متنی که در پی می آيد، متنی است منسوب به يک راوی شيعی سده دوم قمری و از اصحاب امام صادق موسوم به کتاب فدک. اين راوي عبد الرحمان بن کثير الهاشمي از موالی عباسيان است که البته مورد انتقاد رجال شناسان اماميه نيز قرار گرفته بوده (تا حد اتهام به جعل حديث) و گويا گرايشات غاليانه و تند شيعی داشته است؛ گرچه بيشتر احاديث او بازتابی است از تشيع کوفی سده دوم و احتمالا برخی از احاديث منتسب به او برساخته برادر زاده او، علي بن حسان الهاشمي باشد که تمايلات غاليانه روشنی داشته است. از اين کتاب، نجاشي در رجال خود (ص 234-235) نام برده است و استاد دکتر مدرسی هم اشاره ای به آن در کتابشان (ص221) دارند، گرچه به متن ذيل اشاره ای نفرموده اند. بهترين تحقيق درباره آثار و روايات اين راوی شيعی که احاديث بسياری از وی در کتابهای حديثی اماميه نقل شده، وسيله استاد مدرسی ارائه شده است (ص 219-223). در کتاب دلائل الامامه منسوب به ابن رستم طبري، متن اين کتاب عبد الرحمان بن کثير به دست داده شده است. نجاشی سندی به اين کتاب ارائه نداده و ما به درستی نمی دانيم که انتساب اين متن به او ريشه در چه سنتی در کتابهای فهارس کهن اماميه دارد؛ اما به هر حال متنی که در دلائل الامامة به دست داده شده است، وسيله ابن عقده روايت شده و احتمالا بايد انتساب آن را به ابن عقده، گرچه راوی آن ابو المفضل شيباني و ناقل آن کتاب دلائل الامامة است، بپذيريم. آنچه در اين کتاب عبد الرحمان بن کثير روايت شده با ساير روايات و عقايد اين محدث سازگار است و روايتی از فدک را به دست می دهد که در برخی منابع ديگر هم نقل شده است. در خود کتاب دلائل الامامة به شماری از اين روايات متن خطبه فدک اشاره شده است. وانگهی ابن عقده، همانطور که نجاشی هم مورد اشاره قرار داده، در روايات احاديث اين محدث دست داشته است. نويسنده متن دلائل الامامة هر که بوده و اين کتاب به هر شکلی که تدوين شده باشد، به هر حال در متن اين کتاب، در آغاز سندی از ابو المفضل شيباني و آنگاه از هارون بن موسی التلعکبري ارائه داده شده که هر دو، متن خطبه فدک را از طريق ابن عقده روايت می کنند؛ اما تنها روايت تلعکبري از ابن عقده به روايت متن کتاب فدک عبد الرحمان بن کثير الهاشمي مربوط است. ابن عقده متن کتاب عبد الرحمان را با يک واسطه از علي بن حسان الهاشمي، برادر زاده عبدالرحمان روايت می کند که مهمترين شخص در روايات آثار عمويش بوده است (درباره او نک: مدرسي، ميراث مکتوب شيعه، ص 238-239). عبد الرحمان خطبه فدک را در کتابش از امام صادق روايت می کند. تلعکبري البته متن خطبه را از ابن عقده با روايت ديگری نيز که ابن عقده به عنوان روايت سوم در اختيار داشته، نقل کرده است. دور نيست که اين روايات در کتابی از ابن عقده درباره فدک گردآمده باشد؛ گرچه اشاره ای به وجود اين کتاب در منابع ديده نمی شود. البته محدثان و مؤرخان ديگری کتابهايی درباره فدک مستقلا نوشته اند که از آن جمله است کتابی از ابو الفرج اصفهاني که شيخ طوسي در الفهرست به آن اشاره دارد (ص 544). در دلائل الامامة به چند روايت ديگر هم اشاره شده و سندهای آنها نقل شده که همگی آنها ظاهرا به کتاب الاحن والمحن صفواني باز می گردد (برای اين کتاب، نک: ابن شهرآشوب، معالم العلماء، ص 131-132؛ نيز نک: فصلی که ما درباره صفواني در رساله خود نگاشته ايم). به دليل شباهت متنهای خطبه فدک در تمامی اين روايات، در دلائل الامامة يکی از اين متنها انتخاب شده است و در پايان آن تنها به يکی دو مورد اختلاف که در متن کتاب فدک عبد الرحمان بن کثير وجود داشته اشاره شده است. در دلائل الامامة، در دنباله متن خطبه فدک باز قسمتی ديگر از کتاب فدک عبد الرحمان بن کثير با همين طريق ابن عقده نقل شده که ظاهرا اين دو بخش تمام متن کتاب منسوب به او را تشکيل می داده است. با اين وصف اين بار روايت ابن عقده از متن عبد الرحمان وسيله ابو المفضل شيباني و نه تلعکبري روايت شده و اين امر باز تأکيدی است بر اينکه اصل کتاب عبد الرحمان در کتابی از ابن عقده روايت شده بوده که تلعکبري و ابو المفضل شيباني هر دو به آن متن دسترسی داشته اند. ما در اينجا متن کتاب عبد الرحمان بن کثير را بر اساس کتاب دلائل الامامة نقل می کنيم:
دلائل الامامة ص 109 به بعد
1- [حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات ، قال : حدثنا محمد بن الحسين القصباني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي السكوني ، عن أبان بن عثمان الاحمر ، عن أبان بن تغلب الربعي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) إجماع أبي بكر على منع فدك . . . ]
- وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الاشعري ، قال : حدثنا علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قالت : لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة ( عليها السلام ) فدكا . . .
[وقال أبو العباس : وحدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي ، قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، وغير واحد من أن فاطمة لما أجمع أبو بكر على منعها فدكا . . .
- وحدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر [ بن مخلد ] بن سهل ابن حمران الدقاق ، قال : حدثتني ام الفضل خديجة بنت محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قالت : حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني ، قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي البصري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا ، قال : حدثنا جعفر [ بن محمد ] بن عمارة الكندي ، قال : حدثني أبي ، عن الحسن بن صالح بن حي - قال : وما رأت عيناي مثله - قال : حدثني رجلان من بني هاشم ، عن زينب بنت علي ( عليه السلام ) ، قالت : لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منع فدك ، وانصراف وكيلها عنها ، لاثت خمارها . . . وذكر الحديث .
قال الصفواني : وحدثني محمد بن محمد بن يزيد مولى بني هاشم ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن جماعة من أهله . . . وذكر الحديث .
قال الصفواني : وحدثني أبي ، عن عثمان، قال : حدثنا نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) . . . وذكر الحديث.
قال الصفواني : وحدثنا عبد الله بن الضحاك، قال : حدثنا هشام بن محمد ، عن أبيه وعوانة .
قال الصفواني : وحدثنا ابن عائشة ببعضه.
وحدثنا العباس بن بكار ، قال : حدثنا حرب بن ميمون ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام )، قالوا:]
لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) إجماع أبي بكر على منعها فدك ، وانصرف عاملها منها ، لاثت خمارها ، ثم أقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى دخلت على أبي بكر ، وقد حفل حوله المهاجرون والانصار ، فنيطت دونها ملاءة ، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء ، ثم أمهلت حتى هدأت فورتهم ، وسكنت روعتهم ، وافتتحت الكلام ، فقالت : " أبتدئ بالحمد لمن هو أولى بالحمد والمجد والطول " ثم قالت : " الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء على ما قدم ، من عموم نعم ابتداها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وإحسان منن والاها ، جم عن الاحصاء عددها ، ونأى عن المجازاة أمدها ، وتفاوت عن الادراك أبدها ، استدعى الشكور بأفضالها ، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وأمر بالندب إلى أمثالها . وأشهد أن لا إله إلا الله ، كلمة جعل الاخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأبان في الفكر معقولها ، الممتنع من الابصار رؤيته ، ومن الالسن صفته ، ومن الاوهام الاحاطة به ، ابتدع الاشياء لا من شئ كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة [ امتثلها ] ، وضعها لغير فائدة زادته ، بل إظهارا لقدرته ، وتعبد لبريته ، وإعزازا لاهل دعوته ، ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته . وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله ، اختاره قبل أن يجتبله ، واصطفاه قبل أن يبتعثه ، وسماه قبل أن يستنجبه ، إذ الخلائق في الغيب مكنونة ، وبسد الاوهام مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علما من الله في غامض الامور ، وإحاطة من وراء حادثة الدهور ، ومعرفة بمواقع المقدور . ابتعثه الله إتماما لعلمه ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، فرأى الامم فرقا في أديانها ، عكفا على نيراها ، عابدة لاوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بمحمد ظلمها ، وفرج عن القلوب بهمها ، وجلا عن الابصار عمهها ، وعن الانفس غممها . ثم قبضه الله إليه قبض رأفة ورحمة ، واختيار ورغبة لمحمد عن تعب هذه الدار ، موضوعا عنه أعباء الاوزار ، محفوفا بالملائكة الابرار ، ورضوان الرب الغفار ، ومجاورة الملك الجبار ، أمينه على الوحي ، وصفيه ورضيه ، وخيرته من خلقه ونجيه ، فعليه الصلاة والسلام ، ورحمة الله وبركاته " . ثم التفتت إلى أهل المجلس ، فقالت لجميع المهاجرين والانصار : " وأنتم عباد الله نصب أمره ونهيه ، وحملة دينه ووحيه ، وامناء الله على أنفسكم ، وبلغاؤه إلى الامم ، زعيم لله فيكم ، وعهد قدمه إليكم ، وبقية استخلفها عليكم : كتاب الله ، بينة بصائره ، وآي منكشفة سرائره ، وبرهان فينا متجلية ظواهره ، مديم للبرية استماعه ، وقائد إلى الرضوان أتباعه ، ومؤد إلى النجاة أشياعه ، فيه تبيان حجج الله المنورة، ومواعظه المكررة ، وعزائمه المفسرة ، ومحارمه المحذرة ، وأحكامه الكافية ، وبيناته الجالية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، ورحمته المرجوة ، وشرائعه المكتوبة . ففرض الله عليكم الايمان تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر ، والزكاة تزييدا في الرزق ، والصيام إثباتا للاخلاص ، والحج تشييدا للدين ، والحق تسكينا للقلوب ، وتمكينا للدين ، وطاعتنا نظاما للملة ، وإمامتنا لما للفرقة ، والجهاد عزا للاسلام ، والصبر معونة على الاستيجاب ، والامر بالمعروف مصلحة للعامة ، والنهي عن المنكر تنزيها للدين ، والبر بالوالدين وقاية من السخط ، وصلة الارحام منماة للعدد ، وزيادة في العمر ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذور تعرضا للمغفرة ، ووفاء المكيال والميزان تغييرا للبخس والتطفيف ، واجتناب قذف المحصنة حجابا عن اللعنة ، والتناهي عن شرب الخمور تنزيها عن الرجس ، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة ، والتنزه عن أكل مال اليتيم والاستئثار به إجارة من الظلم ، والنهي عن الزنا تحصنا من المقت ، والعدل في الاحكام إيناسا للرعية ، وترك الجور في الحكم إثباتا للوعيد ، والنهي عن الشرك إخلاصا له بالربوبية . فاتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، ولا تتولوا مدبرين ، وأطيعوه فيما أمركم ونهاكم ، فإنما يخشى الله من عباده العلماء ، فاحمدوا الله الذي بعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الارض إليه الوسيلة ، فنحن وسيلته في خلقه ، ونحن آل رسوله ، ونحن حجة غيبه ، وورثة أنبيائه " . ثم قالت : " أنا فاطمة وأبي محمد ، أقولها عودا على بدء ، وما أقول إذ أقول سرفا ولا شططا * ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) * إن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، بلغ النذارة صادعا بالرسالة ، ناكبا عن سنن المشركين ، ضاربا لاثباجهم ، آخذا بأكظامهم ، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجذ الاصنام ، وينكت الهام ، حتى انهزم الجمع ، وولوا الدبر ، وحتى تفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وهدأت فورة الكفر ، وخرست شقاشق الشيطان ، وفهتم بكلمة الاخلاص . وكنتم على شفا حفرة من النار ، فأنقذكم منها نبيه ، تعبدون الاصنام ، وتستقسمون بالازلام ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الاقدام ، تشربون الرنق ، وتفتاتون القدة ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم بنبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) بعد اللتيا والتي ، وبعد ما مني ببهم الرجال ، وذوبان العرب ، * ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ) * ، أو نجم قرن الضلالة ، أو فغرت فاغرة المشركين ، قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفى حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات الله ، قريبا من رسول الله ، سيدا في أولياء الله ، وأنتم في بلهنية آمنون ، وادعون فرحون ، تتوكفون الاخبار ، وتنكصون عند النزال على الاعقاب ، حتى أقام الله بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) عمود الدين . فلما اختار الله ( عزوجل ) له دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ، ظهرت حسيكة النفاق ، وانسمل جلباب الدين ، وأخلق ثوبه ، ونحل عظمه ، وأودت رمته ، وظهر نابغ ، ونبغ خامل ، ونطق كاظم ، وهدر فنيق الباطل يخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من معرسه صارخا بكم ، فألفاكم غضابا ، فخطمتم غير إبلكم ، وأوردتموها غير شربكم بدارا ، زعمتم خوف الفتنة * ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) . هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، فهيهات منكم ، واين بكم ، وأنى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، زواجره لائحة ، وأوامره لامحة ، ودلائله واضحة ، وأعلامه بينة ، وقد خالفتموه رغبة عنه ، فبئس للظالمين بدلا ، ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ، تسرون حسوا بارتغاء ، أو نصبر منكم على مثل حز المدى ، وزعمتم أن لا إرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون * ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) * أيها معشر المسلمين ، أأبتز إرث أبي ، يا بن أبي قحافة ؟ ! أبى الله ( عزوجل ) أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ ! لقد جئت شيئا فريا ، جرأة منكم على قطيعة الرحم ، ونكث العهد ، فعلى عمد ما تركتم كتاب الله بين أظهركم ونبذتموه ، إذ يقول الله ( عزوجل ) : * ( وورث سليمان داود ) * . ومع ما قص من خبر يحيى وزكريا إذ يقول * ( رب . . فهب لى من لدنك وليا * يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ) * . وقال ( عزوجل ) : * ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ) * وقال ( تعالى ) : * ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين ) * . فزعمتم أن لا حظ لي ، ولا أرث من أبي ! أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ ! أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون ؟ ! أو لست وأبي من أهل ملة واحدة ؟ ! أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم من النبي ؟ ! دونكها مرحولة مزمومة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، ونعم الزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعما قليل تؤفكون ، وعند الساعة ما تحشرون ، و * ( لكل نبأ مستقر ) * * ( فسوف تعلمون من يأتيه عذاب * يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم)*.
ثم التفتت إلى قبر أبيها ( صلوات الله عليهما ) ، متمثلة بأبيات صفية بنت عبد المطلب ( رحمها الله تعالى ) : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الارض وابلها * وأجتث أهلك مذ غيبت وأغتصبوا أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * لما نأيت وحالت دونك الكثب تهضمتنا رجال واستخف بنا * دهر فقد أدركوا فينا الذي طلبوا قد كنت للخلق نورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا فكل الخير محتجب فقال أبو بكر لها : صدقت يا بنت رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما ، وكان - والله - إذا نسبناه وجدناه أباك دون النساء ، وأخا ابن عمك دون الاخلاء آثره على كل حميم ، وساعده على الامر العظيم ، وأنتم عترة نبي الله الطيبون ، وخيرته المنتجبون ، على طريق الجنة أدلتنا ، وأبواب الخير لسالكينا . فأما ما سألت ، فلك ما جعله أبوك ، مصدق قولك ، ولا اظلم حقك ، وأما ما سألت من الميراث فإن رسول الله قال : " نحن معاشر الانبياء لا نورث " . فقالت فاطمة : " يا سبحان الله ! ما كان رسول الله لكتاب الله مخالفا ، ولا عن حكمه صادفا ، لقد كان يلتقط أثره ، ويقتفي سيره ، أفتجمعون إلى الظلامة الشنعاء والغلبة الدهياء ، اعتلالا بالكذب على رسول الله ، وإضافة الحيف إليه ؟ ! ولا عجب إن كان ذلك منكم ، وفي حياته ما بغيتم له الغوائل ، وترقبتم به الدوائر ، هذا كتاب الله حكم عدل ، وقائل فصل ، عن بعض أنبيائه إذ قال : * ( يرثنى ويرث من آل يعقوب ) *. وفصل في بريته الميراث مما فرض من حظ الذكارة والاناث ، فلم سولت لكم أنفسكم أمرا ؟ ! فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون. قد زعمت أن النبوة لا تورث ، وإنما يورث ما دونها ، فما لي امنع إرث أبي ؟ أأنزل الله في كتابه : إلا فاطمة بنت محمد ؟ فدلني عليه أقنع به " . فقال لها أبو بكر : يا بنت رسول الله ، أنت عين الحجة ، ومنطق الحكمة ، لا ادلي بجوابك ، ولا أدفعك عن صوابك ، ولكن المسلمون بيني وبينك ، هم قلدوني ما تقلدت ، وأتوني ما أخذت وتركت . قال : فقالت فاطمة ( عليها السلام ) لمن بحضرته : " أيها الناس ، أتجتمعون إلى المقبل بالباطل والفعل الخاسر ؟ ! لبئس ما اعتاض المبطلون، وما يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ، أما والله لتجدن محملها ثقيلا ، وعبأها وبيلا ، إذا كشف لكم الغطاء ، فحينئذ لات حين مناص ، وبدا لكم من الله ما كنتم تحذرون " . قال : ولم يكن عمر حاضرا ، فكتب لها أبو بكر إلى عامله برد فدك كتابا ، فأخرجته في يدها ، فاستقبلها عمر ، فأخذه منها وتفل فيه ومزقه ، وقال : لقد خرف ابن أبي قحافة ، وظلم . فقالت له : " مالك ؟ لا أمهلك الله ، وقتلك ، ومزق بطنك " . وأتت من فورها ذلك الانصار ، فقالت : " معشر البقية ، وأعضاد الملة ، وحضنة الاسلام ، ما هذه الغميزة في حقي ، والسنة عن ظلامتي ، أما كان رسول الله أمر بحفظ المرء في ولده ؟ فسرعان ما أحدثتم ، وعجلان ذا إهالة . أتقولون مات محمد فخطب جليل ، استوسع وهيه، واستنهر فتقه، وفقد راتقه ، فأظلمت الارض لغيبته ، واكتأب خيرة الله لمصيبته ، وأكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، واضيع الحريم ، واذيلت الحرمة بموت محمد ، فتلك نازلة أعلن بها كتاب الله في أفنيتكم ممساكم ومصبحكم هتافا . ولقبل ما خلت له أنبياء الله ورسله * ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين ) * . أبني قيلة ، اهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع ! تلبسكم الدعوة ، ويشملكم الجبن ، وفيكم العدة والعدد ، ولكم الدار والجنن وأنتم نخبة الله التي امتحن ، ونحلته التي انتحل ، وخيرته التي انتخب لنا أهل البيت ، فنابذتم فينا العرب ، وناهضتم الامم وكافحتم البهم ، لا نبرح وتبرحون ، ونأمركم فتأتمرون ، حتى دارت بنا وبكم رحى الاسلام ، ودر حلب البلاد ، وخضعت بغوة الشرك ، وهدأت روعة الهرج ، وخبت نار الحرب ، واستوسق نظام الدين ، فأنى جرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الاقدام ، عن قوم * ( نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لآ ايمان لهم لعلهم ينتهون ) * . ألا أرى والله أن [ قد ] أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ، فعجتم عن الدين ومججتم الذي استوعيتم ، ودسعتم ما استرعيتم ، ألا و * ( إن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فإن الله لغنى حميد * ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب ) * . ألا وقد قلت الذي قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ، ولكنها فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثة الصدر ، ومعذرة الحجة ، فدونكم فاحتقبوها دبرة الظهر، ناقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بشنار الابد ، موصولة بنار الله الموقدة ، التي تطلع على الافئدة ، إنها عليهم مؤصدة ، في عمد ممددة . فبعين الله ما تفعلون ، * ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) * ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فاعملوا إنا عاملون ، وأنتظروا إنا منتظرون ، * ( وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ) * ، * ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) * ، * ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) * ، * ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) * وكان الامر قد قصر " . ثم ولت ، فأتبعها رافع بن رفاعة الزرقي ، فقال لها : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن تكلم في هذا الامر وذكر للناس قبل أن يجري هذا العقد ، ما عدلنا به أحدا . فقالت له بردنها : " إليك عني ، فما جعل الله لاحد بعد غدير خم من حجة ولا عذر " . قال : فلم ير باك ولا باكية كان أكثر من ذلك اليوم ، وارتجت المدينة ، وهاج الناس ، وارتفعت الاصوات . فلما بلغ ذلك أبا بكر قال لعمر : تربت يداك ، ما كان عليك لو تركتني ، فربما رفأت الخرق ورتقت الفتق ؟ ! ألم يكن ذلك بنا أحق ؟ ! فقال الرجل : قد كان في ذلك تضعيف سلطانك ، وتوهين كفتك ، وما أشفقت إلا عليك . قال : ويلك ، فكيف بابنة محمد وقد علم الناس ما تدعو إليه ، وما نجن لها من الغدر عليه . فقال : هل هي إلا غمرة انجلت ، وساعة انقضت ، وكأن ما قد كان لم يكن ، وأنشده : ما قد مضى مما مضى كما مضى * وما مضى مما مضى قد انقضى أقم الصلاة وآت الزكاة ، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، ووفر الفئ ، وصل القرابة ، فإن الله يقول : * ( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى ويستنهضون النساء ، وقد بلغني - يا معشر الانصار - مقالة سفهائكم - فو الله - إن أحق الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم ، لقد جاءكم فآويتم ونصرتم ، وأنتم اليوم أحق من لزم عهده ، ومع ذلك فاغدوا على اعطياتكم ، فإني لست كاشفا قناعا ، ولا باسطا ذراعا ، ولا لسانا إلا على من استحق ذلك ، والسلام . قال : فأطلعت ام سلمة رأسها من بابها وقالت : المثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا ، وهي الحوراء بين الانس ، والانس للنفس ، ربيت في حجور الانبياء ، وتداولتها أيدي الملائكة ، ونمت في حجور الطاهرات ، ونشأت خير منشأ ، وربيت خير مربى ؟ ! أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها ؟ ! وقد قال الله له : * ( وانذر عشيرتك الاقربين ) * ؟ أفأنذرها وجاءت تطلبه وهي خيرة النسوان ، وام سادة الشبان ، وعديلة مريم ابنة عمران ، وحليلة ليث الاقران ، تمت بأبيها رسالات ربه ، فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر ، فيوسدها يمينه ، ويلحفها بشماله ، رويدا فرسول الله بمرأى لغيكم ، وعلى الله تردون ، فواها لكم وسوف تعلمون . قال : فحرمت ام سلمة تلك السنة عطاءها ، ورجعت فاطمة ( عليها السلام ) إلى منزلها فتشكت.
[قال أبو جعفر (کذا): نظرت في جميع الروايات ، فلم أجد فيها أتم شرح ، وأبلغ في الالزام ، وأوكد بالحجة من هذه الرواية ، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع : أنسيتم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبدأ بالولاية : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وقوله " إني تارك فيكم الثقلين . . . " ؟ ! ما أسرع ما أحدثتم ! وأعجل ما نكصتم. وهو في بقية الحديث على السياقة.]
عيادة نساء المدينة لها وخطابها لهن
2- حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الاشعري ، قال : حدثنا علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، قال:
لما رجعت فاطمة إلى منزلها فتشكت وكان وفاتها في هذه المرضة ، دخل إليها النساء المهاجرات والانصاريات ، فقلن لها : كيف أصبحت يا بنت رسول الله ؟ فقالت : " اصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، شنأتهم بعد إذ عرفتهم ولفظتهم بعد إذ سبرتهم ، ورميتهم بعد أن عجمتهم ، فقبحا لفلول الحد وخطل الرأي وعثور الجد ، وخوف الفتن ، * ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ) * ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم عارها ، فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين . ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ومهبط الروح الامين بالوحي المبين ، الطبين بأمر الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين ! ما الذي نقموا من أبي حسن ؟ نقموا - والله - منه شدة وطأته ونكال وقعته ، ونكير سيفه ، وتبحره في كتاب الله ، وتنمره في ذات الله . وأيم الله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله لاعتلقه ثم لسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولا وردهم منهلا رويا صافيا فضفاضا تطفح ضفتاه ، ثم لاصدرهم بطانا قد تخير لهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعه سورة الساغب ، ولانفتحت عليهم بركات من السماء والارض ، ولكنهم بغوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون . ألا فاسمعن . ومن عاش أراه الدهر العجب ، وإن تعجبن فانظرن إلى أي نحو اتجهوا ؟ وعلى أي سند استندوا ؟ وبأي عروة تمسكوا ؟ ولمن اختاروا ؟ ولمن تركوا ؟ لبئس المولى ، ولبئس العشير . إستبدلوا والله الذناني بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، * ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) * أما لعمر الله لقد لقحت ، فانظروها تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممقرا ، هنالك خسر المبطلون ، وعرف التالون غب ما أسس الاولون . ثم طيبوا بعد ذلك نفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وابشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فياخسرى لكم ، وكيف بكم وقد عميت عليكم ؟ * ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون).
دلائل الامامة ص 109 به بعد
1- [حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات ، قال : حدثنا محمد بن الحسين القصباني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي السكوني ، عن أبان بن عثمان الاحمر ، عن أبان بن تغلب الربعي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) إجماع أبي بكر على منع فدك . . . ]
- وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الاشعري ، قال : حدثنا علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قالت : لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة ( عليها السلام ) فدكا . . .
[وقال أبو العباس : وحدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي ، قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، وغير واحد من أن فاطمة لما أجمع أبو بكر على منعها فدكا . . .
- وحدثني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر [ بن مخلد ] بن سهل ابن حمران الدقاق ، قال : حدثتني ام الفضل خديجة بنت محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قالت : حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني ، قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي البصري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا ، قال : حدثنا جعفر [ بن محمد ] بن عمارة الكندي ، قال : حدثني أبي ، عن الحسن بن صالح بن حي - قال : وما رأت عيناي مثله - قال : حدثني رجلان من بني هاشم ، عن زينب بنت علي ( عليه السلام ) ، قالت : لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منع فدك ، وانصراف وكيلها عنها ، لاثت خمارها . . . وذكر الحديث .
قال الصفواني : وحدثني محمد بن محمد بن يزيد مولى بني هاشم ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن جماعة من أهله . . . وذكر الحديث .
قال الصفواني : وحدثني أبي ، عن عثمان، قال : حدثنا نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) . . . وذكر الحديث.
قال الصفواني : وحدثنا عبد الله بن الضحاك، قال : حدثنا هشام بن محمد ، عن أبيه وعوانة .
قال الصفواني : وحدثنا ابن عائشة ببعضه.
وحدثنا العباس بن بكار ، قال : حدثنا حرب بن ميمون ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام )، قالوا:]
لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) إجماع أبي بكر على منعها فدك ، وانصرف عاملها منها ، لاثت خمارها ، ثم أقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى دخلت على أبي بكر ، وقد حفل حوله المهاجرون والانصار ، فنيطت دونها ملاءة ، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء ، ثم أمهلت حتى هدأت فورتهم ، وسكنت روعتهم ، وافتتحت الكلام ، فقالت : " أبتدئ بالحمد لمن هو أولى بالحمد والمجد والطول " ثم قالت : " الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء على ما قدم ، من عموم نعم ابتداها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وإحسان منن والاها ، جم عن الاحصاء عددها ، ونأى عن المجازاة أمدها ، وتفاوت عن الادراك أبدها ، استدعى الشكور بأفضالها ، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وأمر بالندب إلى أمثالها . وأشهد أن لا إله إلا الله ، كلمة جعل الاخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأبان في الفكر معقولها ، الممتنع من الابصار رؤيته ، ومن الالسن صفته ، ومن الاوهام الاحاطة به ، ابتدع الاشياء لا من شئ كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة [ امتثلها ] ، وضعها لغير فائدة زادته ، بل إظهارا لقدرته ، وتعبد لبريته ، وإعزازا لاهل دعوته ، ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته . وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله ، اختاره قبل أن يجتبله ، واصطفاه قبل أن يبتعثه ، وسماه قبل أن يستنجبه ، إذ الخلائق في الغيب مكنونة ، وبسد الاوهام مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علما من الله في غامض الامور ، وإحاطة من وراء حادثة الدهور ، ومعرفة بمواقع المقدور . ابتعثه الله إتماما لعلمه ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، فرأى الامم فرقا في أديانها ، عكفا على نيراها ، عابدة لاوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بمحمد ظلمها ، وفرج عن القلوب بهمها ، وجلا عن الابصار عمهها ، وعن الانفس غممها . ثم قبضه الله إليه قبض رأفة ورحمة ، واختيار ورغبة لمحمد عن تعب هذه الدار ، موضوعا عنه أعباء الاوزار ، محفوفا بالملائكة الابرار ، ورضوان الرب الغفار ، ومجاورة الملك الجبار ، أمينه على الوحي ، وصفيه ورضيه ، وخيرته من خلقه ونجيه ، فعليه الصلاة والسلام ، ورحمة الله وبركاته " . ثم التفتت إلى أهل المجلس ، فقالت لجميع المهاجرين والانصار : " وأنتم عباد الله نصب أمره ونهيه ، وحملة دينه ووحيه ، وامناء الله على أنفسكم ، وبلغاؤه إلى الامم ، زعيم لله فيكم ، وعهد قدمه إليكم ، وبقية استخلفها عليكم : كتاب الله ، بينة بصائره ، وآي منكشفة سرائره ، وبرهان فينا متجلية ظواهره ، مديم للبرية استماعه ، وقائد إلى الرضوان أتباعه ، ومؤد إلى النجاة أشياعه ، فيه تبيان حجج الله المنورة، ومواعظه المكررة ، وعزائمه المفسرة ، ومحارمه المحذرة ، وأحكامه الكافية ، وبيناته الجالية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، ورحمته المرجوة ، وشرائعه المكتوبة . ففرض الله عليكم الايمان تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر ، والزكاة تزييدا في الرزق ، والصيام إثباتا للاخلاص ، والحج تشييدا للدين ، والحق تسكينا للقلوب ، وتمكينا للدين ، وطاعتنا نظاما للملة ، وإمامتنا لما للفرقة ، والجهاد عزا للاسلام ، والصبر معونة على الاستيجاب ، والامر بالمعروف مصلحة للعامة ، والنهي عن المنكر تنزيها للدين ، والبر بالوالدين وقاية من السخط ، وصلة الارحام منماة للعدد ، وزيادة في العمر ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذور تعرضا للمغفرة ، ووفاء المكيال والميزان تغييرا للبخس والتطفيف ، واجتناب قذف المحصنة حجابا عن اللعنة ، والتناهي عن شرب الخمور تنزيها عن الرجس ، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة ، والتنزه عن أكل مال اليتيم والاستئثار به إجارة من الظلم ، والنهي عن الزنا تحصنا من المقت ، والعدل في الاحكام إيناسا للرعية ، وترك الجور في الحكم إثباتا للوعيد ، والنهي عن الشرك إخلاصا له بالربوبية . فاتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، ولا تتولوا مدبرين ، وأطيعوه فيما أمركم ونهاكم ، فإنما يخشى الله من عباده العلماء ، فاحمدوا الله الذي بعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الارض إليه الوسيلة ، فنحن وسيلته في خلقه ، ونحن آل رسوله ، ونحن حجة غيبه ، وورثة أنبيائه " . ثم قالت : " أنا فاطمة وأبي محمد ، أقولها عودا على بدء ، وما أقول إذ أقول سرفا ولا شططا * ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) * إن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، بلغ النذارة صادعا بالرسالة ، ناكبا عن سنن المشركين ، ضاربا لاثباجهم ، آخذا بأكظامهم ، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجذ الاصنام ، وينكت الهام ، حتى انهزم الجمع ، وولوا الدبر ، وحتى تفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وهدأت فورة الكفر ، وخرست شقاشق الشيطان ، وفهتم بكلمة الاخلاص . وكنتم على شفا حفرة من النار ، فأنقذكم منها نبيه ، تعبدون الاصنام ، وتستقسمون بالازلام ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الاقدام ، تشربون الرنق ، وتفتاتون القدة ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم بنبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) بعد اللتيا والتي ، وبعد ما مني ببهم الرجال ، وذوبان العرب ، * ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ) * ، أو نجم قرن الضلالة ، أو فغرت فاغرة المشركين ، قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفى حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات الله ، قريبا من رسول الله ، سيدا في أولياء الله ، وأنتم في بلهنية آمنون ، وادعون فرحون ، تتوكفون الاخبار ، وتنكصون عند النزال على الاعقاب ، حتى أقام الله بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) عمود الدين . فلما اختار الله ( عزوجل ) له دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ، ظهرت حسيكة النفاق ، وانسمل جلباب الدين ، وأخلق ثوبه ، ونحل عظمه ، وأودت رمته ، وظهر نابغ ، ونبغ خامل ، ونطق كاظم ، وهدر فنيق الباطل يخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من معرسه صارخا بكم ، فألفاكم غضابا ، فخطمتم غير إبلكم ، وأوردتموها غير شربكم بدارا ، زعمتم خوف الفتنة * ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) . هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، فهيهات منكم ، واين بكم ، وأنى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، زواجره لائحة ، وأوامره لامحة ، ودلائله واضحة ، وأعلامه بينة ، وقد خالفتموه رغبة عنه ، فبئس للظالمين بدلا ، ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها ، ويسلس قيادها ، تسرون حسوا بارتغاء ، أو نصبر منكم على مثل حز المدى ، وزعمتم أن لا إرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون * ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) * أيها معشر المسلمين ، أأبتز إرث أبي ، يا بن أبي قحافة ؟ ! أبى الله ( عزوجل ) أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ ! لقد جئت شيئا فريا ، جرأة منكم على قطيعة الرحم ، ونكث العهد ، فعلى عمد ما تركتم كتاب الله بين أظهركم ونبذتموه ، إذ يقول الله ( عزوجل ) : * ( وورث سليمان داود ) * . ومع ما قص من خبر يحيى وزكريا إذ يقول * ( رب . . فهب لى من لدنك وليا * يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ) * . وقال ( عزوجل ) : * ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ) * وقال ( تعالى ) : * ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين ) * . فزعمتم أن لا حظ لي ، ولا أرث من أبي ! أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ ! أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون ؟ ! أو لست وأبي من أهل ملة واحدة ؟ ! أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم من النبي ؟ ! دونكها مرحولة مزمومة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، ونعم الزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعما قليل تؤفكون ، وعند الساعة ما تحشرون ، و * ( لكل نبأ مستقر ) * * ( فسوف تعلمون من يأتيه عذاب * يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم)*.
ثم التفتت إلى قبر أبيها ( صلوات الله عليهما ) ، متمثلة بأبيات صفية بنت عبد المطلب ( رحمها الله تعالى ) : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الارض وابلها * وأجتث أهلك مذ غيبت وأغتصبوا أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * لما نأيت وحالت دونك الكثب تهضمتنا رجال واستخف بنا * دهر فقد أدركوا فينا الذي طلبوا قد كنت للخلق نورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا فكل الخير محتجب فقال أبو بكر لها : صدقت يا بنت رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما ، وكان - والله - إذا نسبناه وجدناه أباك دون النساء ، وأخا ابن عمك دون الاخلاء آثره على كل حميم ، وساعده على الامر العظيم ، وأنتم عترة نبي الله الطيبون ، وخيرته المنتجبون ، على طريق الجنة أدلتنا ، وأبواب الخير لسالكينا . فأما ما سألت ، فلك ما جعله أبوك ، مصدق قولك ، ولا اظلم حقك ، وأما ما سألت من الميراث فإن رسول الله قال : " نحن معاشر الانبياء لا نورث " . فقالت فاطمة : " يا سبحان الله ! ما كان رسول الله لكتاب الله مخالفا ، ولا عن حكمه صادفا ، لقد كان يلتقط أثره ، ويقتفي سيره ، أفتجمعون إلى الظلامة الشنعاء والغلبة الدهياء ، اعتلالا بالكذب على رسول الله ، وإضافة الحيف إليه ؟ ! ولا عجب إن كان ذلك منكم ، وفي حياته ما بغيتم له الغوائل ، وترقبتم به الدوائر ، هذا كتاب الله حكم عدل ، وقائل فصل ، عن بعض أنبيائه إذ قال : * ( يرثنى ويرث من آل يعقوب ) *. وفصل في بريته الميراث مما فرض من حظ الذكارة والاناث ، فلم سولت لكم أنفسكم أمرا ؟ ! فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون. قد زعمت أن النبوة لا تورث ، وإنما يورث ما دونها ، فما لي امنع إرث أبي ؟ أأنزل الله في كتابه : إلا فاطمة بنت محمد ؟ فدلني عليه أقنع به " . فقال لها أبو بكر : يا بنت رسول الله ، أنت عين الحجة ، ومنطق الحكمة ، لا ادلي بجوابك ، ولا أدفعك عن صوابك ، ولكن المسلمون بيني وبينك ، هم قلدوني ما تقلدت ، وأتوني ما أخذت وتركت . قال : فقالت فاطمة ( عليها السلام ) لمن بحضرته : " أيها الناس ، أتجتمعون إلى المقبل بالباطل والفعل الخاسر ؟ ! لبئس ما اعتاض المبطلون، وما يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ، أما والله لتجدن محملها ثقيلا ، وعبأها وبيلا ، إذا كشف لكم الغطاء ، فحينئذ لات حين مناص ، وبدا لكم من الله ما كنتم تحذرون " . قال : ولم يكن عمر حاضرا ، فكتب لها أبو بكر إلى عامله برد فدك كتابا ، فأخرجته في يدها ، فاستقبلها عمر ، فأخذه منها وتفل فيه ومزقه ، وقال : لقد خرف ابن أبي قحافة ، وظلم . فقالت له : " مالك ؟ لا أمهلك الله ، وقتلك ، ومزق بطنك " . وأتت من فورها ذلك الانصار ، فقالت : " معشر البقية ، وأعضاد الملة ، وحضنة الاسلام ، ما هذه الغميزة في حقي ، والسنة عن ظلامتي ، أما كان رسول الله أمر بحفظ المرء في ولده ؟ فسرعان ما أحدثتم ، وعجلان ذا إهالة . أتقولون مات محمد فخطب جليل ، استوسع وهيه، واستنهر فتقه، وفقد راتقه ، فأظلمت الارض لغيبته ، واكتأب خيرة الله لمصيبته ، وأكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، واضيع الحريم ، واذيلت الحرمة بموت محمد ، فتلك نازلة أعلن بها كتاب الله في أفنيتكم ممساكم ومصبحكم هتافا . ولقبل ما خلت له أنبياء الله ورسله * ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين ) * . أبني قيلة ، اهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع ! تلبسكم الدعوة ، ويشملكم الجبن ، وفيكم العدة والعدد ، ولكم الدار والجنن وأنتم نخبة الله التي امتحن ، ونحلته التي انتحل ، وخيرته التي انتخب لنا أهل البيت ، فنابذتم فينا العرب ، وناهضتم الامم وكافحتم البهم ، لا نبرح وتبرحون ، ونأمركم فتأتمرون ، حتى دارت بنا وبكم رحى الاسلام ، ودر حلب البلاد ، وخضعت بغوة الشرك ، وهدأت روعة الهرج ، وخبت نار الحرب ، واستوسق نظام الدين ، فأنى جرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الاقدام ، عن قوم * ( نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لآ ايمان لهم لعلهم ينتهون ) * . ألا أرى والله أن [ قد ] أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ، فعجتم عن الدين ومججتم الذي استوعيتم ، ودسعتم ما استرعيتم ، ألا و * ( إن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فإن الله لغنى حميد * ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب ) * . ألا وقد قلت الذي قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم ، ولكنها فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثة الصدر ، ومعذرة الحجة ، فدونكم فاحتقبوها دبرة الظهر، ناقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بشنار الابد ، موصولة بنار الله الموقدة ، التي تطلع على الافئدة ، إنها عليهم مؤصدة ، في عمد ممددة . فبعين الله ما تفعلون ، * ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) * ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فاعملوا إنا عاملون ، وأنتظروا إنا منتظرون ، * ( وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ) * ، * ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) * ، * ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) * ، * ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) * وكان الامر قد قصر " . ثم ولت ، فأتبعها رافع بن رفاعة الزرقي ، فقال لها : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن تكلم في هذا الامر وذكر للناس قبل أن يجري هذا العقد ، ما عدلنا به أحدا . فقالت له بردنها : " إليك عني ، فما جعل الله لاحد بعد غدير خم من حجة ولا عذر " . قال : فلم ير باك ولا باكية كان أكثر من ذلك اليوم ، وارتجت المدينة ، وهاج الناس ، وارتفعت الاصوات . فلما بلغ ذلك أبا بكر قال لعمر : تربت يداك ، ما كان عليك لو تركتني ، فربما رفأت الخرق ورتقت الفتق ؟ ! ألم يكن ذلك بنا أحق ؟ ! فقال الرجل : قد كان في ذلك تضعيف سلطانك ، وتوهين كفتك ، وما أشفقت إلا عليك . قال : ويلك ، فكيف بابنة محمد وقد علم الناس ما تدعو إليه ، وما نجن لها من الغدر عليه . فقال : هل هي إلا غمرة انجلت ، وساعة انقضت ، وكأن ما قد كان لم يكن ، وأنشده : ما قد مضى مما مضى كما مضى * وما مضى مما مضى قد انقضى أقم الصلاة وآت الزكاة ، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، ووفر الفئ ، وصل القرابة ، فإن الله يقول : * ( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى ويستنهضون النساء ، وقد بلغني - يا معشر الانصار - مقالة سفهائكم - فو الله - إن أحق الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم ، لقد جاءكم فآويتم ونصرتم ، وأنتم اليوم أحق من لزم عهده ، ومع ذلك فاغدوا على اعطياتكم ، فإني لست كاشفا قناعا ، ولا باسطا ذراعا ، ولا لسانا إلا على من استحق ذلك ، والسلام . قال : فأطلعت ام سلمة رأسها من بابها وقالت : المثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا ، وهي الحوراء بين الانس ، والانس للنفس ، ربيت في حجور الانبياء ، وتداولتها أيدي الملائكة ، ونمت في حجور الطاهرات ، ونشأت خير منشأ ، وربيت خير مربى ؟ ! أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها ؟ ! وقد قال الله له : * ( وانذر عشيرتك الاقربين ) * ؟ أفأنذرها وجاءت تطلبه وهي خيرة النسوان ، وام سادة الشبان ، وعديلة مريم ابنة عمران ، وحليلة ليث الاقران ، تمت بأبيها رسالات ربه ، فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر ، فيوسدها يمينه ، ويلحفها بشماله ، رويدا فرسول الله بمرأى لغيكم ، وعلى الله تردون ، فواها لكم وسوف تعلمون . قال : فحرمت ام سلمة تلك السنة عطاءها ، ورجعت فاطمة ( عليها السلام ) إلى منزلها فتشكت.
[قال أبو جعفر (کذا): نظرت في جميع الروايات ، فلم أجد فيها أتم شرح ، وأبلغ في الالزام ، وأوكد بالحجة من هذه الرواية ، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع : أنسيتم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبدأ بالولاية : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وقوله " إني تارك فيكم الثقلين . . . " ؟ ! ما أسرع ما أحدثتم ! وأعجل ما نكصتم. وهو في بقية الحديث على السياقة.]
عيادة نساء المدينة لها وخطابها لهن
2- حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الاشعري ، قال : حدثنا علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، قال:
لما رجعت فاطمة إلى منزلها فتشكت وكان وفاتها في هذه المرضة ، دخل إليها النساء المهاجرات والانصاريات ، فقلن لها : كيف أصبحت يا بنت رسول الله ؟ فقالت : " اصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، شنأتهم بعد إذ عرفتهم ولفظتهم بعد إذ سبرتهم ، ورميتهم بعد أن عجمتهم ، فقبحا لفلول الحد وخطل الرأي وعثور الجد ، وخوف الفتن ، * ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ) * ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم عارها ، فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين . ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ومهبط الروح الامين بالوحي المبين ، الطبين بأمر الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين ! ما الذي نقموا من أبي حسن ؟ نقموا - والله - منه شدة وطأته ونكال وقعته ، ونكير سيفه ، وتبحره في كتاب الله ، وتنمره في ذات الله . وأيم الله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله لاعتلقه ثم لسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولا وردهم منهلا رويا صافيا فضفاضا تطفح ضفتاه ، ثم لاصدرهم بطانا قد تخير لهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعه سورة الساغب ، ولانفتحت عليهم بركات من السماء والارض ، ولكنهم بغوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون . ألا فاسمعن . ومن عاش أراه الدهر العجب ، وإن تعجبن فانظرن إلى أي نحو اتجهوا ؟ وعلى أي سند استندوا ؟ وبأي عروة تمسكوا ؟ ولمن اختاروا ؟ ولمن تركوا ؟ لبئس المولى ، ولبئس العشير . إستبدلوا والله الذناني بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، * ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) * أما لعمر الله لقد لقحت ، فانظروها تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممقرا ، هنالك خسر المبطلون ، وعرف التالون غب ما أسس الاولون . ثم طيبوا بعد ذلك نفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وابشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فياخسرى لكم ، وكيف بكم وقد عميت عليكم ؟ * ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون).
جمعه ۲۷ ارديبهشت ۱۳۸۷ ساعت ۴:۱۰