ذکر الاستاذ مادلونگ في مقدمته لکتاب المعتمد في أصول الدين لمحمود الملاحمي الخوارزمي المعتزلي (المتوفی سنة ۵۳۶ق) کل ما يتعلق بحياة الملاحمي وفيما يتعلق بمنهجه الکلامي وذکر أکثر ما قيل حوله في المصادر وهنا لابد من الاشارة الی ما ذکره ابن فندق البيهقي في کتابه معارج نهج البلاغة. قال ابن فندق البيهقي في کتابه معارج نهج البلاغة في فصل فيه يتضمن ذکر مشايخه في علم الکلام وغيره، عن الملاحمي الذي تلمذ البيهقي عنده (معارج‏نهج‏البلاغة، ص ۳۶ طبعة محمد تقي دانش پژوه، قم، مکتبة السيد المرعشي):
"... ومنهم العالم الامام على بن الهيصم النيسابورىّ، وهو امام لسانه فصيح بيانه صريح، ... فهولاء المتكلّمون الّذين اختلفت اليهم وحشوت استفادة بين يديهم.
واما الّذين عاشرتهم، فمنهم الفقيه اسمعيل المقيم بمرو، وجدته وقد اناف على السبعين... ومنهم الامام رشيد الدّين عبد الجليل الرازىّ، الّذى هو متكلّم بيانه سحر حلال، ... وقد احيا رسمه، وخلّد اسمه، الامام الكامل سديد الدّين محمود بن ميرك الرازىّ. وهو وان كان فى ابتداء امره وعنفوان عمره، اختلف الى الرشيد، فقد جمع الآن بين الميرة والنشيد، وزاد الشرف على القصر المشيد... ومنهم الامام محمود الملاحمىّ الخوارزمىّ، وله خاطر يلفظ المشكلات كما يلفظ السمع حروف الكلمات".
هذه اشارة مهمة، خاصة وأنها صدرت من واحد من تلاميذ الملاحمي وهو تلميذ شهير ومشتهر بدراسته الفلسفة ودفاعه عن الفلسفة تجاه خصوم ابن سينا. اما الملاحمي فنعرف من کتابه تحفة المتکلمين في الرد علی الفلاسفة توجهاته الجدلية ضد الفلاسفة (انظر مقالتي حول هذا الکتاب في مجلة نشر دانش التي طبعت منذ سبع سنوات).
ونعرف من خلال مصادر الزيدية في اليمن، أن الزيدية تعرّفوا علی الملاحمي وآثاره الکلامية في زمن مبکر وبعد عدة عقود فقط من تاريخ موت الملاحمي. وبما أن الملاحمي کان يدافع ويتبع طريقة أبي الحسين البصري الکلامية والذي کان يخالف رأي الجمهور من المعتزلة وخاصة البهشمية منهم ولذلک في بدايات الأمر کان للزيدية في اليمن والذين کانوا يتابعون البهشمية في توجهاتهم الکلامية، موقف مغاير له وإن بدأوا بالتوجه للآراء الکلامية له ولأبي الحسين البصري مع مرور الزمن وخاصة منذ زمن الامام المؤيد بالله يحيی بن حمزة في القرن الثامن الهجري (قارن مقالتي "علم الکلام الإمامي ومدرسة أبي الحسين البصري الکلامية" في هذا الموقع الالکتروني). أما بالنسبة الی الذين ردوا علی الملاحمي وکتبوا رسائل مستقلة في اليمن ومن الزيدية بالذات، فنعرف منهم علی الأقل عالمين معروفين بتعلقهما وصلتهما بعلم الکلام المعتزلي البهشمي:
أحدهما حسام الدين أبو محمد الحسن بن محمد الرصّاص الذي حققتُ رسالته الموسومة ب "البراهين الظاهرة الجلية علی أنّ الوجود زائد علی الماهية"، حول زيادة الوجود علی الماهية؛ وطبعت هذه الرسالة في مجموعة من المقالات في آلمانيا. وهذه الرسالة کتبت ردا علی فصل من کلام الملاحمي في کتابه تحفة المتکلمين وهذا يؤکد وجود کتب الملاحمي قبل سنة ۵۸۴ الهجري/۱۱۸۸، أي سنة وفاة الرصاص. ونحن نعرف أن الرصاص کتب ردا علی کتاب "المدخل الی غرر الأدلة" لأبي الحسين البصري ونقض عليه "نقضا شافيا کافيا" کما يذکره ابن الوليد القرشي الزيدي في رده علی قسم الامامة من کتاب المغني (انظر: المغني، ۲۰/۲/ الصفحة ۲۶۳-۲۶۴). فإنّ الرصاص کان بسبب آرائه المؤيدة لأبي هاشم الجبايي کان يخالف أبا الحسين البصري والملاحمي في آرائهما الکلامية الخاصة ويبدو من کلام ابن الوليد أن نقض الرصاص علی ابي الحسين کان في مباحث الامامة فقط.
وثانيهما هو تلميذ من تلامذة العالم الشهير الزيدي القاضي جعفر ابن عبدالسلام (المتوفی سنة ۵۷۳ الهجري/۱۱۷۷) وهو عالم مشهور أيضا وله دور خاص في نشر الکلام البهشمي، أعني محي الدين محمد بن أحمد بن علي بن الوليد القرشي والذي کتب رسالة في الرد علی قسم الامامة من کتاب الفائق للملاحمي وذکر هو نفسه هذه الرسالة في مقدمة رسالته الأخری التي کتبها ردا علی قسم الامامة من کتاب المغني وهذه الرسالة الأخيرة مطبوعة في آخر القسم ۲ من الجزء العشرين من کتاب المغني للقاضي عبدالجبار (من ص ۲۶۲ الی ۲۷۴) وهي الموسومة ب "الجواب الحاسم المفني لشبه کتاب المغني". أما بالنسبة الی رسالته في الرد علی قسم الامامة من کتاب الفائق فإنّها تسمی ب "الجواب الناطق الصادق لحل شبه کتاب الفائق" (عن هذه الرسالة الأخيرة، قارن مقالتي حول کتاب الفائق للملاحمي). يقول ابن الوليد عنها في اول رسالته الموسومة ب "الجواب الحاسم" (انظر المغني، ۲۰ /۲/الصفحة ۲۶۴): "... ثم تتبعت ما في کتاب الفائق تصنيف الشيخ العالم محمود بن محمد بن الملاح (کذا) فنقضت ما خالف فيه أصول الزيدية وأجبت عما اعترض به علی الأدلة الدالة علی إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وما يتبع ذلک وسميّته...". وهذا کله يؤکد أيضا وجود کتاب الفائق في اليمن قبل سنة ۶۰۶ الهجري (سنة کتابة النسخة المذکورة من کتاب المغني).
وبالنسبة الی انتشار کتب الملاحمي في اليمن ودراستها من قبل مشايخ الزيدية وأئمتها فهناک بعض المواد في کتاب طبقات الزيدية الکبری تأليف ابراهيم بن القاسم الشهاري:
۱- فمثلا نحن نعرف أن الامام الزيدي المهدي لدين الله الشهيد أحمد بن الحسين بن أبي البرکات (۶۱۴-۶۵۶ الهجري) قرأ ودرس عند الشيخ أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص المعروف بأحمد الحفيد (المتوفی في ۱۹ رمضان ۶۵۶ الهجري) (والذي کان من تلامذة الشيخ محمد بن أحمد بن الوليد والشيخ حسام الدين حُميد بن أحمد المُحلِّي)، ومما قرأ عليه: "(شرح الأصول)، و(المحيط)، و(تذكرة ابن متوية)، و(الكيفية) للشيخ حسن، و(الصفات)، و(الأحكام)، و(معتمد ابن الملاحمي) و(الفائق) لأبي الحسن (کذا في المطبوعة؛ والظاهر الفائق للملاحمي أيضا)، و(شرح النفحات) للفقيه حميد، وقرأ في أصول الفقه كتاب (الحاصر)، و(صفوة الاختيار) للمنصور بالله، و(الفائق) للشيخ حسن، و(المعتمد) لأبي الحسين و(المجزي) للسيد أبي طالب و..." فهذا يؤکد وجود تقليد في دراسة کتب الملاحمي في النصف الأول من القرن السابع الهجري في اليمن. احمد الحفيد هذا کان حفيدا للحسن الرصاص المذکور سابقا وهو مؤلف الجوهرة في أصول الفقه أيضا.
۲- ونحن نعرف أيضا أنّ العالم الزيدي جمال الدين علي بن المرتضى بن المفضل بن منصور بن العفيف الحسني الهادوي (۷۰۴ – ۷۸۴ الهجري) کان له يد حسنة في علم الكلام وتحقيق لأصوله، وکان شيخه فيه السيد محمد بن يحيى القاسمي، "وكان له شعر حسن، وكان السيد حسينياً ملاحمياً فدارت بينه وبين السيد أحمد بن صلاح مراجعات وله قصيدة في الذبّ عن أبي الحسين وابن الملاحمي". (انظر: طبقات الزيدية الکبری للشهاري). فهذا أيضا يؤکد وجود نزاع فيما بين البهشمية ومؤيدي أبي الحسين البصري في اليمن. وهذا الخلاف کان موجودا طوال القرنين السابع والثامن الهجريين.
چهارشنبه ۸ خرداد ۱۳۸۷ ساعت ۱۲:۴۰