<p class="MsoNormal" style="MARGIN: 0cm 0cm 0pt; TEXT-ALIGN: right" align="right"><span style="FONT-SIZE: 18pt; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="mso-spacerun: yes"><font face="Times New Roman"> </font></span></span></p>
ابو غالب زراري در رساله خود سندی به متنی می دهد که از آن نسخه ای در اختيار داشته است؛ اين متن مقتل حجر بن عدي از هشام بن محمد بن السائب الکلبي، اخباری معروف سده دوم قمری بوده است. سند او از طريق حمدان القلانسي از عمرو بن عمر الحلّال به نويسنده می رسد (ص 169/شماره 44). بنابراين کتاب کلبي درباره حجر مورد توجه اماميه بوده است. نجاشی نيز از اين کتاب نام برده است. سند او از طريق محمد بن موسی بن حماد به کلبي می رسد (ص 434-435). منبع اصلی کتاب الکلبي مانند عمده آثارش، ابو مخنف بوده است. کتابهای ابو مخنف در روايت کلبي همراه با افزوده هايی ارائه می شده و اين دقيقا سنت کتاب نويسی سده های نخستين در حديث و اخبار بوده است. بنابراين اصل کتاب کلبي به ابو مخنف می رسيده که می دانيم او هم کتابی درباره مقتل حجر داشته است. کتاب ابو مخنف مانند همه آثار او و اخباريان ديگری مانند او و کلبي در شکل تکنگاری ها، بخشها و اجزای تاريخ نويسی بزرگتر موضوعی آنان را تشکيل می داده است. از کتاب ابو مخنف با نام مقتل حجر بن عدي، ابن نديم و نجاشي نام برده اند (نک: ابن نديم، الفهرست، ص105 ؛ نجاشی، ص 320). راوی کتاب ابو مخنف، چنانکه در رجال نجاشی نيز ديده می شود، کلبي بوده است و در واقع آن را در متن کتاب مقتل خود عينا روايت می کرده است. درباره ابو مخنف بهترين مقاله در زبان فارسی، نوشته استاد علی بهراميان است در دائرة المعارف بزرگ اسلامی. از ديگر اخباريان نصر بن مزاحم هم مقتل حجر داشته است (نک: ابن نديم، ص 106)؛ کما اينکه ابو العباس احمد بن عبيدالله ابن عمار الثقفي الکاتب، مؤرخ و اخباری شيعی و استاد ابو الفرج اصفهاني هم کتابی با عنوان اخبار حجر بن عدى داشته است (نک: ابن نديم، ص 166). موضوع اخبار و مقتل حجر بن عدي از لحاظ شناخت مناسبات شيعيان با معاويه و دستگاه قدرت اموی و به ويژه برای شرايط تاريخی دوران پيش از عاشوراء بسيار مهم است و نيازمند مطالعه گسترده. بلاذري و طبری از روايات تاريخی هشام کلبي و ابو مخنف در موضوعات مختلف يکصد و پنجاه سال نخست اسلام و از جمله در مورد اخبار حجر بهره برده اند. در کتاب انساب الاشراف عموما ميان روايات تلفيق صورت گرفته و در اين مورد خاص نيز جز چند مورد محدود، دقيقا روشن نيست که چه مقدار از مطالب وی درباره حجر بن عدي برگرفته از هشام کلبي و ابو مخنف است[1]. در کتاب المحن ابو العرب از طريق ابو عبيد قاسم بن سلام عمدتا به کتاب ابو معشر استناد شده که با روايت ابو مخنف-کلبي قابل مقايسه است[2]. در بغية الطلب ابن عديم نيز از روايات گوناگون و از جمله روايت ابو معشر استفاده شده [3]و مطالب زيادی در رابطه با حجر ارائه شده است. در اينجا متن کتاب کلبي را که يکی از اصلی ترين منابع آن، کتاب ابو مخنف بوده، بر اساس تاريخ طبري می آوريم (تاريخ طبري، 4/ 187 به بعد). طبری در ميانه نقلها، از منابع ديگر هم بهره گرفته که آنها را حذف کرده ايم. آنچه نقل می شود، احتمالا بيشترين حجم را در کتاب کلبي تشکيل می داده است.
" قال هشام بن محمد عن أبى مخنف عن المجالد بن سعيد والصقعب بن زهير وفضيل ابن خديج والحسين بن عقبة المرادى. قال: كل قد حدثنى بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث حجر بن عدى الكندى وأصحابه أن معاوية بن أبى سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى سنة 41 دعاه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن لذى الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وقد قال المتلمس لذى الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما وقد يجزى عنك الحكيم بغير التعلم وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضينى ويسعد سلطاني ويصلح به رعيتي ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تتحم عن شتم على وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب على أصحاب على والاقصاء لهم وترك الاستماع منهم وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والادناء لهم والاستماع منهم فقال المغيرة قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك فلم يذمم بى دفع ولا رفع ولا وضع فستبلو فتحمد أو تذم ثم قال بل نحمد ان شاء الله.
قال أبو مخنف: قال الصقعب بن زهير سمعت الشعبى يقول ما ولينا وال بعده مثله وان كان لاحقا بصالح من كان قبله من العمال وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا وهو من أحسن شئ سيرة وأشده حبا للعافية غير أنه لا يدع ذم على والوقوع فيه والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لاصحابه فكان حجر بن عدى إذا سمع ذلك قال بل إياكم فذمم الله ولعن ثم قام فقال إن الله عز وجل يقول ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) وأنا أشهد أن من تذمون وتعيرون لاحق بالفضل وأن من تزكون وتطرون أولى بالذم فيقول له المغيرة يا حجر لقد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالى عليك يا حجر ويحك اتق السلطان اتق غضبه وسطوته فان غضبة السلطان أحيانا مما يهلك أمثالك كثيرا ثم يكف عنه ويصفح فلم يزل حتى كان في آخر إمارته قام المغيرة فقال في على وعثمان كما كان يقول وكانت مقالته اللهم ارحم عثمان بن عفان وتجاوز عنه واجزه بأحسن عمله فإنه عمل بكتابك واتبع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم جمع كلمتنا وحقن دماءنا وقتل مظلوما اللهم فارحم أنصاره وأولياءه ومحبيه والطالبين بدمه ويدعو على قتلته فقام حجر بن عدى فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كل من كان في المسجد وخارجا منه وقال إنك لا تدرى بمن تولع من هرمك أيها الانسان مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنك قد حبستها عنا وليس ذلك لك ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك وقد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين قال فقام معه أكثر من ثلثى الناس يقولون صدق والله حجر وبرمرلنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنا لا ننتفع بقولك هذا ولا يجدى علينا شيئا وأكثروا في مثل هذا القول ونحوه فنزل المغيرة فدخل واستأذن عليه قومه فأذن لهم فقالوا علام تترك هذا الرجل يقول هذه المقالة ويجترئ عليك في سلطانك هذه الجرأة إنك تجمع على نفسك بهذا خصلتين أما اولهما فتهوين سلطانك وأما الاخرى فإن ذلك إن بلغ معاوية كان أسخط له عليه وكان أشدهم له قولا في أمر حجر والتعظيم عليه عبد الله أبى عقيل الثقفى فقال لهم المغيرة إنى قد قتلته إنه سيأتي أمير بعدى فيحسبه مثلى فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بى فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة إنه قد اقترب أجلى وضعف عملي ولا أحب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم وسفك دمائهم فيسعدوا بذلك وأشقى ويعز في الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة ولكني قابل من محسنهم وعاف عن مسيئهم وحامد حليمهم وواعظ سفيههم حتى يفرق بينى وبينهم الموت وسيذكروننى لو قد جربوا العمال بعدى.
قال أبو مخنف: سمعت عثمان بن عقبة الكندى يقول سمعت شيخا للحى يذكر هذا الحديث يقول قد والله جربناهم فوجدناه خيرهم أحمدهم للبرى وأغفرهم للمسئ وأقبلهم للعذر.
قال هشام: قال عوانة فولى المغيرة الكوفة سنة 41 في جمادى وهلك سنة 51 فجمعت الكوفة والبصرة لزياد بن أبى سفيان فأقبل زياد حتى دخل القصر بالكوفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنا قد جربنا وجربنا وسسنا وساسنا السائسون فوجدنا هذا الامر لا يصلح آخره إلا بما صلح أوله بالطاعة اللينة المشبه سرها بعلانيتها وغيب أهلها بشاهدهم وقلوبهم بألسنتهم ووجدنا الناس لا يصلحهم إلا لين في غير ضعف وشدة في غير عنف وإنى والله لا أقوم فيكم بأمر إلا أمضيته على إذلاله وليس من كذبة الشاهد عليها من الله والناس أكبر من كذبة إمام على المنبر ثم ذكر عثمان وأصحابه فقرظهم وذكر قتلته ولعنهم فقام حجر ففعل مثل الذى كان يفعل بالمغيرة وقد كان زياد قد رجع إلى البصرة وولى الكوفة عمرو بن الحريث ورجع إلى البصرة فبلغه أن حجرا يجتمع إليه شيعة على ويظهرون لعن معاوية والبراءة منه وأنهم حصبوا عمرو بن الحريث فشخص إلى الكوفة حتى دخلها فأتى القصر فدخله ثم خرج فصعد المنبر وعليه قباء سندس ومطرف خز أخضر قد فرق شعره وحجر جالس في المسجد حوله أصحابه أكثر ما كانوا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان غب البغى والغى وخيم إن هؤلاء جموا فأشروا وأمنوني فاجترؤا على وايم الله لئن لم تستقيموا لاداوينكم بدوائكم وقال ما أنا بشئ إن لم أمنع باحة الكوفة من حجر وأدعه نكالا لمن بعده ويل أمك يا حجر سقط العشاء بك على سرحان ثم قال أبلغ نصيحة أن راعى إبلها سقط العشاء به على سرحان.
قال هشام عن أبى مخنف قال: حدثنى اسماعيل بن نعيم النمري عن حسين بن عبد الله الهمداني قال كنت في شرط زياد فقال زياد لينطلق بعضكم إلى حجر فليدعه قال فقال لى أمير الشرطة وهو شداد بن الهيثم الهلالي اذهب إليه فادعه قال فأتيته فقلت أجب الامير فقال أصحابه لا يأتيه ولا كرامة قال فرجعت إليه فأخبرته فأمر صاحب الشرطة أن يبعث معى رجالا قال فبعث نفرا قال فأتيناه فقلنا أجب الامير قال فسبونا وشتمونا فرجعنا إليه فأخبرناه الخبر قال فوثب زياد بأشراف أهل الكوفة فقال يا أهل الكوفة أتشجون بيد وتأسون بأخرى أبدانكم معى وأهواؤكم مع حجر هذا الهجهاجة الاحمق المذبوب أنتم معى وإخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر هذا والله من دحسكم وغشكم والله لتظهرن لى برأتكم أو لآتينكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم فوثبوا إلى زياد فقالوا معاذ الله سبحانه أن يكون لنا فيما ههنا رأى إلا طاعتك وطاعة أمير المؤمنين وكل ما ظننا أن فيه رضاك وما يستبين به طاعتنا وخلافنا لحجر فمرنا به قال فليقم كل امرئ منكم إلى هذه الجماعة حول حجر فليدع كل رجل منكم أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته حتى تقيموا عنه كل من استطعتم أن تقيموه ففعلوا ذلك فأقاموا جل من كان مع حجر بن عدى فلما رأى زياد أن جل من كان مع حجر أقيم عنه قال لشداد بن الهيثم الهلالي ويقال هيثم بن شداد أمير شرطته انطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به وإلا فمر من معك فلينتزعوا عمد السوق ثم يشدوا بها عليهم حتى يأتوني به ويضربوا من حال دونه فأتاه الهلالي فقال أجب الامير قال فقال أصحاب حجر لا ولا نعمة عين لا نجيبه فقال لاصحابه شدوا على عمد السوق فاشتدوا إليها فأقبلوا بها قد انتزعوها فقال عمير بن يزيد الكندى من بنى هند وهو أبو العمر طة إنه ليس معك رجل معه سيف غيرى وما يغنى عنك قال فما ترى قال قم من هذا المكان فالحق بأهلك يمنعك قومك فقام زياد ينظر إليهم وهو على المنبر فغشوا بالعمد فضرب رجل من الحمراء يقال له بكر بن عبيد رأس عمرو بن الحمق بعمود فوقع وأتاه أبو سفيان بن عويمر والعجلان بن ربيعة وهما رجلان من الازد فحملاه فأتيا به دار رجل من الازد يقال له عبيدالله بن مالك فخبأه بها فلم يزل بها متواريا حتى خرج منها.
قال أبو مخنف: فحدثني يوسف بن يزيد عن عبد الله ابن عوف بن الاحمر قال لما انصرفنا من غزوة باجميرا قبل مقتل مصعب بعام فإذا أنا بأحمرى يسايرنى ووالله ما رأيته من ذلك اليوم الذى ضرب فيه عمرو ابن الحمق وما كنت أرى لو رأيته أن أعرفه فلما رأيته ظننت أنه هو هو وذاك حين نظرنا إلى أبيات الكوفة فكرهت أن أسأله أنت الضارب عمرو بن الحمق فيكابرني فقلت له ما رأيتك من اليوم الذى ضربت فيه رأس عمرو بن الحمق بالعمود في المسجد إلى يومى هذا ولقد عرفتك الآن حين رأيتك فقال لى لا تعدم بصرك ما أثبت نظرك كان ذلك أمر الشيطان أما إنه قد بلغني أنه كان أمرءا صالحا ولقد ندمت على تلك الضربة فأستغفر الله فقلت له ألا ترى والله لا أفترق أنا وأنت حتى أضربك على رأسك مثل الضربة التى ضربتها عمرو بن الحمق أو أموت أو تموت فناشدني الله وسألني الله فأبيت عليه ودعوت غلاما لى يدعى رشيدا من سبى أصبهان معه قناة له صلبة فأخذتها منه ثم أحمل عليه بها فنزل عن دابته وألحقه حين استوت قدماه بالارض فأصفع بها هامته فخر لوجهه ومضيت وتركته فبرأ بعد فلقيته مرتين من الدهر كل ذلك يقول الله بينى وبينك وأقول الله عز وجل بينك وبين عمرو بن الحمق.
( ثم رجع ) إلى أول الحديث، قال: فلما ضرب عمرا تلك الضربة وحمله ذانك الرجلان انحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة ويضرب رجل من جذام كان في الشرطة رجلا يقال له عبد الله بن خليفة الطائى بعمود فضربه ضربة فصرعه فقال وهو يرتجز قد علمت يوم الهياج خلتى * أنى إذا ما فئتى تولت وكثرت عداتها أو قلت * أتى قتال غداة بلت وضربت يد عائذ بن حملة التميمي وكسرت نابه فقال إن تكسروا نابى وعظم ساعدى * فإن في سورة المناجد وبعض شغب البطل المبالد وينتزع عمودا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من تلقاء أبواب كندة وبغلة حجر موقوفة فأتى بها أبو العمرطة إليه ثم قال اركب لا أب لغيرك فوالله ما أراك إلا قد قتلت نفسك وقتلتنا معك فوضع حجر رجله في الركاب فلم يستطع أن ينهض فحمله أبو العمرطة على بغلته ووثب أبو العمرطة على فرسه فما هو إلا أن استوى عليه حتى انتهى إليه يزيد بن طريف المسلى وكان يغمز فضرب أبا العمرطة بالعمود على فخذه ويخترط أبو العمرطة سيفه فضرب به رأس يزيد بن طريف فخر لوجهه ثم إنه برأ بعد فله يقول عبد الله بن همام السلولى ألوم ابن لؤم ما عدا بك حاسرا * إلى بطل ذى جرأة وشكيم معاود ضرب الدارعين بسيفه * على الهام عند الروع غير لئيم إلى فارس الغارين يوم تلاقيا * بصفين قرم خير نجل قروم حسبت ابن برصاء الحتار قتاله * قتالك زيدا يوم دار حكيم وكان ذلك السيف أول سيف ضرب به في الكوفة في الاختلاف بين الناس ومضى حجر وأبو العمرطة حتى انتهيا إلى دار حجر واجتمع إلى حجر ناس كثير من أصحابه وخرج قيس بن قهدان الكندى على حمار له يسير في مجالس كندة يقول يا قوم حجر دافعوا وصاولوا * وعن أخيكم ساعة فقاتلوا لا يلفيا منكم لحجر خاذل * أليس فيكم رامح ونابل وفارس مستلئم وراجل * وضارب بالسيف لا يزايل فلم يأته من كندة كثير أحد وقال زياد وهو على المنبر ليقم همدان وتميم وهوازن وأبناء أعصر ومذحج وأسد وغطفان فليأتوا جبانة كندة فليمضوا من ثم إلى حجر فليأتوني به ثم إنه كره أن يسير طائفة من مضر مع طائفة من أهل اليمن فيقع بينهم شغب واختلاف وتفسد ما بينهم الحمية فقال لتقم تميم وهوازن وأبناء أعصر وأسد وغطفان ولتمض مذحج وهمدان إلى جبانة كندة ثم لينهضوا إلى حجر فليأتوني به وليسر سائر أهل اليمن حتى ينزلوا جبانة الصائديين فليمضوا إلى صاحبهم فليأتوني به فخرجت الازد وبجيلة وخثعم والانصار وخزاعة وقضاعة فنزلوا جبانة الصائديين ولم تخرج حضرموت مع أهل اليمن لمكانهم من كندة وذلك أن دعوة حضرموت مع كندة فكرهوا الخروج في طلب حجر.
قال أبو مخنف: حدثنى يحيى ابن سعيد بن مخنف عن محمد بن مخنف قال إنى لمع أهل اليمن في جبانة الصائديين إذ اجتمع رؤوس أهل اليمن يتشاورون في أمر حجر فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف أنا مشير عليكم برأى إن قبلتموه رجوت أن تسلموا من اللائمة والاثم أرى لكم أن تلبثوا قليلا فإن سرعان شباب همدان ومذحج يكفونكم ما تكرهون أن تلوا من مساة قومكم في صاحبكم. قال: فأجمع رأيهم على ذلك قال فوالله ما كان إلا كلا ولا حتى أتينا فقيل لنا إن مذحج وهمدان قد دخلوا فأخذوا كل من وجدوا من بنى جبلة قال فمر أهل اليمن في نواحى دور كندة معذرين فبلغ ذلك زيادا فأثنى على مذحج وهمدان وذم سائر أهل اليمن وإن حجرا لما انتهى إلى داره فنظر إلى قلة من معه من قومه وبلغه أن مذحج وهمدان نزلوا جبانة كندة وسائر أهل اليمن جبانة الصائديين قال لاصحابه انصرفوا فوالله ما لكم طاقة بمن قد اجتمع عليكم من قومكم وما أحب أن أعرضكم للهلاك فذهبوا لينصرفوا فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان فعطف عليهم عمير بن يزيد وقيس بن يزيد وعبيدة بن عمرو البدى وعبد الرحمن بن محرز الطمحى وقيس بن شمر فتقاتلوا معهم فقاتلوا عنه ساعة فحرحوا وأسر قيس بن يزيد وأفلت سائر القوم فقال لهم حجر لا أبا لكم تفرقوا لا تقاتلوا فإنى آخذ في بعض السكك ثم أخذ طريقا نحو بنى حرب فسار حتى انتهى إلى دار رجل منهم يقال له سليم بن يزيد فدخل داره وجاء القوم في طلبه حتى انتهوا إلى تلك الدار فأخذ سليم بن يزيد سيفه ثم ذهب ليخرج إليهم فبكت بناته فقال له حجر ما تريد قال أريد والله أسألهم أن ينصرفوا عنك فإن فعلوا وإلا ضاربتهم بسيفي هذا ما ثبت قائمه في يدى دونك فقال حجر لا أبا لغيرك بئس ما دخلت به إذا على بناتك قال إنى والله ما أمونهن ولا رزقهن إلا على الحى الذى لا يموت ولا أشترى العار بشئ أبدا ولا تخرج من دارى أسيرا أبدا وأنا حى أملك قائم سيفى فإن قتلت دونك فاصنع ما بدا لك قال حجر أما في دارك هذه حائط أقتحمه أو خوخة أخرج منها عسى أن يسلمني الله عز وجل منهم ويسلمك فإذا القوم لم يقدروا على عندك لم يضروك قال بل هذه خوخة تخرجك إلى دور بنى العنبر وإلى غيرهم من قومك فخرج حتى مر ببنى ذهل فقالوا له مر القوم آنفا في طلبك يقفون أثرك فقال منهم أهرب قال فخرج ومعه فتية منهم يتقصون به الطريق ويسلكون به الازقة حتى أفضى إلى النخع فقال لهم عند ذلك انصرفوا رحمكم الله فانصرفوا عنه وأقبل إلى دار عبد الله بن الحارث أخى الاشتر فدخلها فإنه لكذلك قد ألقى له الفرش عبد الله وبسط له البسط وتلقاه ببسط الوجه وحسن البشر إذ أتى فقيل له إن الشرط تسأل عنك في النخع وذلك إن أمة سوداء يقال لها أدماء لقيتهم فقالت من تطلبون قالوا نطلب حجرا قالت ها هو ذا قد رأيته في النخع فانصرفوا نحو النخع فخرج من عند عبد الله متنكرا وركب معه عبد الله بن الحارث ليلا حتى أتى دار ربيعة بن ناجد الازدي في الازد فنزلها يوما وليلة فلما أعجزهم أن يقدروا عليه دعا زياد بمحمد بن الاشعث فقال له يا أبا ميثاء أما والله لتأتينى بحجر أولا لا أدع لك نخلة إلا قطعتها ولا دارا إلا هدمتها ثم لا تسلم منى حتى أقطعك إربا إربا قال أمهلنى حتى أطلبه قال قد أمهلتك ثلاثا فان جئت به وإلا عد نفسك مع الهلكى وأخرج محمد نحو السجن منتقع اللون يتل تلا عنيفا فقال حجر بن يزيد الكندى لزياد ضمنيه وخل سبيله يطلب صاحبه فانه مخلى سربه أخرى أن يقدر عليه منه إذا كان محبوسا فقال أتضمنه قال نعم قال أما والله لئن حاص عنك لازيرنك شعوب وان كنت الآن على كريما قال انه لا يفعل فخلى سبيله ثم ان حجر بن يزيد كلمه في قيس بن يزيد وقد أتى به أسيرا فقال لهم ما على قيس بأس قد عرفنا رأيه في عثمان وبلاءه يوم صفين مع أمير المؤمنين ثم أرسل إليه فأتى به فقال له انى قد علمت انك لم تقاتل مع حجر أنك ترى رأيه ولكن قاتلت معه حمية قد غفرتها لك لما أعلم من حسن رأيك وحسن بلائك ولكن لن أدعك حتى تأتيني بأخيك عمير قال أجيئك به ان شاء الله قال فهات من يضمنه لى معك قال هذا حجر بن يزيد يضمنه لك معى قال حجر بن يزيد نعم أضمنه لك على ان تؤمنه على ماله ودمه قال ذلك لك فانطلقا فأتيا به وهو جريح فأمر به فأوقر حديدا ثم أخذته الرجال ترفعه حتى إذا بلغ سورها ألقوه فوقع على الارض ثم رفعوه وألقوه ففعلوا به ذلك مرارا فقام إليه حجر بن يزيد فقال ألم تؤمنه على ماله ودمه أصلحك الله قال بلى قد آمنته على ماله ودمه ولست أهريق له دما ولا آخذ له مالا قال أصلحك الله يشفى به على الموت ودنا منه وقام من كان عنده من أهل اليمن فدنوا منه وكلموه فقال أتضمنونه لى بنفسه فمتى ما أحدث حدثا أتيتموني به قالوا نعم قال وتضمنون لى أرش ضربة المسلى قالوا ونضمنها فخلى سبيله ومكث حجر بن عدى في منزل ربيعة بن ناجد الازدي يوما وليلة ثم بعث حجر إلى محمد بن الاشعث غلاما له يدعى رشيدا من أهل إصبهان أنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبار العنيد فلا يهولنك شئ من أمره فانى خارج اليك أجمع نفرا من قومك ثم ادخل عليه فاسأله أن يؤمننى حتى يبعث بى إلى معاوية فيرى في رأيه فخرج ابن الاشعث إلى حجر بن يزيد وإلى جرير بن عبد الله وإلى عبد الله بن الحارث أخى الاشتر فأتاهم فدخلوا إلى زياد فكلموه وطلبوا إليه أن يؤمنه حتى يبعث به إلى معاوية فيرى فيه رأيه ففعل فبعثوا إليه رسوله ذلك يعلمونه ان قد أخذنا الذى تسأل وأمروه أن يأتي فأقبل حتى دخل على زياد فقال زياد مرحبا بك أبا عبد الرحمن حرب في أيام الحرب وحرب وقد سالم الناس * على أهلها تجنى براقش * قال ما خالعت طاعة ولا فارقت جماعة وإنى لعلى بيعتى فقال هيهات هيهات يا حجر تشج بيد وتأسوا بأخرى وتريد إذ أمكن الله منك أن نرضى كلا والله قال ألم تؤمنى حتى آتى معاوية فيرى في رأيه قال بلى قد فعلنا انطلقوا به إلى السجن فلما قفى به من عنده قال زياد أما والله لولا أمانة ما برح أو يلفظ مهجة نفسه.
قال هشام بن محمد عن أبى مخنف: وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبى وزكرياء بن أبى زائدة عن أبى اسحاق أن حجرا لما قفى به من عند زياد نادى بأعلى صوته اللهم إن على بيعتى لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزياد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر فخرج عمرو بن الحمقى ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلا فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبى بلتعة فسار إليها في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد فلما انتهى اليهما خرجا فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا وكان بطنه قد سقى فلم يكن عنده امتناع وأما رفاعة بن شداد وكان شابا قويا فوثب على فرس له جواد فقال له أقاتل عنك قال وما ينفعني أن تقاتل انج بنفسك إن استطعت فحمل عليهم فأفرجوا له فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان راميا فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت فقال من إن تركتموه كان أسلم لكم وإن قتلتموه كان أضر لكم فسألوه فأبى أن يخبرهم فبعث به ابن أبى بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفى فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره فكتب إليه معاوية انه زعم أنه طعن عثمان بن عفان تسع طعنات بمشاقص كانت معه وإنا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الاولى منهن أو الثانية.
قال أبو مخنف: وحدثني المجالد عن الشعبى وزكرياء بن أبى زائدة عن ابن اسحاق قال وجه زياد في طلب أصحاب حجر فأخذوا يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم فبعث إلى قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسى صاحب الشرطة وهو شداد بن الهيثم فدعا قبيصة في قومه وأخذ سيفه فأتاه ربعى بن حراش بن جحش العبسى ورجال من قومه ليسوا بالكثير فأراد أن يقاتل فقال صاحب الشرطة أنت آمن على دمك ومالك فلم تقتل نفسك فقال له أصحابه قد أو منت فعلام تقتل نفسك وتقتلنا معك قال ويحكم إن هذا الدعى ابن العاهرة والله لئن وقعت في يده لا أفلت منه أبدا أو يقتلنى قالوا كلا فوضع يده في أيديهم فأقبلوا به إلى زياد فلما دخلوا عليه قال زياد وحى عسى تعزونى على الدين أما والله لاجعلن لك شاغلا عن تلقيح الفتن والتوثب على الامراء قال إنى لم تك إلا على الامان قال انطلقوا به إلى السجن وجاء قيس بن عباد الشيباني إلى زياد فقال له إن امرءا منا من بنى همام يقال له صيفي بن فسيل من رؤس أصحاب حجر وهو أشد الناس عليك فبعث إليه زياد فأتى به فقال له زياد يا عدو الله ما تقول في أبى تراب قال ما أعرف أبا تراب قال ما أعرفك به قال ما أعرفه قال أما تعرف على بن أبى طالب قال بلى قال فذاك أبو تراب قال كلا ذاك أبو الحسن والحسين عليه السلام فقال له صاحب الشرطة يقول لك الامير هو أبو تراب وتقول أنت لا قال وإن كذب الامير أتريد أن أكذب وأشهد له على باطل كما شهد قال له زياد وهذا أيضا مع ذنبك على بالعصا فأتى بها فقال ما قولك قال أحسن قول أنا قائله في عبد من عباد الله المؤمنين قال اضربوا عانقه بالعصا حتى يلصق بالارض فضرب حتى لزم الارض ثم قال اقلعوا عنه إيه ما قولك في على قال والله لو شرحتنى بالمواسى والمدى ما قلت إلا ما سمعت منى قال لتلعننه أو لاضربن عنقك قال إذا تضربها والله قبل ذلك فان أبيت إلا أن تضربها رضيت بالله وشقيت أنت قال ادفعوا في رقبته ثم قال أوقروه حديدا وألقوه في السجن ثم بعث إلى عبد الله بن خليفة الطائى وكان شهد مع حجر وقاتلهم قتالا شديدا فبعث إليه زياد بكير بن حمران الاحمري وكان تبيع العمال فبعثه في أناس من أصحابه فأقبلوا في طلبه فوجدوه في مسجد عدى بن حاتم فأخرجوه فلما أرادوا أن يذهبوا به وكان عزيز النفس امتنع منهم فحاربهم وقاتلهم فشجره ورموه بالحجارة حتى سقط فنادت ميثاء أخته يا معشر طيئ أتسلمون ابن خليفة لسانكم وسنانكم فلما سمع الاحمري نداءها خشى أن تجتمع طيئ فيهلك فهرب وخرج نسوة من طيئ فأدخلنه دارا وينطلق الاحمري حتى أن زيادا فقال إن طيئا اجتمعت إلى فلم أطقهم أفأتيتك فبعث زياد إلى عدى وكان في المسجد فحبسه وقال جئني به وقد أخبر عدى بخبر عبد الله فقال عدى كيف آتيك برجل قد قتله القوم قال جئني حتى أرى أن قد قتلوه فاعتل له وقال لا أدرى أين هو ولا ما فعل فحبسه فلم يبق رجل من أهل المصر من أهل اليمن وربيعة ومصر إلا فزع لعدى فأتوا زيادا فكلموه فيه وأخرج عبد الله فتغيب في بحتر فأرسل إلى عدى إن شئت أن أخرج حتى أضع يدى في يدك فعلت فبعث إليه عدى والله لو كانت تحت قدمى ما رفعتهما عنك فدعا زياد عديا فقال له إنى أخلى سبيلك على أن تجعل لى لتنفيه من الكوفة والتسير به إلى الجبلين قال نعم فرجع وأرسل
إلى عبد الله بن خليفة اخرج فلو قد سكن غضبه لكلمته فيك حتى ترجع إن شاء الله فخرج إلى الجبلين وأتى زياد بكريم بن عفيف الخثعمي فقال ما اسمك قال أنا كريم ابن عفيف قال ويحك أو ويلك ما أحسن اسمك واسم أبيك وأسوأ عملك ورأيك قال أما والله إن عهدك برأيى لمنذ قريب * ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع اثنى عشر رجلا في السجن ثم إنه دعا رءوس الارباع فقال اشهدوا على حجر بما رأيتم منه وكان رؤس الارباع يومئذ عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة وأبو بردة بن أبى موسى على مذحج وأسد فشهد هؤلاء الاربعة ان حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين * وزعم أن هذا الامر لا يصلح إلا في آل أبى طالب ووئب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبى تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره ثم أمر بهم ليخرجوا فأتاه قيس بن الوليد فقال إنه قد بلغني أن هؤلاء إذا خرج بهم عرض لهم فبعث زياد إلى الكناسة فابتاع إبلا صعابا فشد عليها المحامل ثم حملهم عليها في الرحبة أول النهار حتى إذا كان العشاء قال زياد من شاء فليعرض فلم يتحرك من الناس أحد ونظر زياد في شهادة الشهود فقال ما أظن هذه الشهادة قاطعة وإنى لاحب أن تكون الشهود أكثر من أربعة *.
قال أبو مخنف: فحدثني الحارث بن حصيرة عن أبى الكنود وهو عبد الرحمن ابن عبيد؛ و [حدّث] أبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب وسليمان بن أبى راشد عن أبى الكنود بأسماء هؤلاء الشهود:
( بسم الله الرحمن الرحيم ) هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبى موسى لله رب العالمين شهد أن حجر بن عدى خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء فقال زياد على مثل هذه الشهادة فاشهدوا أما والله لاجهدن على قطع خيط عنق الخائن الاحمق فشهد رؤوس الارباع على مثل شهادته وكانوا أربعة ثم إن زيادا دعا الناس فقال اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الارباع فقرأ عليهم الكتاب فقام أول الناس عناق بن شرحبيل بن أبى دهم التيمى تيم الله بن ثعلبة فقال بينوا اسمى فقال زياد ابدؤا بأسامى قريش ثم اكتبوا اسم عناق في الشهود ومن نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالنصيحة والاستقامة فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيدالله وموسى بن طلحة وإسماعيل بن طلحة بن عبيدالله والمنذر بن الزبير وعمارة ابن عقبة بن أبى معيط وعبد الرحمن بن هناد وعمر بن سعد بن أبى وقاص وعامر بن مسعود بن أمية بن خلف ومحرز بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس وعبيدالله بن مسلم بن شعبة الحضرمي وعناق بن شرحبيل بن أبى دهم ووائل ابن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب بن حصين الحارثى وقطن بن عبد الله بن حصين والسرى بن وقاص الحارثى وكتب شهادته وهو غائب في عمله والسائب والاقرع الثقفى وشبيب بن ربعى وعبد الله بن أبى عقيل الثققى ومصقلة بن هبيرة الشيباني والقعقاع بن شور الذهلى وشداد بن المنذر بن الحارث بن وعلة الذهلى وكان يدعى ابن بزيعة فقال ما لهذا أب ينسب إليه ألقوا هذا من الشهود فقيل له انه أخو الحصين وهو ابن المنذر قال فانسبوه إلى أبيه فنسب إلى أبيه فبلغت شدادا فقال ويلى على ابن الزانية أو ليست أمه أعرف من أبيه والله ما ينسب إلا إلى أمه سمية وحجار بن أبجر العجلى فغضبت ربيعة على هؤلاء الشهود الذين شهدوا من ربيعة وقالوا لهم شهدتم على أوليائنا وخلفائنا فقالوا ما نحن إلا من الناس وقد شهد عليهم ناس من قومهم كثير وعمرو بن الحجاج الزبيدى ولبيد بن عطارد التميمي ومحمد بن عمير بن عطارد التميمي وسويد بن عبد الرحمن التميمي من بنى سعد وأسماء بن خارجة الفزارى كان يعتذر من أمره وشمر بن ذى الجوشن العامري وشداد ومروان ابنا الهيثم الهلاليان ومحصن بن ثعلبة من عائذة قريش والهيثم بن الاسود النخعي وكان يعتذر إليهم وعبد الرحمن بن قيس الاسدي والحارث وشداد ابنا الازمع الهمدانيان ثم الوادعيان وكريب بن سلمة بن يزيد الجعفي وعبد الرحمن بن أبى سبرة الجعفي وزحر بن قيس الجعفي وقدامة بن العجلان الازدي وعزرة بن عزرة الاحمسي ودعا المختار بن أبى عبيد وعروة ابن المغيرة بن شعبة ليشهدوا عليه فراغا وعمر بن قيس ذى اللحية وهانئ بن أبى حية الوادعيان فشهد عليه سبعون رجلا فقال زياد ألقوهم إلا من قد عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة وألقيت شهادة عبد الله ابن الحجاج التغلبي وكتبت شهادة هؤلاء الشهود في صحيفة ثم دفعها إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب الحارثى وبعثهما عليهم وأمرهما أن يخرجا بهم وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضى وشريح بن هانئ الحارثى فأما شريح فقال سألني عنه فأخبرته أنه كان صواما قواما وأما شريح بن هانئ الحارثى فكان يقول ما شهدت ولقد بلغني أن قد كتبت شهادتى فأكذبته ولمته وجاء وائل ابن حجر وكثير بن شهاب فأخرج القوم عشية وسار معهم صاحب الشرطة حتى أخرجهم من الكوفة فلما انتهوا إلى جبانة عرزم نظر قبيصة بن ضبيعة العبسى إلى داره وهى في جبانة عرزم فإذا بناته مشرفات فقال لوائل وكثير ائذنا لى فأوصى أهلى فأذنا له فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ساعة ثم قال اسكتن فسكتن فقال اتقين الله عز وجل واصبرن فانى أرجو من ربى في وجهى هذا احدى الحسنيين إما الشهادة وهى السعادة وإما الانصراف اليكن في عافية وإن الذى كان يرزقكن ويكفينى مؤنتكن هو الله تعالى وهو حى لا يموت أرجو أن لا يضيعكن وأن يحفظني فيكن ثم انصرف فمر بقومه فجعل القوم يدعون الله له بالعافية فقال إنه لمما يعدل عندي خطر ما أنا فيه هلاك قومي يقول حيث لا ينصرونني وكان رجا أن يخلصوه .
قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح العبسى عن عبيدالله بن الحر الجعفي قال والله إنى لواقف عند باب السرى بن أبى وقاص حين مروا بحجر وأصحابه قال فقلت ألا عشرة رهط أستنقذ بهم هؤلاء إلا خمسة قال فجعل يتلهف قال فلم يجبنى أحد من الناس قال فمضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى الغريين فلحقهم شريح بن هانئ معه كتاب فقال لكثير بلغ كتابي هذا إلى أمير المؤمنين قال ما فيه قال لا تسألني فيه حاجتى فأبى كثير وقال ما أحب أن آتى أمير المؤمنين بكتاب لا أدرى ما فيه وعسى أن لا يوافقه فأتى به وائل به حجر فقبله منه ثم مضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء وبينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا تسمية الذين بعث بهم إلى معاوية حجر بن عدى بن جبلة الكندى والارقم بن عبد الله الكندى من بنى الارقم وشريك بن شداد الحضرمي وصيفى بن فسيل وقبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسى وكريم بن عفيف الخثعمي من بنى عامر بن شهران ثم من قحافة وعاصم بن عوف البجلى وورقاء بن سمى البجلى وكدام بن حيان وعبد الرحمن بن حسان العنزيان من بنى هميم ومحرز بن شهاب التميمي من بنى منقر وعبد الله بن حوية السعدى من بنى تميم فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء فحبسوا بها ثم إن زيادا أتبعهم برجلين آخرين مع عامر بن الاسود العجلى بعتبة بن الاخنس من بنى سعد بن بكر بن هوازن وسعد بن نمران الهمداني ثم الناعطى فتموا أربعة عشر رجلا فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وفض كتابهما فقرأه على أهل الشام فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زياد بن أبى سفيان أما بعد فان الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فكاد له عدوه وكفاه مؤنة من بغى عليه ان طواغيت من هذه الترابية السبائية رأسهم حجر بن عدى خالفوا أمير المؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا الحرب فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوى السن والدين منهم ؟ فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا فلما قرأ الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تستمعون فقال له يزيد بن أسد البجلى أرى أن تفرقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها ودفع وائل بن حجر كتاب شريح بن هانئ إلى معاوية فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شريح بن هانئ أما بعد فإنه بلغني أن زيادا كتب إليك بشهادتي على حجر بن عدى وأن شهادتى على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة ويقيم الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حرام الدم والمال فإن شئت فاقتله وإن شئت فدعه فقرأ كتابه على وائل بن حجر وكثير فقال ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم فحبس القوم بمرج عذراء وكتب معاوية إلى زياد أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه وشهادة من قبلك عليهم فنظرت في ذلك فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم وأحيانا أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم والسلام فكتب إليه زياد مع يزيد بن حجية بن ربيعة التيمى أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت رأيك في حجر وأصحابه فعجبت لاشتباه الامر عليك فيهم وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إلى فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم بعذراء فقال يا هؤلاء أما والله ما أرى برأتكم ولقد جئت بكتاب فيه الذبح فمرونى بما أجبتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به فقال حجر أبلغ معاوية أنا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها وأنه إنما شهد علينا الاعداء والاظناء فقدم يزيد بالكتاب إلى معاوية فقرأه وبلغه يزيد مقالة حجر فقال معاوية زياد أصدق عندنا من حجر فقال عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفى ويقال عثمان بن عمير الثقفى جذاذها جذاذها فقال له معاوية لا تعن أبرا فخرج أهل الشأم ولا يدرون ما قال معاوية وعبد الرحمن فأتوا النعمان بن بشير فقالوا له مقالة ابن أم الحكم فقال النعمان قتل القوم وأقبل عامر بن الاسود العجلى وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه علم الرجلين اللذين بعث بهما زياد فلما ولى ليمضى قام إليه حجر بن عدى يرسف في القيود فقال يا عامر اسمع منى أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام وأخبره أنا قد أومنا وصالحناه فليتق الله ولينظر في أمرنا فقال له نحوا من هذا الكلام فأعاد عليه حجر مرارا فكان الآخر عرض فقال قد فهمت لك أكثرت فقال له حجر إنى ما سمعت بعيب وعلى أنه يلوم إنك والله تحبى وتعطى وإن حجرا يقدم ويقتل فلا ألومك أن تستثقل كلامي اذهب عنك فكأنه استحيى فقال لا والله ما ذلك بى ولابلغن ولاجهدن وكأنه يزعم أنه قد فعل وأن الآخر أبى فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين قال وقام يزيد بن أسد البجلى فقال يا أمير المؤمنين هب لى ابني عمى وقد كان جرير بن عبد الله كتب فيهما أن امرأين من قومي من أهل الجماعة والرأى الحسن سعى بهما ساع ظنين إلى زياد فبعث بهما في النفر الكوفيين الذين وجه بهم زياد إلى أمير المؤمنين وهما ممن لا يحدث حدثا في الاسلام ولا بغيا على الخليفة فلينفعهما ذلك عند أمير المؤمنين فلما سألهما يزيد ذكر معاوية كتاب جرير فقال قد كتب إلى ابن عمك فيهما جرير محسنا عليهما الثناء وهو أهل أن يصدق قوله ويقبل نصيحته وقد سألتنى ابني عمك فهما لك وطلب وائل بن حجر في الارقم فتركه له وطلب أبو الاعور السلمى في عتبة بن الاخنس فوهبه له وطلب حمرة بن مالك الهمداني في سعد بن نمران الهمداني فوهبه له وكلمه حبيب ابن مسلمة في ابن حوية فخلى سبيله وقام ملك بن هبيرة السكوني فقال لمعاوية عمك يا أمير المؤمنين دع لى ابن عمى حجرا فقال إن ابن حجرا رأس القوم وأخاف إن خليت سبيله أن يفسد على مصرى فيضطرنا غدا إلى أن نشخصك وأصحابك إليه بالعراق فقال له والله ما أنصفتني يا معاوية قاتلت معك ابن عمك فتلقاني منهم يوم كيوم صفين حتى ظفرت كفك وعلا كعبك ولم تخف الدوائر ثم سألتك ابن عمى فسطوت وبسطت من القول بما لا أنتفع به وتخوفت فيما زعمت عاقبة الدوائر ثم انصرف فجلس في بيته فبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعى من بنى سلامان بن سعد والحصين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدى فأتوهم عند المساء فقال الخثعمي حين رأى الاعور مقبلا يقتل نصفنا وينجو نصفنا فقال سعد ابن نمران اللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عنى راض فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي اللهم اجعلني من ؟ تكرم بهوانهم وأنت عنى راض فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى الله إلا ما أراد فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية فقال لهم رسول معاوية إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من على واللعن له فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم وإن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم عليكم غير أنه قد عفى عن ذلك فابرؤا من هذا الرجل نخل سبيلكم قالوا اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك فأمر بقبورهم فحفرت وأدنيت أكفانهم وقاموا الليل كله يصلون فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية يا هؤلاء لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان قالوا هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق فقال أصحاب معاوية أمير المؤمنين كان أعلم بكم ثم قاموا إليهم فقالوا تبرؤن من هذا الرجل قالوا بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله ووقع قبيصة بن ضبيعة في يدى أبى شريف البدى فقال له قبيصة إن الشر بين قومي وبين قومك أمن فليقتلني سواك فقال له برتك رحم فأخذ الحضرمي فقتله وقتل القضاعى قبيصة بن ضبيعة قال ثم إن حجرا قال لهم دعوني أتوضأ قالوا له توضأ فلما أن توضأ قال لهم دعوني أصل ركعتين فأيمن الله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين قالوا ليصل فصلى ثم انصرف فقال والله ما صليت صلاة قط أقصر منها ولولا أن تروا أن ما بى جزع من الموت لاحببت أن أستكثر منها ثم قال اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل الكوفة شهدوا علينا وإن أهل الشام يقتلوننا أما والله لئن قتلتموني بها إنى لاول فارس من المسلمين هلك في واديها وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها فمشى إليه الاعور هدبة بن فياض بالسيف فأرعدت خصائله فقال كلا زعمت أنك لا تجزع من الموت فأنا أدعك فأبرأ من صاحبك فقال مالى لا أجزع وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا وإنى والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب فقتله وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته فبعثوا إلى معاوية يخبرونه بمقالتهما فبعث إليهم أن ائتونى بهما فلما دخلا عليه قال الخثعمي الله الله يا معاوية فإنك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ثم مسئول عما أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا فقال معاوية ما تقول في على قال أقول فيه قولك قال أتبرأ من دين على الذى كان يدين الله به فسكت وكره معاوية أن يجيبه وقال شمر بن عبد الله من بنى قحافة فقال يا أمير المؤمنين هب لى ابن عمى قال هو لك غير أنى حابسه شهرا فكان يرسل إليه بين كل يومين فيكلمه وقال له إنى لانفس بك على العراق أن يكون فيهم مثلك ثم إن شمرا عاوده فيه الكلام فقاك نمرك على هبة ابن عمك فدعاه فخلى سبيله على أن لا يدخل إلى الكوفة ما كان له سلطان فقال تخير أي بلاد العرب أحب إليك أن أسيرك إليها فاختار الموصل فكان يقول لو قد مات معاوية قدمت المصر فمات قبل معاوية بشهر ثم أقبل على عبد الرحمن العنزي فقال ابه يا أخا ربيعة ما قولك في على قال دعني ولا تسألني فإنه خير لك قال والله لا أدعك حتى تخبرني عنه قال أشهد أنه كان من الذاكرين الله كثيرا ومن الآمرين بالحق والقائمين بالقسط والعافين عن الناس قال فما قولك في عثمان قال هو أول من فتح باب الظلم وأرتج أبواب الحق قال قتلت نفسك قال بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي يقول حين كلم شمر الخثعمي في كريم بن عفيف الخثعمي ولم يكن له أحد من قومه يكلمه فيه فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه أما بعد فإن هذا العنزي شر من بعثت فعاقبه عقوبته التى هو أهلها واقتله شر قتلة فلما قدم به على زياد بعث بن زياد إلى قس الناطف فدفن به حيا قال ولما حمل العنزي والخثعمى إلى معاوية قال العنزي لحجر يا حجر لا يبعدنك الله فنعم أخو إلاسلام كنت وقال الخثعمي لا تبعد ولا تفقد فقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ثم ذهب بهما وأتبعهما بصره وقال كفى بالموت قطاعا لحبل القرائن فذهب بعتبة بن الاخنس وسعد بن نمران بعد حجر بأيام فخلى سبيلهما تسمية من قتل من أصحاب حجر رحمه الله حجر بن عدى وشريك بن شداد الحضرمي وصيفى بن فسيل الشيباني وقبيصة ابن ضبيعة العبسى ومحرز بن شهاب السعدى ثم المنقرى وكدام بن حيان العنزي وعبد الرحمن بن حسان العنزي فبعث به إلى زياد فدفن حيا بقس الناطف فهم سبعة قتلوا وكفنوا وصلى عليهم قال فزعموا أن الحسن لما بلغه قتل حجر وأصحابه قال صلوا عليهم وكفنوهم وادفنوهم واستقبلوا بهم القبلة قالوا نعم قال حجوهم ورب الكعبة.
تسمية من نجا منهم: كريم بن عفيف الخثعمي وعبد الله بن حوية التميمي وعاصم بن عوف البجلى وورقاء بن سمى البجلى والارقم بن عبد الله الكندى وعتبة بن الاخنس من بنى سعد بن بكر وسعد بن نمران الهمداني فهم سبعة * وقال مالك بن هبيرة السكوني حين أبى معاوية أن يهب له حجرا وقد اجتمع إليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير فقال والله لنحن أغنى عن معاوية من معاوية عنا وإنا لنجد في قومه منه بدلا ولا يجد منا في الناس حلفا سيروا إلى هذا الرجل فلنخله من أيديهم فأقبلوا يسيرون ولم يشكوا أنهم بعذراء لم يقتلوا فاستقبلتهم قتلتهم وقد خرجوا منها فلما رأوه في الناس ظنوا أنما جاء بهم ليخلص حجرا من أيديهم فقال لهم ما وراءكم قال تاب القوم وجئنا لنخبر معاوية فسكت عنهم ومضى نحو عذراء فاستقبله بعض من جاء منها فأخبره أن القوم قد قتلوا فقال على بالقوم وتبعتهم الخيل وسبقوهم حتى دخلوا على معاوية فأخبروه خبر ما أتى له مالك بن هبيرة ومن معه من الناس فقال لهم معاوية اسكنوا فانما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها قد طفئت ورجع مالك حتى نزل في منزله ولم يأت معاوية فأرسل إليه معاوية فأبى أن يأتيه فلما كان الليل بعث إليه بمائة ألف درهم وقال له إن أمير المؤمنين لم يمنعه أن يشفعك في ابن عمك إلا شفقة عليك وعلى أصحابك أن يعيدوا لكم حربا أخرى وإن حجر بن عدى لو قد بقى خشيت أن يكلفك وأصحابك الشخوص إليه وأن يكون ذلك من البلاء على المسلمين ما هو أعظم من قتل حجر فقبلها وطابت نفسه وأقبل إليه من غده في جموع قومه حتى دخل عليه ورضى عنه *.
قال أبو مخنف: وحدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق أن عائشة رضى الله عنها بعثت عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام إلى معاوية في حجر وأصحابه فقدم عليه وقد قتلهم فقال له عبد الرحمن أين غاب عنك حلم أبى سفيان قال غاب عنى حين غاب عنى مثلك من حلماء قومي وحملنى ابن سمية فاحتملت *.
قال أبو مخنف: قال عبد الملك بن نوفل كانت عائشة تقول لولا أنا لم نغير شيئا إلا آلت بنا الامور إلى أشد مما كنا فيه لغيرنا قتل حجر أما والله أن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا *.
قال أبو مخنف: وحدثني عبد الملك ابن نوفل عن أبى سعيد المقبرى أن معاوية حين حج مر على عائشة رضوان الله عليها فاستأذن عليها فأذنت له فلما قعد قالت له يا معاوية أأمنت أن أخبأ لك من يقتلك قال بيت الامن دخلت قالت يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه قال لست أنا قتلتهم إنما قتلهم من شهد عليهم *.
قال أبو مخنف: حدثنى زكرياء بن أبى زائدة عن أبى إسحاق قال أدركت الناس وهم يقولون إن أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن على وقتل حجر بن عدى ودعوة زياد *.
قال أبو مخنف: وزعموا أن معاوية قال عند موته يوم لى من ابن الادبر طويل ثلاث مرات يعنى حجرا *.
قال أبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن الحسن قال: أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجرا ويلا له من حجر وأصحاب حجر مرتين * وقالت هند ابنة زيد بن مخرمة الانصارية وكانت تشيع ترثى حجرا ترفع أيها القمر المنير * تبصر هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الامير تخبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد لها محولا * كأن لم يحيها مزن مطير ألا يا حجر حجر بنى عدى * تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير يرى قتل الخيار عليه حقا * له من شر أمته وزير ألا ياليت حجرا مات موتا * ولم ينحر كما نحر البعير فإن يهلك فكل زعيم قوم * من الدنيا إلى هلك يصير وقالت الكندية ترثى حجرا ويقال بل قائلها هذه الانصارية دموع عينى ديمة تقطر * تبكى على حجر وما تقتر لو كانت القوس على أسره * ما حمل السيف له الاعور وقال الشاعر يحرض بنى هند من بنى شيبان على قيس بن عباد حين سعى بصيفي بن فسيل دعى ابن فسيل يا آل مرة دعوة * ولاقى ذباب السيف كفا ومعصما فحرض بنى هند إذا ما لقيتهم * وقل لغياث وابنه يتكلما لتبك بنى هند قتيلة مثل ما * بكت عرس صيفي وتبعث مأتما غياث بن عمران بن مرة بن الحارث بن دب بن مرة بن ذهل بن شيبان وكان شريفا وقتيلة أخت قيس بن عباد فعاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الاشعث في مواطنه فقال حوشب للحجاج بن يوسف إن منا امرءا صاحب فتن ووثوب على السلطان لم تكن فتنة في العراق قط إلا وثب فيها وهو ترابى يلعن عثمان وقد خرج مع ابن الاشعث فشهد معه في مواطنه كلها يحرض الناس حتى إذا أهلكهم الله جاء فجلس في بيته فبعث إليه الحجاج فضرب عتقه فقال بنو أبيه لآل حوشب إنما سعيتم بنا سعيا فقالوا لهم وأنتم إنما سعيتم بصاحبنا سعيا.
فقال أبو مخنف: وقد كان عبد الله بن خليفة الطائى شهد مع حجر بن عدى فطلبه زياد فتوارى فبعث إليه الشرط وهم أهل الحمراء يومئذ فأخذوه فخرجت أخته النوار فقالت يا معشر طيئ أتسلمون سنانكم ولسانكم عبد الله بن خليفة فشد الطائيون على الشرط فضربوهم وانتزعوا منهم عبد الله بن خليفة فرجعوا إلى زياد فأخبروه فوثب على عدى بن حاتم وهو في المسجد فقال ائتنى بعبد الله بن خليفة قال وماله فأخبره قال فهذا شئ كان في الحى لا علم لى به قال والله لتأتينى به قال لا والله لا آتيك به أبدا أجيئك بابن عمى تقتله والله لو كان تحت قدمى ما رفعتهما عنه قال فأمر به إلى السجن قال فلم يبق بالكوفة يمانى ولا ربعى إلا أتاه وكلمه وقالوا تفعل هذا بعدى بن حاتم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانى أخرجه على شرط قالوا ما هو قال يخرج ابن عمه عنى فلا يدخل الكوفة ما دام لى بها سلطان فأتى عدى فأخبر بذلك فقال نعم فبعث عدى إلى عبد الله بن خليفة فقال يا ابن أخى إن هذا قد لج في أمرك وقد أبى إلا اخراجك عن مصرك مادام له سلطان فالحق بالجبلين فخرج فجعل عبد الله بن خليفة يكتب إلى عدى وجعل عدى يمنيه فكتب إليه تذكرت ليلى والشبيبة أعصرا * وذكر الصبى برح على من تذكرا وولى الشباب فافتقدت غضونه * فيالك من وجد به حين أدبرا فدع عنك تذكار الشباب وفقده * وآساره إذ بان منك فأقصرا وبك على الخلان لما تخرموا * ولم يجدوا عن منهل الموت مصدرا دعتهم مناياهم ومن حان يومه * من الناس فاعلم أنه لن يؤخرا أولئك كانوا شيعة لى وموئلا * إذا اليوم ألفى ذا احتدام مذكرا وما كانت أهوى بعدهم متعللا * بشئ من الدنيا ولا أن أعمرا أقول ولا والله أنسى ادكارهم * سجيس الليالى أو أموت فأقبرا على أهل عذراء السلام مضاعفا * من الله وليسق الغمام الكنهورا ولاقى بها حجر من الله رحمة * فقد كان أرضى الله حجر وأعذرا ولا زال تهطال ملث وديمة * على قبر حجر أو ينادى فيحشرا فيا حجر من للخيل تدمى نحورها * وللملك المغزى إذا ما تغشمرا ومن صادع بالحق بعدك ناطق * بتقوى ومن إن قيل بالجور غيرا فنعم أخو الاسلام كنت وإنني * لاطمع أن تؤتى الخلود وتحبرا وقد كنت تعطى السيف في الحرب حقه * وتعرف معروفا وتنكر منكرا فيا أخوينا من هميم عصمتما * ويسرتما للصالحات فأبشرا ويا أخوى الخندفيين أبشرا * فقد كنتما حييتما أن تبشرا ويا إخوتا من حضرموت وغالب * وشيبان لقيتم حسابا ميسرا سعدتم فلم اسمع بأصوب منكم * حجاجا لدى الموت الجليل وأصبرا سأبكيكم ما لاح نجم وغرد ال * حمام ببطن الواديين وقرقرا فقلت ولم أظلم أغوث بن طيئ * متى كنت أخشى بينكم أن أسيرا هبلتم ألا قاتلتم عن أخيكم * وقد ذب حتى مال ثم تجورا ففرجتم عنى فغودرت مسلما * كأنى غريب في إياد وأعصرا فمن لكم مثلى لدى كل غارة * ومن لكم مثلى إذا البأس أصحرا ومن لكم مثلى إذا الحرب قلصت * وأوضع فيها المستميت وشمرا فها أناذا دارى بأجبال طئ * طريدا ولو شاء الاله لغيرا نفاني عدوى ظالما عن مهاجري * رضيت بما شاء الاله وقدرا وأسلمنى قومي لغير جناية * كأن لم يكونوا لى قبيلا ومعشرا فإن ألف في دار بأجبال طئ * وكان معانا من عصير ومحضرا فما كنت أخشى أن أرى متغربا * لحا الله من لاحى عليه وكثرا لحا الله قتل الحضرميين وائلا * ولاقى الفناء من السنان الموفرا ولاقى الردى القوم الذين تحزبوا * علينا وقالوا قول زور ومنكرا فلا يدعنى قوم لغوث بن طئ * لان دهرهم أشقى بهم وتغيرا فلم أغزهم في المعلمين ولم أثر * عليهم عجاجا بالكويفة أكدرا فبلغ خليلي إن رحلت مشرقا * جديلة والحيين معنا وبحترا ونبهان والافناء من جذم طئ * ألم أك فيكم ذا الغناء العشتررا ألم تذكروا يوم العذيب أليتى * أمامكم ألا أرى الدهر مدبرا وكرى على مهران والجمع حاسر * وقتلى الهمام المستميت المسورا ويوم جلولاء الوقيعة لم ألم * ويوم نهاوند الفتوح وتسترا وتنسونني يوم الشريعة والقنا * بصفين في أكتافهم قد تكسرا جزى ربه عنى عدى بن حاتم * برفضى وخذلاني جزاء موفرا أتنسى بلائى سادرا يا ابن حاتم * عشية ما أغنت عديك حذمرا فدافعت عنك القوم حتى تخاذلوا * وكنت أنا الخصم الالد العذورا فولوا وما قاموا مقامي كأنما * رأوني ليثا بالاباءة مخدرا نصرتكم إذخام القريب وأبعط ال * بعيد وقد أفردت نصرا مؤزرا فكان جزائي أن اجرد بينكم * سجينا وأن أولى الهوان وأوسرا وكم عدة لى منك أنك راجعي * فلم تغن بالميعاد عنى حبترا فأصبحت أرعى النيب طورا وتارة * أهرهر ان راعى الشويهات هرهرا كأنى لم أركب جوادا لغارة * ولم أترك القرن الكمى مقطرا ولم أعترض بالسيف خيلا مغيرة * إذا النكس مشى القهقرى ثم جرجرا ولم أستحث الركض في إثر عصبة * ميممة عليا سجاس وأبهرا ولم أذعر الايلام منى بغارة * كورد القطا ثم انحدرت مظفرا ولم أر في خيل تطاعن بالقنا * بقزوين أو شروين أو أغز كندرا فذلك دهر زال عنى حميده * وأصبح لى معروفه قد تنكرا فلا يبعدن قومي وإن كنت غائبا * وكنت المضاع فيهم والمكفرا ولا خير في الدنيا ولا العيش بعدهم * وإن كنت عنهم نائى الدار محصرا فمات بالجبلين قبل موت زياد وقال عبيدة الكندى ثم البدى وهو يعير محمد ابن الاشعث بخذلانه حجرا أسلمت عمك لم تقاتل دونه * فرقا ولولا أنت كان منيعا وقتلت وافد آل بيت محمد * وسلبت أسيافا له ودروعا لو كنت من أسد عرفت كرامتي * ورأيت لى بيت الحباب شفيعا.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] نک: بلاذري، انساب الأشراف، القسم الرابع، الجزء الأول، بنو عبد شمس، به کوشش احسان عباس، ويسبادن/بيروت، 1400ق/1979م، ص 242 تا 271
[2] نک: ابو العرب، المحن، ص 130-132
[3] نک: بخش حجر همراه بخش مربوط به سيد الشهداء مستقلا وسيله سهيل زکار منتشر شده است: دمشق، 1410ق، بخش ابو معشر در: ص 145 و 146؛ 153 و 154
" قال هشام بن محمد عن أبى مخنف عن المجالد بن سعيد والصقعب بن زهير وفضيل ابن خديج والحسين بن عقبة المرادى. قال: كل قد حدثنى بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث حجر بن عدى الكندى وأصحابه أن معاوية بن أبى سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى سنة 41 دعاه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن لذى الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وقد قال المتلمس لذى الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما وقد يجزى عنك الحكيم بغير التعلم وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضينى ويسعد سلطاني ويصلح به رعيتي ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تتحم عن شتم على وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب على أصحاب على والاقصاء لهم وترك الاستماع منهم وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والادناء لهم والاستماع منهم فقال المغيرة قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك فلم يذمم بى دفع ولا رفع ولا وضع فستبلو فتحمد أو تذم ثم قال بل نحمد ان شاء الله.
قال أبو مخنف: قال الصقعب بن زهير سمعت الشعبى يقول ما ولينا وال بعده مثله وان كان لاحقا بصالح من كان قبله من العمال وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا وهو من أحسن شئ سيرة وأشده حبا للعافية غير أنه لا يدع ذم على والوقوع فيه والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لاصحابه فكان حجر بن عدى إذا سمع ذلك قال بل إياكم فذمم الله ولعن ثم قام فقال إن الله عز وجل يقول ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) وأنا أشهد أن من تذمون وتعيرون لاحق بالفضل وأن من تزكون وتطرون أولى بالذم فيقول له المغيرة يا حجر لقد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالى عليك يا حجر ويحك اتق السلطان اتق غضبه وسطوته فان غضبة السلطان أحيانا مما يهلك أمثالك كثيرا ثم يكف عنه ويصفح فلم يزل حتى كان في آخر إمارته قام المغيرة فقال في على وعثمان كما كان يقول وكانت مقالته اللهم ارحم عثمان بن عفان وتجاوز عنه واجزه بأحسن عمله فإنه عمل بكتابك واتبع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم جمع كلمتنا وحقن دماءنا وقتل مظلوما اللهم فارحم أنصاره وأولياءه ومحبيه والطالبين بدمه ويدعو على قتلته فقام حجر بن عدى فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كل من كان في المسجد وخارجا منه وقال إنك لا تدرى بمن تولع من هرمك أيها الانسان مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنك قد حبستها عنا وليس ذلك لك ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك وقد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين قال فقام معه أكثر من ثلثى الناس يقولون صدق والله حجر وبرمرلنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنا لا ننتفع بقولك هذا ولا يجدى علينا شيئا وأكثروا في مثل هذا القول ونحوه فنزل المغيرة فدخل واستأذن عليه قومه فأذن لهم فقالوا علام تترك هذا الرجل يقول هذه المقالة ويجترئ عليك في سلطانك هذه الجرأة إنك تجمع على نفسك بهذا خصلتين أما اولهما فتهوين سلطانك وأما الاخرى فإن ذلك إن بلغ معاوية كان أسخط له عليه وكان أشدهم له قولا في أمر حجر والتعظيم عليه عبد الله أبى عقيل الثقفى فقال لهم المغيرة إنى قد قتلته إنه سيأتي أمير بعدى فيحسبه مثلى فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بى فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة إنه قد اقترب أجلى وضعف عملي ولا أحب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم وسفك دمائهم فيسعدوا بذلك وأشقى ويعز في الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة ولكني قابل من محسنهم وعاف عن مسيئهم وحامد حليمهم وواعظ سفيههم حتى يفرق بينى وبينهم الموت وسيذكروننى لو قد جربوا العمال بعدى.
قال أبو مخنف: سمعت عثمان بن عقبة الكندى يقول سمعت شيخا للحى يذكر هذا الحديث يقول قد والله جربناهم فوجدناه خيرهم أحمدهم للبرى وأغفرهم للمسئ وأقبلهم للعذر.
قال هشام: قال عوانة فولى المغيرة الكوفة سنة 41 في جمادى وهلك سنة 51 فجمعت الكوفة والبصرة لزياد بن أبى سفيان فأقبل زياد حتى دخل القصر بالكوفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنا قد جربنا وجربنا وسسنا وساسنا السائسون فوجدنا هذا الامر لا يصلح آخره إلا بما صلح أوله بالطاعة اللينة المشبه سرها بعلانيتها وغيب أهلها بشاهدهم وقلوبهم بألسنتهم ووجدنا الناس لا يصلحهم إلا لين في غير ضعف وشدة في غير عنف وإنى والله لا أقوم فيكم بأمر إلا أمضيته على إذلاله وليس من كذبة الشاهد عليها من الله والناس أكبر من كذبة إمام على المنبر ثم ذكر عثمان وأصحابه فقرظهم وذكر قتلته ولعنهم فقام حجر ففعل مثل الذى كان يفعل بالمغيرة وقد كان زياد قد رجع إلى البصرة وولى الكوفة عمرو بن الحريث ورجع إلى البصرة فبلغه أن حجرا يجتمع إليه شيعة على ويظهرون لعن معاوية والبراءة منه وأنهم حصبوا عمرو بن الحريث فشخص إلى الكوفة حتى دخلها فأتى القصر فدخله ثم خرج فصعد المنبر وعليه قباء سندس ومطرف خز أخضر قد فرق شعره وحجر جالس في المسجد حوله أصحابه أكثر ما كانوا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان غب البغى والغى وخيم إن هؤلاء جموا فأشروا وأمنوني فاجترؤا على وايم الله لئن لم تستقيموا لاداوينكم بدوائكم وقال ما أنا بشئ إن لم أمنع باحة الكوفة من حجر وأدعه نكالا لمن بعده ويل أمك يا حجر سقط العشاء بك على سرحان ثم قال أبلغ نصيحة أن راعى إبلها سقط العشاء به على سرحان.
قال هشام عن أبى مخنف قال: حدثنى اسماعيل بن نعيم النمري عن حسين بن عبد الله الهمداني قال كنت في شرط زياد فقال زياد لينطلق بعضكم إلى حجر فليدعه قال فقال لى أمير الشرطة وهو شداد بن الهيثم الهلالي اذهب إليه فادعه قال فأتيته فقلت أجب الامير فقال أصحابه لا يأتيه ولا كرامة قال فرجعت إليه فأخبرته فأمر صاحب الشرطة أن يبعث معى رجالا قال فبعث نفرا قال فأتيناه فقلنا أجب الامير قال فسبونا وشتمونا فرجعنا إليه فأخبرناه الخبر قال فوثب زياد بأشراف أهل الكوفة فقال يا أهل الكوفة أتشجون بيد وتأسون بأخرى أبدانكم معى وأهواؤكم مع حجر هذا الهجهاجة الاحمق المذبوب أنتم معى وإخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر هذا والله من دحسكم وغشكم والله لتظهرن لى برأتكم أو لآتينكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم فوثبوا إلى زياد فقالوا معاذ الله سبحانه أن يكون لنا فيما ههنا رأى إلا طاعتك وطاعة أمير المؤمنين وكل ما ظننا أن فيه رضاك وما يستبين به طاعتنا وخلافنا لحجر فمرنا به قال فليقم كل امرئ منكم إلى هذه الجماعة حول حجر فليدع كل رجل منكم أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته حتى تقيموا عنه كل من استطعتم أن تقيموه ففعلوا ذلك فأقاموا جل من كان مع حجر بن عدى فلما رأى زياد أن جل من كان مع حجر أقيم عنه قال لشداد بن الهيثم الهلالي ويقال هيثم بن شداد أمير شرطته انطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به وإلا فمر من معك فلينتزعوا عمد السوق ثم يشدوا بها عليهم حتى يأتوني به ويضربوا من حال دونه فأتاه الهلالي فقال أجب الامير قال فقال أصحاب حجر لا ولا نعمة عين لا نجيبه فقال لاصحابه شدوا على عمد السوق فاشتدوا إليها فأقبلوا بها قد انتزعوها فقال عمير بن يزيد الكندى من بنى هند وهو أبو العمر طة إنه ليس معك رجل معه سيف غيرى وما يغنى عنك قال فما ترى قال قم من هذا المكان فالحق بأهلك يمنعك قومك فقام زياد ينظر إليهم وهو على المنبر فغشوا بالعمد فضرب رجل من الحمراء يقال له بكر بن عبيد رأس عمرو بن الحمق بعمود فوقع وأتاه أبو سفيان بن عويمر والعجلان بن ربيعة وهما رجلان من الازد فحملاه فأتيا به دار رجل من الازد يقال له عبيدالله بن مالك فخبأه بها فلم يزل بها متواريا حتى خرج منها.
قال أبو مخنف: فحدثني يوسف بن يزيد عن عبد الله ابن عوف بن الاحمر قال لما انصرفنا من غزوة باجميرا قبل مقتل مصعب بعام فإذا أنا بأحمرى يسايرنى ووالله ما رأيته من ذلك اليوم الذى ضرب فيه عمرو ابن الحمق وما كنت أرى لو رأيته أن أعرفه فلما رأيته ظننت أنه هو هو وذاك حين نظرنا إلى أبيات الكوفة فكرهت أن أسأله أنت الضارب عمرو بن الحمق فيكابرني فقلت له ما رأيتك من اليوم الذى ضربت فيه رأس عمرو بن الحمق بالعمود في المسجد إلى يومى هذا ولقد عرفتك الآن حين رأيتك فقال لى لا تعدم بصرك ما أثبت نظرك كان ذلك أمر الشيطان أما إنه قد بلغني أنه كان أمرءا صالحا ولقد ندمت على تلك الضربة فأستغفر الله فقلت له ألا ترى والله لا أفترق أنا وأنت حتى أضربك على رأسك مثل الضربة التى ضربتها عمرو بن الحمق أو أموت أو تموت فناشدني الله وسألني الله فأبيت عليه ودعوت غلاما لى يدعى رشيدا من سبى أصبهان معه قناة له صلبة فأخذتها منه ثم أحمل عليه بها فنزل عن دابته وألحقه حين استوت قدماه بالارض فأصفع بها هامته فخر لوجهه ومضيت وتركته فبرأ بعد فلقيته مرتين من الدهر كل ذلك يقول الله بينى وبينك وأقول الله عز وجل بينك وبين عمرو بن الحمق.
( ثم رجع ) إلى أول الحديث، قال: فلما ضرب عمرا تلك الضربة وحمله ذانك الرجلان انحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة ويضرب رجل من جذام كان في الشرطة رجلا يقال له عبد الله بن خليفة الطائى بعمود فضربه ضربة فصرعه فقال وهو يرتجز قد علمت يوم الهياج خلتى * أنى إذا ما فئتى تولت وكثرت عداتها أو قلت * أتى قتال غداة بلت وضربت يد عائذ بن حملة التميمي وكسرت نابه فقال إن تكسروا نابى وعظم ساعدى * فإن في سورة المناجد وبعض شغب البطل المبالد وينتزع عمودا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من تلقاء أبواب كندة وبغلة حجر موقوفة فأتى بها أبو العمرطة إليه ثم قال اركب لا أب لغيرك فوالله ما أراك إلا قد قتلت نفسك وقتلتنا معك فوضع حجر رجله في الركاب فلم يستطع أن ينهض فحمله أبو العمرطة على بغلته ووثب أبو العمرطة على فرسه فما هو إلا أن استوى عليه حتى انتهى إليه يزيد بن طريف المسلى وكان يغمز فضرب أبا العمرطة بالعمود على فخذه ويخترط أبو العمرطة سيفه فضرب به رأس يزيد بن طريف فخر لوجهه ثم إنه برأ بعد فله يقول عبد الله بن همام السلولى ألوم ابن لؤم ما عدا بك حاسرا * إلى بطل ذى جرأة وشكيم معاود ضرب الدارعين بسيفه * على الهام عند الروع غير لئيم إلى فارس الغارين يوم تلاقيا * بصفين قرم خير نجل قروم حسبت ابن برصاء الحتار قتاله * قتالك زيدا يوم دار حكيم وكان ذلك السيف أول سيف ضرب به في الكوفة في الاختلاف بين الناس ومضى حجر وأبو العمرطة حتى انتهيا إلى دار حجر واجتمع إلى حجر ناس كثير من أصحابه وخرج قيس بن قهدان الكندى على حمار له يسير في مجالس كندة يقول يا قوم حجر دافعوا وصاولوا * وعن أخيكم ساعة فقاتلوا لا يلفيا منكم لحجر خاذل * أليس فيكم رامح ونابل وفارس مستلئم وراجل * وضارب بالسيف لا يزايل فلم يأته من كندة كثير أحد وقال زياد وهو على المنبر ليقم همدان وتميم وهوازن وأبناء أعصر ومذحج وأسد وغطفان فليأتوا جبانة كندة فليمضوا من ثم إلى حجر فليأتوني به ثم إنه كره أن يسير طائفة من مضر مع طائفة من أهل اليمن فيقع بينهم شغب واختلاف وتفسد ما بينهم الحمية فقال لتقم تميم وهوازن وأبناء أعصر وأسد وغطفان ولتمض مذحج وهمدان إلى جبانة كندة ثم لينهضوا إلى حجر فليأتوني به وليسر سائر أهل اليمن حتى ينزلوا جبانة الصائديين فليمضوا إلى صاحبهم فليأتوني به فخرجت الازد وبجيلة وخثعم والانصار وخزاعة وقضاعة فنزلوا جبانة الصائديين ولم تخرج حضرموت مع أهل اليمن لمكانهم من كندة وذلك أن دعوة حضرموت مع كندة فكرهوا الخروج في طلب حجر.
قال أبو مخنف: حدثنى يحيى ابن سعيد بن مخنف عن محمد بن مخنف قال إنى لمع أهل اليمن في جبانة الصائديين إذ اجتمع رؤوس أهل اليمن يتشاورون في أمر حجر فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف أنا مشير عليكم برأى إن قبلتموه رجوت أن تسلموا من اللائمة والاثم أرى لكم أن تلبثوا قليلا فإن سرعان شباب همدان ومذحج يكفونكم ما تكرهون أن تلوا من مساة قومكم في صاحبكم. قال: فأجمع رأيهم على ذلك قال فوالله ما كان إلا كلا ولا حتى أتينا فقيل لنا إن مذحج وهمدان قد دخلوا فأخذوا كل من وجدوا من بنى جبلة قال فمر أهل اليمن في نواحى دور كندة معذرين فبلغ ذلك زيادا فأثنى على مذحج وهمدان وذم سائر أهل اليمن وإن حجرا لما انتهى إلى داره فنظر إلى قلة من معه من قومه وبلغه أن مذحج وهمدان نزلوا جبانة كندة وسائر أهل اليمن جبانة الصائديين قال لاصحابه انصرفوا فوالله ما لكم طاقة بمن قد اجتمع عليكم من قومكم وما أحب أن أعرضكم للهلاك فذهبوا لينصرفوا فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان فعطف عليهم عمير بن يزيد وقيس بن يزيد وعبيدة بن عمرو البدى وعبد الرحمن بن محرز الطمحى وقيس بن شمر فتقاتلوا معهم فقاتلوا عنه ساعة فحرحوا وأسر قيس بن يزيد وأفلت سائر القوم فقال لهم حجر لا أبا لكم تفرقوا لا تقاتلوا فإنى آخذ في بعض السكك ثم أخذ طريقا نحو بنى حرب فسار حتى انتهى إلى دار رجل منهم يقال له سليم بن يزيد فدخل داره وجاء القوم في طلبه حتى انتهوا إلى تلك الدار فأخذ سليم بن يزيد سيفه ثم ذهب ليخرج إليهم فبكت بناته فقال له حجر ما تريد قال أريد والله أسألهم أن ينصرفوا عنك فإن فعلوا وإلا ضاربتهم بسيفي هذا ما ثبت قائمه في يدى دونك فقال حجر لا أبا لغيرك بئس ما دخلت به إذا على بناتك قال إنى والله ما أمونهن ولا رزقهن إلا على الحى الذى لا يموت ولا أشترى العار بشئ أبدا ولا تخرج من دارى أسيرا أبدا وأنا حى أملك قائم سيفى فإن قتلت دونك فاصنع ما بدا لك قال حجر أما في دارك هذه حائط أقتحمه أو خوخة أخرج منها عسى أن يسلمني الله عز وجل منهم ويسلمك فإذا القوم لم يقدروا على عندك لم يضروك قال بل هذه خوخة تخرجك إلى دور بنى العنبر وإلى غيرهم من قومك فخرج حتى مر ببنى ذهل فقالوا له مر القوم آنفا في طلبك يقفون أثرك فقال منهم أهرب قال فخرج ومعه فتية منهم يتقصون به الطريق ويسلكون به الازقة حتى أفضى إلى النخع فقال لهم عند ذلك انصرفوا رحمكم الله فانصرفوا عنه وأقبل إلى دار عبد الله بن الحارث أخى الاشتر فدخلها فإنه لكذلك قد ألقى له الفرش عبد الله وبسط له البسط وتلقاه ببسط الوجه وحسن البشر إذ أتى فقيل له إن الشرط تسأل عنك في النخع وذلك إن أمة سوداء يقال لها أدماء لقيتهم فقالت من تطلبون قالوا نطلب حجرا قالت ها هو ذا قد رأيته في النخع فانصرفوا نحو النخع فخرج من عند عبد الله متنكرا وركب معه عبد الله بن الحارث ليلا حتى أتى دار ربيعة بن ناجد الازدي في الازد فنزلها يوما وليلة فلما أعجزهم أن يقدروا عليه دعا زياد بمحمد بن الاشعث فقال له يا أبا ميثاء أما والله لتأتينى بحجر أولا لا أدع لك نخلة إلا قطعتها ولا دارا إلا هدمتها ثم لا تسلم منى حتى أقطعك إربا إربا قال أمهلنى حتى أطلبه قال قد أمهلتك ثلاثا فان جئت به وإلا عد نفسك مع الهلكى وأخرج محمد نحو السجن منتقع اللون يتل تلا عنيفا فقال حجر بن يزيد الكندى لزياد ضمنيه وخل سبيله يطلب صاحبه فانه مخلى سربه أخرى أن يقدر عليه منه إذا كان محبوسا فقال أتضمنه قال نعم قال أما والله لئن حاص عنك لازيرنك شعوب وان كنت الآن على كريما قال انه لا يفعل فخلى سبيله ثم ان حجر بن يزيد كلمه في قيس بن يزيد وقد أتى به أسيرا فقال لهم ما على قيس بأس قد عرفنا رأيه في عثمان وبلاءه يوم صفين مع أمير المؤمنين ثم أرسل إليه فأتى به فقال له انى قد علمت انك لم تقاتل مع حجر أنك ترى رأيه ولكن قاتلت معه حمية قد غفرتها لك لما أعلم من حسن رأيك وحسن بلائك ولكن لن أدعك حتى تأتيني بأخيك عمير قال أجيئك به ان شاء الله قال فهات من يضمنه لى معك قال هذا حجر بن يزيد يضمنه لك معى قال حجر بن يزيد نعم أضمنه لك على ان تؤمنه على ماله ودمه قال ذلك لك فانطلقا فأتيا به وهو جريح فأمر به فأوقر حديدا ثم أخذته الرجال ترفعه حتى إذا بلغ سورها ألقوه فوقع على الارض ثم رفعوه وألقوه ففعلوا به ذلك مرارا فقام إليه حجر بن يزيد فقال ألم تؤمنه على ماله ودمه أصلحك الله قال بلى قد آمنته على ماله ودمه ولست أهريق له دما ولا آخذ له مالا قال أصلحك الله يشفى به على الموت ودنا منه وقام من كان عنده من أهل اليمن فدنوا منه وكلموه فقال أتضمنونه لى بنفسه فمتى ما أحدث حدثا أتيتموني به قالوا نعم قال وتضمنون لى أرش ضربة المسلى قالوا ونضمنها فخلى سبيله ومكث حجر بن عدى في منزل ربيعة بن ناجد الازدي يوما وليلة ثم بعث حجر إلى محمد بن الاشعث غلاما له يدعى رشيدا من أهل إصبهان أنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبار العنيد فلا يهولنك شئ من أمره فانى خارج اليك أجمع نفرا من قومك ثم ادخل عليه فاسأله أن يؤمننى حتى يبعث بى إلى معاوية فيرى في رأيه فخرج ابن الاشعث إلى حجر بن يزيد وإلى جرير بن عبد الله وإلى عبد الله بن الحارث أخى الاشتر فأتاهم فدخلوا إلى زياد فكلموه وطلبوا إليه أن يؤمنه حتى يبعث به إلى معاوية فيرى فيه رأيه ففعل فبعثوا إليه رسوله ذلك يعلمونه ان قد أخذنا الذى تسأل وأمروه أن يأتي فأقبل حتى دخل على زياد فقال زياد مرحبا بك أبا عبد الرحمن حرب في أيام الحرب وحرب وقد سالم الناس * على أهلها تجنى براقش * قال ما خالعت طاعة ولا فارقت جماعة وإنى لعلى بيعتى فقال هيهات هيهات يا حجر تشج بيد وتأسوا بأخرى وتريد إذ أمكن الله منك أن نرضى كلا والله قال ألم تؤمنى حتى آتى معاوية فيرى في رأيه قال بلى قد فعلنا انطلقوا به إلى السجن فلما قفى به من عنده قال زياد أما والله لولا أمانة ما برح أو يلفظ مهجة نفسه.
قال هشام بن محمد عن أبى مخنف: وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبى وزكرياء بن أبى زائدة عن أبى اسحاق أن حجرا لما قفى به من عند زياد نادى بأعلى صوته اللهم إن على بيعتى لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزياد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر فخرج عمرو بن الحمقى ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلا فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبى بلتعة فسار إليها في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد فلما انتهى اليهما خرجا فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا وكان بطنه قد سقى فلم يكن عنده امتناع وأما رفاعة بن شداد وكان شابا قويا فوثب على فرس له جواد فقال له أقاتل عنك قال وما ينفعني أن تقاتل انج بنفسك إن استطعت فحمل عليهم فأفرجوا له فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان راميا فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت فقال من إن تركتموه كان أسلم لكم وإن قتلتموه كان أضر لكم فسألوه فأبى أن يخبرهم فبعث به ابن أبى بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفى فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره فكتب إليه معاوية انه زعم أنه طعن عثمان بن عفان تسع طعنات بمشاقص كانت معه وإنا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الاولى منهن أو الثانية.
قال أبو مخنف: وحدثني المجالد عن الشعبى وزكرياء بن أبى زائدة عن ابن اسحاق قال وجه زياد في طلب أصحاب حجر فأخذوا يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم فبعث إلى قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسى صاحب الشرطة وهو شداد بن الهيثم فدعا قبيصة في قومه وأخذ سيفه فأتاه ربعى بن حراش بن جحش العبسى ورجال من قومه ليسوا بالكثير فأراد أن يقاتل فقال صاحب الشرطة أنت آمن على دمك ومالك فلم تقتل نفسك فقال له أصحابه قد أو منت فعلام تقتل نفسك وتقتلنا معك قال ويحكم إن هذا الدعى ابن العاهرة والله لئن وقعت في يده لا أفلت منه أبدا أو يقتلنى قالوا كلا فوضع يده في أيديهم فأقبلوا به إلى زياد فلما دخلوا عليه قال زياد وحى عسى تعزونى على الدين أما والله لاجعلن لك شاغلا عن تلقيح الفتن والتوثب على الامراء قال إنى لم تك إلا على الامان قال انطلقوا به إلى السجن وجاء قيس بن عباد الشيباني إلى زياد فقال له إن امرءا منا من بنى همام يقال له صيفي بن فسيل من رؤس أصحاب حجر وهو أشد الناس عليك فبعث إليه زياد فأتى به فقال له زياد يا عدو الله ما تقول في أبى تراب قال ما أعرف أبا تراب قال ما أعرفك به قال ما أعرفه قال أما تعرف على بن أبى طالب قال بلى قال فذاك أبو تراب قال كلا ذاك أبو الحسن والحسين عليه السلام فقال له صاحب الشرطة يقول لك الامير هو أبو تراب وتقول أنت لا قال وإن كذب الامير أتريد أن أكذب وأشهد له على باطل كما شهد قال له زياد وهذا أيضا مع ذنبك على بالعصا فأتى بها فقال ما قولك قال أحسن قول أنا قائله في عبد من عباد الله المؤمنين قال اضربوا عانقه بالعصا حتى يلصق بالارض فضرب حتى لزم الارض ثم قال اقلعوا عنه إيه ما قولك في على قال والله لو شرحتنى بالمواسى والمدى ما قلت إلا ما سمعت منى قال لتلعننه أو لاضربن عنقك قال إذا تضربها والله قبل ذلك فان أبيت إلا أن تضربها رضيت بالله وشقيت أنت قال ادفعوا في رقبته ثم قال أوقروه حديدا وألقوه في السجن ثم بعث إلى عبد الله بن خليفة الطائى وكان شهد مع حجر وقاتلهم قتالا شديدا فبعث إليه زياد بكير بن حمران الاحمري وكان تبيع العمال فبعثه في أناس من أصحابه فأقبلوا في طلبه فوجدوه في مسجد عدى بن حاتم فأخرجوه فلما أرادوا أن يذهبوا به وكان عزيز النفس امتنع منهم فحاربهم وقاتلهم فشجره ورموه بالحجارة حتى سقط فنادت ميثاء أخته يا معشر طيئ أتسلمون ابن خليفة لسانكم وسنانكم فلما سمع الاحمري نداءها خشى أن تجتمع طيئ فيهلك فهرب وخرج نسوة من طيئ فأدخلنه دارا وينطلق الاحمري حتى أن زيادا فقال إن طيئا اجتمعت إلى فلم أطقهم أفأتيتك فبعث زياد إلى عدى وكان في المسجد فحبسه وقال جئني به وقد أخبر عدى بخبر عبد الله فقال عدى كيف آتيك برجل قد قتله القوم قال جئني حتى أرى أن قد قتلوه فاعتل له وقال لا أدرى أين هو ولا ما فعل فحبسه فلم يبق رجل من أهل المصر من أهل اليمن وربيعة ومصر إلا فزع لعدى فأتوا زيادا فكلموه فيه وأخرج عبد الله فتغيب في بحتر فأرسل إلى عدى إن شئت أن أخرج حتى أضع يدى في يدك فعلت فبعث إليه عدى والله لو كانت تحت قدمى ما رفعتهما عنك فدعا زياد عديا فقال له إنى أخلى سبيلك على أن تجعل لى لتنفيه من الكوفة والتسير به إلى الجبلين قال نعم فرجع وأرسل
إلى عبد الله بن خليفة اخرج فلو قد سكن غضبه لكلمته فيك حتى ترجع إن شاء الله فخرج إلى الجبلين وأتى زياد بكريم بن عفيف الخثعمي فقال ما اسمك قال أنا كريم ابن عفيف قال ويحك أو ويلك ما أحسن اسمك واسم أبيك وأسوأ عملك ورأيك قال أما والله إن عهدك برأيى لمنذ قريب * ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع اثنى عشر رجلا في السجن ثم إنه دعا رءوس الارباع فقال اشهدوا على حجر بما رأيتم منه وكان رؤس الارباع يومئذ عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة وأبو بردة بن أبى موسى على مذحج وأسد فشهد هؤلاء الاربعة ان حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين * وزعم أن هذا الامر لا يصلح إلا في آل أبى طالب ووئب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبى تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره ثم أمر بهم ليخرجوا فأتاه قيس بن الوليد فقال إنه قد بلغني أن هؤلاء إذا خرج بهم عرض لهم فبعث زياد إلى الكناسة فابتاع إبلا صعابا فشد عليها المحامل ثم حملهم عليها في الرحبة أول النهار حتى إذا كان العشاء قال زياد من شاء فليعرض فلم يتحرك من الناس أحد ونظر زياد في شهادة الشهود فقال ما أظن هذه الشهادة قاطعة وإنى لاحب أن تكون الشهود أكثر من أربعة *.
قال أبو مخنف: فحدثني الحارث بن حصيرة عن أبى الكنود وهو عبد الرحمن ابن عبيد؛ و [حدّث] أبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب وسليمان بن أبى راشد عن أبى الكنود بأسماء هؤلاء الشهود:
( بسم الله الرحمن الرحيم ) هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبى موسى لله رب العالمين شهد أن حجر بن عدى خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء فقال زياد على مثل هذه الشهادة فاشهدوا أما والله لاجهدن على قطع خيط عنق الخائن الاحمق فشهد رؤوس الارباع على مثل شهادته وكانوا أربعة ثم إن زيادا دعا الناس فقال اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الارباع فقرأ عليهم الكتاب فقام أول الناس عناق بن شرحبيل بن أبى دهم التيمى تيم الله بن ثعلبة فقال بينوا اسمى فقال زياد ابدؤا بأسامى قريش ثم اكتبوا اسم عناق في الشهود ومن نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالنصيحة والاستقامة فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيدالله وموسى بن طلحة وإسماعيل بن طلحة بن عبيدالله والمنذر بن الزبير وعمارة ابن عقبة بن أبى معيط وعبد الرحمن بن هناد وعمر بن سعد بن أبى وقاص وعامر بن مسعود بن أمية بن خلف ومحرز بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس وعبيدالله بن مسلم بن شعبة الحضرمي وعناق بن شرحبيل بن أبى دهم ووائل ابن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب بن حصين الحارثى وقطن بن عبد الله بن حصين والسرى بن وقاص الحارثى وكتب شهادته وهو غائب في عمله والسائب والاقرع الثقفى وشبيب بن ربعى وعبد الله بن أبى عقيل الثققى ومصقلة بن هبيرة الشيباني والقعقاع بن شور الذهلى وشداد بن المنذر بن الحارث بن وعلة الذهلى وكان يدعى ابن بزيعة فقال ما لهذا أب ينسب إليه ألقوا هذا من الشهود فقيل له انه أخو الحصين وهو ابن المنذر قال فانسبوه إلى أبيه فنسب إلى أبيه فبلغت شدادا فقال ويلى على ابن الزانية أو ليست أمه أعرف من أبيه والله ما ينسب إلا إلى أمه سمية وحجار بن أبجر العجلى فغضبت ربيعة على هؤلاء الشهود الذين شهدوا من ربيعة وقالوا لهم شهدتم على أوليائنا وخلفائنا فقالوا ما نحن إلا من الناس وقد شهد عليهم ناس من قومهم كثير وعمرو بن الحجاج الزبيدى ولبيد بن عطارد التميمي ومحمد بن عمير بن عطارد التميمي وسويد بن عبد الرحمن التميمي من بنى سعد وأسماء بن خارجة الفزارى كان يعتذر من أمره وشمر بن ذى الجوشن العامري وشداد ومروان ابنا الهيثم الهلاليان ومحصن بن ثعلبة من عائذة قريش والهيثم بن الاسود النخعي وكان يعتذر إليهم وعبد الرحمن بن قيس الاسدي والحارث وشداد ابنا الازمع الهمدانيان ثم الوادعيان وكريب بن سلمة بن يزيد الجعفي وعبد الرحمن بن أبى سبرة الجعفي وزحر بن قيس الجعفي وقدامة بن العجلان الازدي وعزرة بن عزرة الاحمسي ودعا المختار بن أبى عبيد وعروة ابن المغيرة بن شعبة ليشهدوا عليه فراغا وعمر بن قيس ذى اللحية وهانئ بن أبى حية الوادعيان فشهد عليه سبعون رجلا فقال زياد ألقوهم إلا من قد عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة وألقيت شهادة عبد الله ابن الحجاج التغلبي وكتبت شهادة هؤلاء الشهود في صحيفة ثم دفعها إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب الحارثى وبعثهما عليهم وأمرهما أن يخرجا بهم وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضى وشريح بن هانئ الحارثى فأما شريح فقال سألني عنه فأخبرته أنه كان صواما قواما وأما شريح بن هانئ الحارثى فكان يقول ما شهدت ولقد بلغني أن قد كتبت شهادتى فأكذبته ولمته وجاء وائل ابن حجر وكثير بن شهاب فأخرج القوم عشية وسار معهم صاحب الشرطة حتى أخرجهم من الكوفة فلما انتهوا إلى جبانة عرزم نظر قبيصة بن ضبيعة العبسى إلى داره وهى في جبانة عرزم فإذا بناته مشرفات فقال لوائل وكثير ائذنا لى فأوصى أهلى فأذنا له فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ساعة ثم قال اسكتن فسكتن فقال اتقين الله عز وجل واصبرن فانى أرجو من ربى في وجهى هذا احدى الحسنيين إما الشهادة وهى السعادة وإما الانصراف اليكن في عافية وإن الذى كان يرزقكن ويكفينى مؤنتكن هو الله تعالى وهو حى لا يموت أرجو أن لا يضيعكن وأن يحفظني فيكن ثم انصرف فمر بقومه فجعل القوم يدعون الله له بالعافية فقال إنه لمما يعدل عندي خطر ما أنا فيه هلاك قومي يقول حيث لا ينصرونني وكان رجا أن يخلصوه .
قال أبو مخنف: فحدثني النضر بن صالح العبسى عن عبيدالله بن الحر الجعفي قال والله إنى لواقف عند باب السرى بن أبى وقاص حين مروا بحجر وأصحابه قال فقلت ألا عشرة رهط أستنقذ بهم هؤلاء إلا خمسة قال فجعل يتلهف قال فلم يجبنى أحد من الناس قال فمضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى الغريين فلحقهم شريح بن هانئ معه كتاب فقال لكثير بلغ كتابي هذا إلى أمير المؤمنين قال ما فيه قال لا تسألني فيه حاجتى فأبى كثير وقال ما أحب أن آتى أمير المؤمنين بكتاب لا أدرى ما فيه وعسى أن لا يوافقه فأتى به وائل به حجر فقبله منه ثم مضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء وبينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا تسمية الذين بعث بهم إلى معاوية حجر بن عدى بن جبلة الكندى والارقم بن عبد الله الكندى من بنى الارقم وشريك بن شداد الحضرمي وصيفى بن فسيل وقبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسى وكريم بن عفيف الخثعمي من بنى عامر بن شهران ثم من قحافة وعاصم بن عوف البجلى وورقاء بن سمى البجلى وكدام بن حيان وعبد الرحمن بن حسان العنزيان من بنى هميم ومحرز بن شهاب التميمي من بنى منقر وعبد الله بن حوية السعدى من بنى تميم فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء فحبسوا بها ثم إن زيادا أتبعهم برجلين آخرين مع عامر بن الاسود العجلى بعتبة بن الاخنس من بنى سعد بن بكر بن هوازن وسعد بن نمران الهمداني ثم الناعطى فتموا أربعة عشر رجلا فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وفض كتابهما فقرأه على أهل الشام فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زياد بن أبى سفيان أما بعد فان الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فكاد له عدوه وكفاه مؤنة من بغى عليه ان طواغيت من هذه الترابية السبائية رأسهم حجر بن عدى خالفوا أمير المؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا الحرب فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوى السن والدين منهم ؟ فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا فلما قرأ الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تستمعون فقال له يزيد بن أسد البجلى أرى أن تفرقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها ودفع وائل بن حجر كتاب شريح بن هانئ إلى معاوية فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شريح بن هانئ أما بعد فإنه بلغني أن زيادا كتب إليك بشهادتي على حجر بن عدى وأن شهادتى على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة ويقيم الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حرام الدم والمال فإن شئت فاقتله وإن شئت فدعه فقرأ كتابه على وائل بن حجر وكثير فقال ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم فحبس القوم بمرج عذراء وكتب معاوية إلى زياد أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه وشهادة من قبلك عليهم فنظرت في ذلك فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم وأحيانا أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم والسلام فكتب إليه زياد مع يزيد بن حجية بن ربيعة التيمى أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت رأيك في حجر وأصحابه فعجبت لاشتباه الامر عليك فيهم وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إلى فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم بعذراء فقال يا هؤلاء أما والله ما أرى برأتكم ولقد جئت بكتاب فيه الذبح فمرونى بما أجبتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به فقال حجر أبلغ معاوية أنا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها وأنه إنما شهد علينا الاعداء والاظناء فقدم يزيد بالكتاب إلى معاوية فقرأه وبلغه يزيد مقالة حجر فقال معاوية زياد أصدق عندنا من حجر فقال عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفى ويقال عثمان بن عمير الثقفى جذاذها جذاذها فقال له معاوية لا تعن أبرا فخرج أهل الشأم ولا يدرون ما قال معاوية وعبد الرحمن فأتوا النعمان بن بشير فقالوا له مقالة ابن أم الحكم فقال النعمان قتل القوم وأقبل عامر بن الاسود العجلى وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه علم الرجلين اللذين بعث بهما زياد فلما ولى ليمضى قام إليه حجر بن عدى يرسف في القيود فقال يا عامر اسمع منى أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام وأخبره أنا قد أومنا وصالحناه فليتق الله ولينظر في أمرنا فقال له نحوا من هذا الكلام فأعاد عليه حجر مرارا فكان الآخر عرض فقال قد فهمت لك أكثرت فقال له حجر إنى ما سمعت بعيب وعلى أنه يلوم إنك والله تحبى وتعطى وإن حجرا يقدم ويقتل فلا ألومك أن تستثقل كلامي اذهب عنك فكأنه استحيى فقال لا والله ما ذلك بى ولابلغن ولاجهدن وكأنه يزعم أنه قد فعل وأن الآخر أبى فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين قال وقام يزيد بن أسد البجلى فقال يا أمير المؤمنين هب لى ابني عمى وقد كان جرير بن عبد الله كتب فيهما أن امرأين من قومي من أهل الجماعة والرأى الحسن سعى بهما ساع ظنين إلى زياد فبعث بهما في النفر الكوفيين الذين وجه بهم زياد إلى أمير المؤمنين وهما ممن لا يحدث حدثا في الاسلام ولا بغيا على الخليفة فلينفعهما ذلك عند أمير المؤمنين فلما سألهما يزيد ذكر معاوية كتاب جرير فقال قد كتب إلى ابن عمك فيهما جرير محسنا عليهما الثناء وهو أهل أن يصدق قوله ويقبل نصيحته وقد سألتنى ابني عمك فهما لك وطلب وائل بن حجر في الارقم فتركه له وطلب أبو الاعور السلمى في عتبة بن الاخنس فوهبه له وطلب حمرة بن مالك الهمداني في سعد بن نمران الهمداني فوهبه له وكلمه حبيب ابن مسلمة في ابن حوية فخلى سبيله وقام ملك بن هبيرة السكوني فقال لمعاوية عمك يا أمير المؤمنين دع لى ابن عمى حجرا فقال إن ابن حجرا رأس القوم وأخاف إن خليت سبيله أن يفسد على مصرى فيضطرنا غدا إلى أن نشخصك وأصحابك إليه بالعراق فقال له والله ما أنصفتني يا معاوية قاتلت معك ابن عمك فتلقاني منهم يوم كيوم صفين حتى ظفرت كفك وعلا كعبك ولم تخف الدوائر ثم سألتك ابن عمى فسطوت وبسطت من القول بما لا أنتفع به وتخوفت فيما زعمت عاقبة الدوائر ثم انصرف فجلس في بيته فبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعى من بنى سلامان بن سعد والحصين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدى فأتوهم عند المساء فقال الخثعمي حين رأى الاعور مقبلا يقتل نصفنا وينجو نصفنا فقال سعد ابن نمران اللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عنى راض فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي اللهم اجعلني من ؟ تكرم بهوانهم وأنت عنى راض فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى الله إلا ما أراد فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية فقال لهم رسول معاوية إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من على واللعن له فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم وإن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم عليكم غير أنه قد عفى عن ذلك فابرؤا من هذا الرجل نخل سبيلكم قالوا اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك فأمر بقبورهم فحفرت وأدنيت أكفانهم وقاموا الليل كله يصلون فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية يا هؤلاء لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان قالوا هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق فقال أصحاب معاوية أمير المؤمنين كان أعلم بكم ثم قاموا إليهم فقالوا تبرؤن من هذا الرجل قالوا بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله ووقع قبيصة بن ضبيعة في يدى أبى شريف البدى فقال له قبيصة إن الشر بين قومي وبين قومك أمن فليقتلني سواك فقال له برتك رحم فأخذ الحضرمي فقتله وقتل القضاعى قبيصة بن ضبيعة قال ثم إن حجرا قال لهم دعوني أتوضأ قالوا له توضأ فلما أن توضأ قال لهم دعوني أصل ركعتين فأيمن الله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين قالوا ليصل فصلى ثم انصرف فقال والله ما صليت صلاة قط أقصر منها ولولا أن تروا أن ما بى جزع من الموت لاحببت أن أستكثر منها ثم قال اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل الكوفة شهدوا علينا وإن أهل الشام يقتلوننا أما والله لئن قتلتموني بها إنى لاول فارس من المسلمين هلك في واديها وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها فمشى إليه الاعور هدبة بن فياض بالسيف فأرعدت خصائله فقال كلا زعمت أنك لا تجزع من الموت فأنا أدعك فأبرأ من صاحبك فقال مالى لا أجزع وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا وإنى والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب فقتله وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته فبعثوا إلى معاوية يخبرونه بمقالتهما فبعث إليهم أن ائتونى بهما فلما دخلا عليه قال الخثعمي الله الله يا معاوية فإنك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ثم مسئول عما أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا فقال معاوية ما تقول في على قال أقول فيه قولك قال أتبرأ من دين على الذى كان يدين الله به فسكت وكره معاوية أن يجيبه وقال شمر بن عبد الله من بنى قحافة فقال يا أمير المؤمنين هب لى ابن عمى قال هو لك غير أنى حابسه شهرا فكان يرسل إليه بين كل يومين فيكلمه وقال له إنى لانفس بك على العراق أن يكون فيهم مثلك ثم إن شمرا عاوده فيه الكلام فقاك نمرك على هبة ابن عمك فدعاه فخلى سبيله على أن لا يدخل إلى الكوفة ما كان له سلطان فقال تخير أي بلاد العرب أحب إليك أن أسيرك إليها فاختار الموصل فكان يقول لو قد مات معاوية قدمت المصر فمات قبل معاوية بشهر ثم أقبل على عبد الرحمن العنزي فقال ابه يا أخا ربيعة ما قولك في على قال دعني ولا تسألني فإنه خير لك قال والله لا أدعك حتى تخبرني عنه قال أشهد أنه كان من الذاكرين الله كثيرا ومن الآمرين بالحق والقائمين بالقسط والعافين عن الناس قال فما قولك في عثمان قال هو أول من فتح باب الظلم وأرتج أبواب الحق قال قتلت نفسك قال بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي يقول حين كلم شمر الخثعمي في كريم بن عفيف الخثعمي ولم يكن له أحد من قومه يكلمه فيه فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه أما بعد فإن هذا العنزي شر من بعثت فعاقبه عقوبته التى هو أهلها واقتله شر قتلة فلما قدم به على زياد بعث بن زياد إلى قس الناطف فدفن به حيا قال ولما حمل العنزي والخثعمى إلى معاوية قال العنزي لحجر يا حجر لا يبعدنك الله فنعم أخو إلاسلام كنت وقال الخثعمي لا تبعد ولا تفقد فقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ثم ذهب بهما وأتبعهما بصره وقال كفى بالموت قطاعا لحبل القرائن فذهب بعتبة بن الاخنس وسعد بن نمران بعد حجر بأيام فخلى سبيلهما تسمية من قتل من أصحاب حجر رحمه الله حجر بن عدى وشريك بن شداد الحضرمي وصيفى بن فسيل الشيباني وقبيصة ابن ضبيعة العبسى ومحرز بن شهاب السعدى ثم المنقرى وكدام بن حيان العنزي وعبد الرحمن بن حسان العنزي فبعث به إلى زياد فدفن حيا بقس الناطف فهم سبعة قتلوا وكفنوا وصلى عليهم قال فزعموا أن الحسن لما بلغه قتل حجر وأصحابه قال صلوا عليهم وكفنوهم وادفنوهم واستقبلوا بهم القبلة قالوا نعم قال حجوهم ورب الكعبة.
تسمية من نجا منهم: كريم بن عفيف الخثعمي وعبد الله بن حوية التميمي وعاصم بن عوف البجلى وورقاء بن سمى البجلى والارقم بن عبد الله الكندى وعتبة بن الاخنس من بنى سعد بن بكر وسعد بن نمران الهمداني فهم سبعة * وقال مالك بن هبيرة السكوني حين أبى معاوية أن يهب له حجرا وقد اجتمع إليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير فقال والله لنحن أغنى عن معاوية من معاوية عنا وإنا لنجد في قومه منه بدلا ولا يجد منا في الناس حلفا سيروا إلى هذا الرجل فلنخله من أيديهم فأقبلوا يسيرون ولم يشكوا أنهم بعذراء لم يقتلوا فاستقبلتهم قتلتهم وقد خرجوا منها فلما رأوه في الناس ظنوا أنما جاء بهم ليخلص حجرا من أيديهم فقال لهم ما وراءكم قال تاب القوم وجئنا لنخبر معاوية فسكت عنهم ومضى نحو عذراء فاستقبله بعض من جاء منها فأخبره أن القوم قد قتلوا فقال على بالقوم وتبعتهم الخيل وسبقوهم حتى دخلوا على معاوية فأخبروه خبر ما أتى له مالك بن هبيرة ومن معه من الناس فقال لهم معاوية اسكنوا فانما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها قد طفئت ورجع مالك حتى نزل في منزله ولم يأت معاوية فأرسل إليه معاوية فأبى أن يأتيه فلما كان الليل بعث إليه بمائة ألف درهم وقال له إن أمير المؤمنين لم يمنعه أن يشفعك في ابن عمك إلا شفقة عليك وعلى أصحابك أن يعيدوا لكم حربا أخرى وإن حجر بن عدى لو قد بقى خشيت أن يكلفك وأصحابك الشخوص إليه وأن يكون ذلك من البلاء على المسلمين ما هو أعظم من قتل حجر فقبلها وطابت نفسه وأقبل إليه من غده في جموع قومه حتى دخل عليه ورضى عنه *.
قال أبو مخنف: وحدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق أن عائشة رضى الله عنها بعثت عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام إلى معاوية في حجر وأصحابه فقدم عليه وقد قتلهم فقال له عبد الرحمن أين غاب عنك حلم أبى سفيان قال غاب عنى حين غاب عنى مثلك من حلماء قومي وحملنى ابن سمية فاحتملت *.
قال أبو مخنف: قال عبد الملك بن نوفل كانت عائشة تقول لولا أنا لم نغير شيئا إلا آلت بنا الامور إلى أشد مما كنا فيه لغيرنا قتل حجر أما والله أن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا *.
قال أبو مخنف: وحدثني عبد الملك ابن نوفل عن أبى سعيد المقبرى أن معاوية حين حج مر على عائشة رضوان الله عليها فاستأذن عليها فأذنت له فلما قعد قالت له يا معاوية أأمنت أن أخبأ لك من يقتلك قال بيت الامن دخلت قالت يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه قال لست أنا قتلتهم إنما قتلهم من شهد عليهم *.
قال أبو مخنف: حدثنى زكرياء بن أبى زائدة عن أبى إسحاق قال أدركت الناس وهم يقولون إن أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن على وقتل حجر بن عدى ودعوة زياد *.
قال أبو مخنف: وزعموا أن معاوية قال عند موته يوم لى من ابن الادبر طويل ثلاث مرات يعنى حجرا *.
قال أبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن الحسن قال: أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجرا ويلا له من حجر وأصحاب حجر مرتين * وقالت هند ابنة زيد بن مخرمة الانصارية وكانت تشيع ترثى حجرا ترفع أيها القمر المنير * تبصر هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الامير تخبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد لها محولا * كأن لم يحيها مزن مطير ألا يا حجر حجر بنى عدى * تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير يرى قتل الخيار عليه حقا * له من شر أمته وزير ألا ياليت حجرا مات موتا * ولم ينحر كما نحر البعير فإن يهلك فكل زعيم قوم * من الدنيا إلى هلك يصير وقالت الكندية ترثى حجرا ويقال بل قائلها هذه الانصارية دموع عينى ديمة تقطر * تبكى على حجر وما تقتر لو كانت القوس على أسره * ما حمل السيف له الاعور وقال الشاعر يحرض بنى هند من بنى شيبان على قيس بن عباد حين سعى بصيفي بن فسيل دعى ابن فسيل يا آل مرة دعوة * ولاقى ذباب السيف كفا ومعصما فحرض بنى هند إذا ما لقيتهم * وقل لغياث وابنه يتكلما لتبك بنى هند قتيلة مثل ما * بكت عرس صيفي وتبعث مأتما غياث بن عمران بن مرة بن الحارث بن دب بن مرة بن ذهل بن شيبان وكان شريفا وقتيلة أخت قيس بن عباد فعاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الاشعث في مواطنه فقال حوشب للحجاج بن يوسف إن منا امرءا صاحب فتن ووثوب على السلطان لم تكن فتنة في العراق قط إلا وثب فيها وهو ترابى يلعن عثمان وقد خرج مع ابن الاشعث فشهد معه في مواطنه كلها يحرض الناس حتى إذا أهلكهم الله جاء فجلس في بيته فبعث إليه الحجاج فضرب عتقه فقال بنو أبيه لآل حوشب إنما سعيتم بنا سعيا فقالوا لهم وأنتم إنما سعيتم بصاحبنا سعيا.
فقال أبو مخنف: وقد كان عبد الله بن خليفة الطائى شهد مع حجر بن عدى فطلبه زياد فتوارى فبعث إليه الشرط وهم أهل الحمراء يومئذ فأخذوه فخرجت أخته النوار فقالت يا معشر طيئ أتسلمون سنانكم ولسانكم عبد الله بن خليفة فشد الطائيون على الشرط فضربوهم وانتزعوا منهم عبد الله بن خليفة فرجعوا إلى زياد فأخبروه فوثب على عدى بن حاتم وهو في المسجد فقال ائتنى بعبد الله بن خليفة قال وماله فأخبره قال فهذا شئ كان في الحى لا علم لى به قال والله لتأتينى به قال لا والله لا آتيك به أبدا أجيئك بابن عمى تقتله والله لو كان تحت قدمى ما رفعتهما عنه قال فأمر به إلى السجن قال فلم يبق بالكوفة يمانى ولا ربعى إلا أتاه وكلمه وقالوا تفعل هذا بعدى بن حاتم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانى أخرجه على شرط قالوا ما هو قال يخرج ابن عمه عنى فلا يدخل الكوفة ما دام لى بها سلطان فأتى عدى فأخبر بذلك فقال نعم فبعث عدى إلى عبد الله بن خليفة فقال يا ابن أخى إن هذا قد لج في أمرك وقد أبى إلا اخراجك عن مصرك مادام له سلطان فالحق بالجبلين فخرج فجعل عبد الله بن خليفة يكتب إلى عدى وجعل عدى يمنيه فكتب إليه تذكرت ليلى والشبيبة أعصرا * وذكر الصبى برح على من تذكرا وولى الشباب فافتقدت غضونه * فيالك من وجد به حين أدبرا فدع عنك تذكار الشباب وفقده * وآساره إذ بان منك فأقصرا وبك على الخلان لما تخرموا * ولم يجدوا عن منهل الموت مصدرا دعتهم مناياهم ومن حان يومه * من الناس فاعلم أنه لن يؤخرا أولئك كانوا شيعة لى وموئلا * إذا اليوم ألفى ذا احتدام مذكرا وما كانت أهوى بعدهم متعللا * بشئ من الدنيا ولا أن أعمرا أقول ولا والله أنسى ادكارهم * سجيس الليالى أو أموت فأقبرا على أهل عذراء السلام مضاعفا * من الله وليسق الغمام الكنهورا ولاقى بها حجر من الله رحمة * فقد كان أرضى الله حجر وأعذرا ولا زال تهطال ملث وديمة * على قبر حجر أو ينادى فيحشرا فيا حجر من للخيل تدمى نحورها * وللملك المغزى إذا ما تغشمرا ومن صادع بالحق بعدك ناطق * بتقوى ومن إن قيل بالجور غيرا فنعم أخو الاسلام كنت وإنني * لاطمع أن تؤتى الخلود وتحبرا وقد كنت تعطى السيف في الحرب حقه * وتعرف معروفا وتنكر منكرا فيا أخوينا من هميم عصمتما * ويسرتما للصالحات فأبشرا ويا أخوى الخندفيين أبشرا * فقد كنتما حييتما أن تبشرا ويا إخوتا من حضرموت وغالب * وشيبان لقيتم حسابا ميسرا سعدتم فلم اسمع بأصوب منكم * حجاجا لدى الموت الجليل وأصبرا سأبكيكم ما لاح نجم وغرد ال * حمام ببطن الواديين وقرقرا فقلت ولم أظلم أغوث بن طيئ * متى كنت أخشى بينكم أن أسيرا هبلتم ألا قاتلتم عن أخيكم * وقد ذب حتى مال ثم تجورا ففرجتم عنى فغودرت مسلما * كأنى غريب في إياد وأعصرا فمن لكم مثلى لدى كل غارة * ومن لكم مثلى إذا البأس أصحرا ومن لكم مثلى إذا الحرب قلصت * وأوضع فيها المستميت وشمرا فها أناذا دارى بأجبال طئ * طريدا ولو شاء الاله لغيرا نفاني عدوى ظالما عن مهاجري * رضيت بما شاء الاله وقدرا وأسلمنى قومي لغير جناية * كأن لم يكونوا لى قبيلا ومعشرا فإن ألف في دار بأجبال طئ * وكان معانا من عصير ومحضرا فما كنت أخشى أن أرى متغربا * لحا الله من لاحى عليه وكثرا لحا الله قتل الحضرميين وائلا * ولاقى الفناء من السنان الموفرا ولاقى الردى القوم الذين تحزبوا * علينا وقالوا قول زور ومنكرا فلا يدعنى قوم لغوث بن طئ * لان دهرهم أشقى بهم وتغيرا فلم أغزهم في المعلمين ولم أثر * عليهم عجاجا بالكويفة أكدرا فبلغ خليلي إن رحلت مشرقا * جديلة والحيين معنا وبحترا ونبهان والافناء من جذم طئ * ألم أك فيكم ذا الغناء العشتررا ألم تذكروا يوم العذيب أليتى * أمامكم ألا أرى الدهر مدبرا وكرى على مهران والجمع حاسر * وقتلى الهمام المستميت المسورا ويوم جلولاء الوقيعة لم ألم * ويوم نهاوند الفتوح وتسترا وتنسونني يوم الشريعة والقنا * بصفين في أكتافهم قد تكسرا جزى ربه عنى عدى بن حاتم * برفضى وخذلاني جزاء موفرا أتنسى بلائى سادرا يا ابن حاتم * عشية ما أغنت عديك حذمرا فدافعت عنك القوم حتى تخاذلوا * وكنت أنا الخصم الالد العذورا فولوا وما قاموا مقامي كأنما * رأوني ليثا بالاباءة مخدرا نصرتكم إذخام القريب وأبعط ال * بعيد وقد أفردت نصرا مؤزرا فكان جزائي أن اجرد بينكم * سجينا وأن أولى الهوان وأوسرا وكم عدة لى منك أنك راجعي * فلم تغن بالميعاد عنى حبترا فأصبحت أرعى النيب طورا وتارة * أهرهر ان راعى الشويهات هرهرا كأنى لم أركب جوادا لغارة * ولم أترك القرن الكمى مقطرا ولم أعترض بالسيف خيلا مغيرة * إذا النكس مشى القهقرى ثم جرجرا ولم أستحث الركض في إثر عصبة * ميممة عليا سجاس وأبهرا ولم أذعر الايلام منى بغارة * كورد القطا ثم انحدرت مظفرا ولم أر في خيل تطاعن بالقنا * بقزوين أو شروين أو أغز كندرا فذلك دهر زال عنى حميده * وأصبح لى معروفه قد تنكرا فلا يبعدن قومي وإن كنت غائبا * وكنت المضاع فيهم والمكفرا ولا خير في الدنيا ولا العيش بعدهم * وإن كنت عنهم نائى الدار محصرا فمات بالجبلين قبل موت زياد وقال عبيدة الكندى ثم البدى وهو يعير محمد ابن الاشعث بخذلانه حجرا أسلمت عمك لم تقاتل دونه * فرقا ولولا أنت كان منيعا وقتلت وافد آل بيت محمد * وسلبت أسيافا له ودروعا لو كنت من أسد عرفت كرامتي * ورأيت لى بيت الحباب شفيعا.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] نک: بلاذري، انساب الأشراف، القسم الرابع، الجزء الأول، بنو عبد شمس، به کوشش احسان عباس، ويسبادن/بيروت، 1400ق/1979م، ص 242 تا 271
[2] نک: ابو العرب، المحن، ص 130-132
[3] نک: بخش حجر همراه بخش مربوط به سيد الشهداء مستقلا وسيله سهيل زکار منتشر شده است: دمشق، 1410ق، بخش ابو معشر در: ص 145 و 146؛ 153 و 154
چهارشنبه ۱۲ دي ۱۳۸۶ ساعت ۰:۱۱