتُهَا وَشَرِبْتُهَا دَرْسًا، فَعَرَفْتُهَا ظَهْرًا وَبَطْنًا. قُلْنَا: إِلا مَا كَانَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَسَائِرِ علومه، فَإِنَّهُ لم يكن لأبي هَاشم فِيهِ تَقَدُّمٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الاجْتِهَادِ لِظَنِّهِ آيَةَ التَّحَدِّي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: (وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ عِنْدَهُمْ فِي ظَنِّي مَدَنِيَّةً) ، وَهَذَا عَجِيبٌ مِنْ مِثْلِ أَبِي هَاشِمٍ، وَآيَاتُ التَّحَدِّي فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَالأَمْرُ فِي سُورَةِ الَبَقَرَةِ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَشُكَّ فِيهِ مُتَعَلِّمٌ فَضَلا عَنْ عَالِمٍ. وَأَمْلَى أَبُو عَلِيٍّ جَمِيعَ كُتُبِهِ مِنْ حِفْظِهِ، وَهِيَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفِ وَرَقَةٍ، وَمَا رَأَى أَحَدٌ مَعَهُ دَفْتَرًا قَطُّ إِلا فِي أَيَّامِ تَعَلُّمِهِ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِهِ إِلا مُصْحَفٌ وَتَقْوِيمٌ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الإِنْسَانَ لَا يَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغَ إِلَّا بعد الْجهد الشَّديد والتعب الْكَبِير. لا نَعْلَمُ أَحَدًا غَيْرَ أَبِي عَلِيٍّ أَمْلَى تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ إِمْلاءً مِنْ حِفْظِهِ إِلا مَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُضَرٍ أَمْلَى تَفْسِيرَهُ فِي أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَهُوَ تَفْسِيرٌ صَغِيرُ الْحَجْمِ لَا يُقَاسُ بِتَفْسِيرِ أَبِي عَلِيٍّ، وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ يُمْلِيهِ وَفِي يَدِهِ الْمُصْحَفُ فَقَطْ، وَلا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِكِتَاب.
شنبه ۱۸ مرداد ۱۳۹۹ ساعت ۳:۲۳