ابو الحسين بصري (د. 436ق) که از متکلمان برجسته معتزله در بغداد و از شاگردان قاضي عبد الجبار بوده است، دو کتاب در نقض آرای متکلم امامی معاصرش شريف مرتضی درباره امامت و غيبت دارد؛ يکی ردی بر کتاب الشافي شريف مرتضی که به نوبه خود اساسا ردی بر بخش امامت کتاب المغني قاضي عبدالجبار همداني بوده و ديگر رديه ای بر رساله المقنع شريف مرتضی که می دانيم از مهمترين نوشته های او درباره غيبت است (در اين باره، نک: حاکم جشمي، شرح العيون در فضل الاعتزال، ص387 ). می دانيم که سلار ديلمي، شاگرد شريف مرتضی بر کتاب ابو الحسين در رد بر الشافي رديه ای نگاشته بوده است (نک: معالم العلماء، ص 169). از اين رديه، ظاهرا نقلی در منابع کهن ديده نمی شود. اما در مورد کتاب نقض المقنع ابو الحسين بايد گفت که گزارشی از اينکه کسی در ميان اماميه رديه ای بر اين کتاب ابو الحسين نوشته است، در منابع نيامده است. اما از ديگر سو، در پاره ای از کتاب الغيبة شيخ طوسي که می دانيم در 447ق نوشته شده (نک: الغيبة، ص 112)، شيخ طوسي مطلبی را از کسی در نقض و رد گفتاری از شريف مرتضی درباره غيبت نقل می کند که به احتمال زياد اين مطلب از رديه ابو الحسين بصري بر کتاب المقنع نقل شده است. شيخ طوسي پس از اينکه عين مطلب آن شخص را می آورد، به تفصيل به مطالب وی پاسخ می دهد و مطالب او را رد و نقض می کند. در همين قسمت به وضوح، نگارنده آن نقض را معتزلی می خواند؛ کما اينکه از مطالب منتقد هم روشن است که متعلق به نويسنده ای است معتقد به مبانی اعتزال. بنابراين ترديدی نيست که مطلب نقل شده از نويسنده ای معتزلی بوده و چون ما از رديه ابو الحسين بر المقنع اطلاع داريم، تقريبا می شود به ظن متآخم به يقين گفت که اين مطلب از رديه ابو الحسين بر المقنع نقل شده است. ما در اينجا عين عبارات ابو الحسين و رديه شيخ طوسي را که گاه مشتمل بر نکات منقول ديگری از ابو الحسين هم هست ( و حتی محتملا در آنجاهايی که با صيغه ان قلت قلت ارائه می دهد)، ارائه می دهيم:

الغيبة- الشيخ الطوسي ص 5 به بعد
ووجدت لبعض المتأخرين كلاما اعترض به كلام المرتضى ( ره ) في الغيبة وظن أنه ظفر بطائل فموه به على من ليس له قريحة ولا بصر بوجوه النظر وأنا أتكلم عليه. فقال : الكلام في الغيبة والاعتراض عليها من ثلاثة أوجه . أحدها : أنا نلزم الامامية ثبوت وجه قبح فيها أو في التكليف معها فيلزمهم أن يثبتوا أن الغيبة ليس فيها وجه قبح ، لان مع ثبوت وجه القبح تقبح الغيبة ، وإن ثبت فيها وجه حسن كما نقول في قبح تكليف ما لا يطاق ( أن فيه وجه قبح ) وإن كان فيه وجه حسن بأن يكون لطفا لغيره . والثاني : أن الغيبة تنقض طريق وجوب الامامة في كل زمان ، لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا في كل حال ، وقبح التكليف مع فقده لانتقض بزمان الغيبة ، لانا في زمان الغيبة نكون مع رئيس هذه صفته أبعد من القبيح ، وهو دليل وجوب هذه الرئاسة ، ولم يجب وجود رئيس هذه صفته في زمان الغيبة ولا قبح التكليف مع فقده ، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض الدليل . والثالث : أن يقال : إن الفائدة بالامامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم ، وذلك لا يحصل مع وجوده غائبا فلم ينفصل وجوده من عدمه ، وإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلكم وجوب وجوده مع الغيبة ، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ، ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة ، فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال .

پاسخ شيخ طوسي:
الكلام عليه أن نقول : أما الفصل الاول من قوله : " إنا نلزم الامامية أن يكون في الغيبة وجه قبح " وعيد منه محض لا يقترن به حجة ، فكان ينبغي أن يتبين وجه القبح الذي أراد إلزامه إياهم لننظر فيه ولم يفعل ، فلا يتوجه وعيده . وإن قال ذلك سائلا على وجه : " ما أنكرتم أن يكون فيها وجه قبح " . فإنا نقول : وجوه القبح معقولة من كون الشئ ظلما وعبثا وكذبا ومفسدة وجهلا وليس شئ من ذلك موجودا ها هنا ، فعلمنا بذلك انتفاء وجود القبح . فإن قيل : وجه القبح أنه لم يزح علة المكلف على قولكم ، لان انبساط يده الذي هو لطف في الحقيقة والخوف من تأديبه لم يحصل ، فصار ذلك إخلالا بلطف المكلف فقبح لاجله . قلنا : ( قد ) بينا في باب وجوب الامامة بحيث أشرنا إليه أن انبساط يده عليه السلام والخوف من تأديبه إنما فات المكلفين لما يرجع إليهم ، لانهم أحوجوه إلى الاستتار بأن أخافوه ولم يمكنوه فأتوا من قبل نفوسهم . وجرى ذلك مجرى أن يقول قائل : " من لم يحصل له معرفة الله تعالى في تكليفه وجه قبح " لانه لم يحصل ما هو لطف له من المعرفة ، فينبغي أن يقبح تكليفه . فما يقولونه ها هنا من أن الكافر أتي من قبل نفسه ، لان الله قد نصب له الدلالة على معرفته ومكنه من الوصول إليها ، فإذا لم ينظر ولم يعرف أتي في ذلك من قبل نفسه ولم يقبح ذلك تكليفه ، فكذلك نقول : إنبساط يد الامام وإن فات المكلف فإنما أتي من قبل نفسه ، ولو مكنه لظهر وانبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه ، لان الحجة عليه لا له . وقد استوفينا نظائر ذلك في الموضع الذي أشرنا إليه ، وسنذكر فيما بعد إذا عرض ما يحتاج إلى ذكره . وأما الكلام في الفصل الثاني : فهو مبني على المغالطة ولا نقول : إنه لم يفهم ما أورده ، لان الرجل كان فوق ذلك لكن أراد التلبيس والتمويه ( في قوله ) : إن دليل وجوب الرئاسة ينتقض بحال الغيبة ، لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا على كل حال وقبح التكليف مع فقده لانتقض بزمان الغيبة [ لانا في زمان الغيبة ] فلم يقبح التكليف مع فقده ، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض . وإنما قلنا : إنه تمويه لانه ظن أنا نقول : إن في حال الغيبة دليل وجوب الامامة قائم ولا إمام فكان نقضا ، ولا نقول ذلك ، بل دليلنا في حال وجود الامام بعينه هو دليل حال غيبته ، في أن في الحالين الامام لطف فلا نقول : إن زمان الغيبة خلا من وجوب رئيس ، بل عندنا أن الرئيس حاصل ، وإنما ارتفع انبساط يده لما يرجع إلى المكلفين على ما بيناه ، لا لان انبساط يده خرج من كونه لطفا بل وجه اللطف به قائم ، وإنما لم يحصل لما يرجع إلى غير الله . فجرى مجرى أن يقول قائل : كيف يكون معرفة الله تعالى لطفا مع أن الكافر لا يعرف الله ، فلما كان التكليف على الكافر قائما والمعرفة مرتفعة دل على أن المعرفة ليست لطفا على كل حال لانها لو كانت كذلك لكان ذلك نقضا . وجوابنا في الامامة كجوابهم في المعرفة من أن الكافر لطفه قائم بالمعرفة وإنما فوت نفسه بالتفريط في النظر المؤدي إليها فلم يقبح تكليفه ، فكذلك نقول : الرئاسة لطف للمكلف في حال الغيبة ، وما يتعلق بالله من إيجاده حاصل ، وإنما ارتفع تصرفه وانبساط يده لامر يرجع إلى المكلفين فاستوى الامران ، والكلام في هذه المعنى مستوفى أيضا بحيث ذكرناه . وأما الكلام في الفصل الثالث : من قوله : إن الفائدة بالامامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم ، وذلك لم يحصل مع غيبته ، فلم ينفصل وجوده من عدمه ، فإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلكم وجوب وجوده مع الغيبة ، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ، ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة ، فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال . فإنا نقول : إنه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدمات ورد بعضها على بعض ، ولا شك أنه قصد بذلك المتويه والمغالطة ، وإلا فالامر أوضح من أن يخفى . ومتى قالت الامامية : إن انبساط يد الامام لا يجب في حال الغيبة حتى يقول : دليلكم لا يدل على وجوب إمام غير منبسط اليد ، لان هذه حال الغيبة ، بل الذي صرحنا به دفعة بعد أخرى أن انبساط يده واجب في الحالين ( في ) حال ظهوره وحال غيبته ، غير أن حال ظهوره مكن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكن فانقبضت يده ، لا أن انبساط يده خرج من باب الوجوب . وبينا أن الحجة بذلك قائمة على المكلفين من حيث منعوه ولم يمكنوه فأتوا من قبل نفوسهم ، وشبهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد أخرى . وأيضا فانا نعلم أن نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمله للقيام بما لا يقوم به غيره ، ومع هذا فليس التمكين واقعا لاهل الحل والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم ، ومع هذا لا يقول أحد : إن وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه . فجوابنا في غيبة الامام جوابهم في منع أهل الحل والعقد من اختيار من يصلح للامامة ، ولا فرق بينهما فإنما الخلاف بيننا أنا قلنا : علمنا ذلك عقلا ، وقالوا ذلك معلوم شرعا ، وذلك فرق من غير موضع الجمع . فإن قيل : أهل الحل والعقد إذا لم يمكنوا من اختيار من يصلح للامامة فإن الله يفعل ما يقوم مقام ذلك من الالطاف فلا يجب إسقاط التكليف ، وفي الشيوخ من قال إن الامام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية ، وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف . قلنا : أما من قال : نصب الامام لمصالح دنياوية قوله يفسد : لانه لو كان كذلك لما وجب إمامته ، ولا خلاف بينهم في أنه يجب إقامة الامام مع الاختيار . على أن ما يقوم به الامام من الجهاد وتولية الامراء والقضاة وقسمة الفئ واستيفاء الحدود والقصاصات أمور دينية لا يجوز تركها ، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك ، فقوله ساقط بذلك . وأما من قال : يفعل الله ما يقوم مقامه باطل ، لانه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الامام مطلقا على كل حال ، ولكان يكون ذلك من باب التخيير ، كما نقول في فروض الكفايات . وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كل حال دليل على فساد ما قالوه . على أنه يلزم على الوجهين جميعا المعرفة . بأن يقال : الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها ، فلا يجب عليه المعرفة على كل حال . أو يقال : إن ما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة ، فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة ، ومتى قيل : إنه لا بدل للمعرفة ، قلنا : وكذلك لا بدل للامام على ما مضى - وذكرناه في تلخيص الشافي - وكذلك إن بينوا أن الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني قلنا : مثل ذلك في وجود الامام سواء . فإن قيل : لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده . فإن قلتم : يجب جميع ذلك على الله ، فإنه ينتقض بحال الغيبة لانه لم يوجد إمام منبسط اليد ، وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف ما لا يطاق ، لانا لا نقدر على إيجاده ، وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه ، مع أن فيه أنه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف للغير ، وكيف يجب على زيد بسط يد الامام لتحصيل لطف عمرو ، وهل ذلك إلا نقض الاصول . قلنا: الذي نقوله أن وجود الامام المنبسط اليد إذا ثبت أنه لطف لنا على ما دللنا عليه ولم يكن إيجاده في مقدورنا لم يحسن أن نكلف إيجاده لانه تكليف ما لا يطاق ، وبسط يده وتقوية سلطانه قد يكون في مقدورنا وفي مقدور الله ، فإذا لم يفعل الله تعالى علمنا أنه غير واجب عليه وأنه واجب علينا ، لانه لابد من أن يكون منبسط اليد ليتم الغرض بالتكليف ، وبينا بذلك أن بسط يده لو كان من فعله تعالى لقهر الخلق عليه ، والحيلولة بينه وبين أعدائه وتقوية أمره بالملائكة ربما أدى إلى سقوط الغرض بالتكليف ، وحصول الالجاء ، فإذا يجب علينا بسط يده على كل حال وإذا لم نفعله أتينا من قبل نفوسنا . فأما قولهم : في ذلك إيجاب اللطف علينا للغير غير صحيح . لانا نقول : إن كل من يجب عليه نصرة الامام وتقوية سلطانه له في ذلك مصلحة تخصه ، وإن كانت فيه مصلحة يرجع إلى غيره كما نقوله في أن الانبياء يجب عليهم تحمل أعباء النبوة والاداء إلى الخلق ما هو مصلحة لهم ، لان لهم في القيام بذلك مصلحة تخصهم وإن كانت فيها مصلحة لغيرهم . ويلزم المخالف في أهل الحل والعقد بأن يقال : كيف يجب عليهم اختيار الامام لمصلحة ترجع إلى جميع الامة ، وهل ذلك إلا إيجاب الفعل عليهم لما يرجع إلى مصلحة غيرهم ، فأي شئ أجابوا به فهو جوابنا بعينه سواء . فإن قيل : لم زعمتم أنه يجب إيجاده في حال الغيبة وهلا جاز أن يكون معدوما . قلنا : إنما أوجبنا [ ذلك ] من حيث إن تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتم إلا بعد وجوده وإيجاده لم يكن في مقدورنا ، قلنا عند ذلك : أنه يجب على الله ذلك وإلا أدى إلى أن لا نكون مزاحي العلة بفعل اللطف فنكون أتينا من قبله تعالى لا من قبلنا ، وإذا أوجده ولم نمكنه من انبساط يده أتينا من قبل نفوسنا فحسن التكليف وفي الاول لم يحسن . فإن قيل : ما الذي تريدون بتمكيننا إياه ؟ أتريدون أن نقصده ونشافهه وذلك لا يتم إلا مع وجوده . قيل لكم : لا يصح جميع ذلك إلا مع ظهوره وعلمنا أو علم بعضنا بمكانه . وإن قلتم : نريد بتمكيننا أن نبخع لطاعته والشد على يده ، ونكف عن نصرة الظالمين ، ونقوم على نصرته متى دعانا إلى إمامته ودلنا عليها بمعجزته . قلنا لكم : فنحن يمكننا ذلك في زمان الغيبة وإن لم يكن الامام موجودا فيه ، فكيف قلتم لا يتم ما كلفناه من ذلك إلا مع وجود الامام . قلنا : الذي نقوله في هذا الباب ما ذكره المرتضى رحمه الله في الذخيرة وذكرناه في تلخيص الشافي أن الذي هو لطفنا من تصرف الامام وانبساط يده لا يتم إلا بأمور ثلاثة . أحدها : يتعلق بالله وهو إيجاده . والثاني : يتعلق به من تحمل أعباء الامامة والقيام بها . والثالث : يتعلق بنا من العزم على نصرته ، ومعاضدته ، والانقياد له ، فوجوب تحمله عليه فرع على وجوده ، لانه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم ، فصار إيجاد الله إياه أصلا لوجوب قيامه ، وصار وجوب نصرته علينا فرعا لهذين الاصلين لانه إنما يجب علينا طاعته إذا وجد ، وتحمل أعباء الامامة وقام بها ، فحينئذ يجب علينا طاعته ، فمع هذا التحقيق كيف يقال : لم لا يكون معدوما . فإن قيل : فما الفرق بين أن يكون موجودا مستترا ( حتى إذا علم الله منا تمكينه أظهره ، وبين أن يكون ) معدوما حتى إذا علم منا العزم على تمكينه أوجده . قلنا : لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لانه تكليف ما لا يطاق ، فإذا لابد من وجوده . فإن قيل : يوجده الله تعالى إذا علم أنا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنه يظهره عند مثل ذلك . قلنا : وجوب تمكينه والانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا ، فيجب أن يكون التمكين من طاعته والمصير إلى أمره ممكنا في جميع الاحوال وإلا لم يحسن التكليف ، وإنما كان يتم ذلك لو لم نكن مكلفين في كل حال لوجوب طاعته والانقياد لامره ، بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره والامر عندنا بخلافه . ثم يقال لمن خالفنا في ذلك وألزمنا عدمه على استتاره : لم لا يجوز أن يكلف الله تعالى المعرفة ولا ينصب عليها دلالة إذا علم أنا لا ننظر فيها ، حتى إذا علم من حالنا أنا نقصد إلى النظر ونعزم على ذلك أوجد الادلة ونصبها ، فحينئذ ننظر ونقول ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ننظر فيها وبين عدمها حتى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله تعالى . ومتى قالوا : نصب الادلة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة والآلة . قلنا : وكذلك وجود الامام عليه السلام من جملة التمكين من وجوب طاعته ، ومتى لم يكن موجودا لم تمكنا طاعته ، كما أن الادلة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الامران .
وبهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا نرتضيها في الجواب وأسئلة المخالف عليها ، وهذا المعنى مستوفي في كتبي وخاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره. والمثال الذي ذكره من أنه لو أوجب الله علينا أن نتوضأ من ماء بئر معينة لم يكن لها حبل نستقي به ، وقال لنا : إن دنوتم من البئر خلقت لكم حبلا تستقون به [ من ] الماء ، فإنه يكون مزيحا لعلتنا ، ومتى لم ندن من البئر كنا قد أتينا من قبل نفوسنا لا من قبله تعالى . وكذلك لو قال السيد لعبده وهو بعيد منه : اشتر لي لحما من السوق ، فقال : لا أتمكن من ذلك لانه ليس معي ثمنه ، فقال : إن دنوت أعطيتك ثمنه ، فإنه يكون مزيحا لعلته ، ومتى لم يدن لاخذ الثمن يكون قد أتي من قبل نفسه لا من قبل سيده ، وهذه حال ظهور الامام مع تمكيننا فيجب أن يكون عدم تمكيننا هو السبب في أن لم يظهر في هذه الاحوال لا عدمه ، إذ كنا لو مكناه عليه السلام لوجد وظهر . قلنا: هذا كلام من يظن أنه يجب علينا تمكينه إذا ظهر ولا يجب علينا ذلك في كل حال ، ورضينا بالمثال الذي ذكره ، لانه تعالى لو أوجب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلا في الحال لان به تزاح العلة ، لكن إذا قال : متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنما هو مكلف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال ، لانه ليس بمكلف للاستقاء منها ، فإذا دنا من البئر صار حينئذ مكلفا للاستقاء ، فيجب عند ذلك أن يخلق له الحبل ، فنظير ذلك أن لا يجب علينا في كل حال طاعة الامام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده ، فلما كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجودا لتزاح العلة في التكليف ويحسن . والجواب : عن مثال السيد مع غلامه مثل ذلك لانه إنما كلفه الدنو منه لا الشراء ، فإذا دنا منه وكلفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن . ولهذا قلنا : إن الله تعالى كلف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلة لانه لم يكلفهم الآن ، فإذا أوجدهم وأزاح علتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الادلة حينئذ تناولهم التكليف ، فسقط بذلك هذه المغالطة . على أن الامام إذا كان مكلفا للقيام بالامر وتحمل أعباء الامامة كيف يجوز أن يكون معدوما وهل يصح تكليف المعدوم عند عاقل ، وليس لتكليفه ذلك تعلق بتمكيننا أصلا ، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمله على ما مضى القول فيه ، وهذا واضح . ثم يقال لهم : أليس النبي صلى الله عليه وآله اختفى في الشعب ثلاث سنين لم يصل إليه أحد ، واختفى في الغار ثلاثة أيام ولم يجز قياسا على ذلك أن يعدمه الله تعالى تلك المدة مع بقاء التكليف على الخلق الذين بعثه لطفا لهم . ومتى قالوا : إنما اختفى بعدما دعا إلى نفسه وأظهر نبوته فلما أخافوه استتر. قلنا: وكذلك الامام لم يستتر إلا وقد أظهر آباؤه موضعه وصفته ، ودلوا عليه ، ثم لما خاف عليه أبوه الحسن بن علي عليهم السلام أخفاه وستره ، فالامران إذا سواء . ثم يقال لهم : خبرونا لو علم الله من حال شخص أن من مصلحته أن يبعث الله إليه نبيا معينا يؤدي إليه مصالحه وعلم أنه لو بعثه لقتله هذا الشخص ، ولو منع من قتله قهرا كان فيه مفسدة له أو لغيره ، هل يحسن أن يكلف هذا الشخص ولا يبعث إليه ذلك النبي ، أو لا يكلف . فإن قالوا : لا يكلف . قلنا : وما المانع منه ، وله طريق إلى معرفة مصالحه بأن يمكن النبي من الاداء إليه . وإن قلتم : يكلفه ولا يبعث إليه . قلنا : وكيف يجوز أن يكلفه ولم يفعل به ما هو لطف له مقدور . فإن قالوا : أتي في ذلك من قبل نفسه . قلنا : هو لم يفعل شيئا وإنما علم أنه لا يمكنه ، وبالعلم لا يحسن تكليفه مع ارتفاع اللطف ، ولو جاز ذلك لجاز أن يكلف ما لا دليل عليه إذا علم أنه لا ينظر فيه ، وذلك باطل ، ولابد أن يقال : إنه يبعث إلى ذلك الشخص ويوجب عليه الانقياد له ليكون مزيحا لعلته ، فإما أن يمنع منه بما لا ينافي التكليف ، أو يجعله بحيث لا يتمكن من قتله ، فيكون قد أتي من قبل نفسه في عدم الوصول إليه ، وهذه حالنا مع الامام في حال الغيبة سواء . فإن قال : لابد أن يعلمه أن له مصلحة في بعثة هذا الشخص إليه على لسان غيره ليعلم أنه قد أتي من قبل نفسه . قلنا : وكذلك أعلمنا الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والائمة من آبائه عليهم السلام موضعه ، وأوجب علينا طاعته ، فإذا لم يظهر لنا علمنا أنا أتينا من قبل نفوسنا فاستوى الامران . وأما الذي يدل على الاصل الثاني وهو أن من شأن الامام أن يكون مقطوعا على عصمته ، فهو أن العلة التي لاجلها احتجنا إلى الامام ارتفاع العصمة ، بدلالة أن الخلق متى كانوا معصومين لم يحتاجوا إلى إمام وإذا خلوا من كونهم معصومين احتاجوا إليه ، علمنا عند ذلك أن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة ، كما نقوله في علة حاجة الفعل إلى فاعل أنها الحدوث ، بدلالة أن ما يصح حدوثه يحتاج إلى فاعل في حدوثه ، وما لا يصح حدوثه يستغني عن الفاعل ، وحكمنا بذلك أن كل محدث يحتاج إلى محدث ، فبمثل ذلك يجب الحكم بحاجة كل من ليس بمعصوم إلى إمام وإلا انتقضت العلة ، فلو كان الامام غير معصوم لكانت علة الحاجة فيه قائمة واحتاج إلى إمام آخر ، والكلام في إمامه كالكلام فيه ، فيؤدي إلى إيجاب أئمة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى معصوم وهو المراد . وهذه الطريقة قد أحكمناها في كتبنا فلا نطول بالاسئلة عليها لان الغرض بهذا الكتاب غير ذلك ، وفي هذا القدر كفاية . وأما الاصل الثالث وهو أن الحق لا يخرج عن الامة فهو متفق عليه بيننا وبين خصومنا وإن اختلفنا في علة ذلك . لان عندنا أن الزمان لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الغلط على ما قلناه ، فإذا الحق لا يخرج عن الامة لكون المعصوم فيهم . وعند المخالف لقيام أدلة يذكرونها دلت على أن الاجماع حجة ، فلا وجه للتشاغل بذلك.
چهارشنبه ۱۰ مهر ۱۳۸۷ ساعت ۲:۰۹